قالت مصادر إن سياسيين معارضين مواليين للإصلاح في إيران يعتزمان إعلان تأييدهما هذا الشهر لانتخاب الرئيس حسن روحاني لفترة أخرى في سبيل حشد التأييد له وسط استياء بعض الناخبين من بطء وتيرة التغيير.
وحقق روحاني فوزاً كاسحاً في الانتخابات عام 2013 بناء على وعود بتخفيف عزلة إيران الدولية وتحقيق انفتاح في المجتمع. ورشح روحاني نفسه لولاية ثانية أمام خمسة مرشحين آخرين أغلبهم من المحافظين البارزين في انتخابات تجرى في 19 أيار (مايو) على أن تجرى جولة إعادة بعد ذلك بأسبوع إذا لم يحصل أحد المرشحين على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات في الجولة الأولى.
ورسخ روحاني خلال فترته الأولى إرثه السياسي بإبرام اتفاق تاريخي مع قوى عالمية للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات المالية الدولية.
لكن حتى مؤيديه أقروا بأنه حقق تقدماً ضئيلاً فحسب على صعيد أجندته الداخلية بعد أن قال إن الإيرانيين يجب أن يتمتعوا بالحقوق عينها التي يتمتع بها شعوب حول العالم.
ويقول بعض المنتقدين الإصلاحيين إن روحاني أهمل قضية كبح سلطات قوات الأمن والحد من القيود على ملبس وسلوك وحديث واجتماعات الإيرانيين.
وعلى الرغم من ذلك قال متحدث إن زعيمي حركة الإصلاح في البلاد وهما رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي سيحثان الناخبين على دعم الرئيس.
وقال أردشير أمير أرجمند وهو متحدث باسم الزعيمين الخاضعين للإقامة الجبرية في المنزل ويقيم في باريس «الزعيمان كما في الانتخابات السابقة سيدعمان المرشح الذي يدعمه الفصيل الموالي للإصلاح».
وقال مصدر آخر مقرب من زعيمي المعارضة «سيعلن موسوي وكروبي دعمهما لروحاني قبل أيام قليلة من التصويت الذي يجرى في 19 ايار (مايو)».
وحظي روحاني بالفعل بدعم الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يعتبر الزعيم الروحي للإصلاحيين والذي أعلن تأييده للرئيس عبر موقعه يوم الثلاثاء. ومن المحظور على الصحف الإيرانية ومحطات البث نشر صورة الرئيس السابق أو ذكر اسمه.
وسيتطلع الكثير من الناخبين الإصلاحيين إلى إرشاد موسوي وكروبي اللذين ترشحا للرئاسة في 2009 عندما أدى الاحتجاج على فوز المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد بالرئاسة لخروج أكبر مظاهرات في إيران منذ الثورة الإسلامية في 1979.
والرجلان رهن الإقامة الجبرية في المنزل لمدة ست سنوات على الرغم من أنهما لم يدانا بأي جريمة. ويتلهف الإصلاحيون لتصريحاتهما عبر الإنترنت من مقر الإقامة الجبرية.
وقالت مريم زاري (19 عاماً) وهي إيرانية ستدلي بصوتها للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية المقبلة إنها ستصوت فقط إن تلقت تعليمات بذلك من كروبي وموسوي.
وأضافت «سأصوت لأي كان من يدعمانه».
وقال آخرون إنهم سيدعمون روحاني ولكن على مضض.
وقال مراد بهمانيش وهو مدرس موسيقى في مدينة يزد بوسط البلاد «إنه جزء من المؤسسة. نحن مضطرون للتصويت لأخف الضررين… ماذا حدث لوعود روحاني بالإفراج عن زعيمي المعارضة من الإقامة الجبرية؟».
أولويات
وصلاحيات الرئيس المنتخب محدودة وفقا لنظام الحكم في إيران إذ تقيدها سلطة منصب الزعيم الأعلى الذي يشغله منذ عام 1989 رجل الدين المحافظ آية الله علي خامنئي.
وخلال الفترة الرئاسية لروحاني حظي الرئيس بدعم حذر من خامنئي في الاتفاق النووي. لكن تبين أن إقناع الزعيم الأعلى بقبول تغييرات اجتماعية مهمة أكثر صعوبة.
ويقول بعض حلفاء روحاني إنه سيتمكن الآن من تحقيق مزيد من التقدم في أجندته الداخلية إذا فاز بتفويض جديد وواضح بولاية ثانية لأربع سنوات لأن فوزه سيثبت للمحافظين أن الناس تريد التغيير.
وقال مسؤول كبير في حكومة روحاني طلب عدم ذكر اسمه «الإيرانيون يريدون أن يكونوا أحراراً ويعيشون بحرية. إنهم لا يعارضون الجمهورية الإسلامية. الناس سيستمرون في الكفاح من أجل حقوقهم».
لكن جماعات دولية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ونشطاء في إيران يقولون إن خطوات قليلة للغاية اتخذت نحو حريات سياسية واجتماعية أكبر خلال ولاية روحاني الأولى. ويقبع عشرات النشطاء والصحفيون والمدونون والفنانون في السجن لأسباب سياسية.
وعادة ما يشير روحاني إلى أنه لا يملك سلطة على مثل تلك الاعتقالات التي ينفذها في الأغلب القضاء الذي يغلب عليه المحافظون والحرس الثوري الإيراني.
وقال رضا (28 عاماً) وهو إصلاحي قضى فترة وجيزة في السجن بعد انتخابات 2009 وطلب عدم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية «فقدت أملي في قدرة روحاني على إصلاح البلاد. تركيزه الأساسي كان على الاقتصاد وليس على تحسين الحقوق المدنية».
وحقق الرئيس بعض النجاحات بشأن وعود تخفيف القيود على الإنترنت لكن دخول مواقع التواصل الاجتماعي ظل محظوراً رسمياً على الرغم من أن روحاني وخامنئي ومسؤولين آخرين لديهم حساباتهم الخاصة على تويتر.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش العام الماضي إن روحاني فشل في الوفاء بوعوده بتحقيق احترام أكبر للحقوق المدنية والسياسية. وفي 2015 قالت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك إن الصحفيين المحبوسين في إيران يفوق عددهم من اعتقلوا في أي دولة في العالم بخلاف الصين ومصر.
ولم تكشف السلطات عن العدد الإجمالي للسجناء السياسيين في إيران. كما اعتقلت السلطات نحو 12 شخصاً يحملون جنسيات أخرى لاتهامات تعتبرها جماعات حقوق الإنسان سياسية.
وقال لويس شاربونو مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة هيومن رايتس ووتش «من سيفوز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية يجب عليه أن يضع تحسين وضع حقوق الإنسان القاتم كأولوية».
وتابع قائلاً «حافظت إيران على أعلى معدل إعدامات بالنسبة الى عدد السكان في العالم لسنوات طويلة… إذ أعدمت 530 شخصاً العام الماضي الكثير منهم لتهم متعلقة بالمخدرات وعدد منهم قصر».
وسيستفيد روحاني من عدم وجود خيار آخر غيره أمام الناخبين الإصلاحيين إذ يتعرض المرشحون للتدقيق من هيئة محافظة.
وقال سعيد ليلاز وهو اقتصادي بارز سجن في عهد أحمدي نجاد لانتقاده السياسة الاقتصادية وهو قريب حالياً من حكومة روحاني إن الناخبين الإصلاحيين سيكون عليهم الحكم على روحاني في سياق ما هو ممكن في إطار النظام القائم.
وتابع قائلاً «فشل روحاني في الوفاء بكل وعوده بشأن الإصلاح الاجتماعي سيؤثر على التصويت… لكن الإيرانيين يدركون جيداً حدوده وإنجازاته».
رويترز