الحكومة السورية «لا تزال تنتج أسلحة كيمياوية داخل منشآت بحثية»
قالت وكالة استخبارات غربية لبي بي سي إن الحكومة السورية لا تزال تنتج أسلحة كيمياوية، في انتهاك لاتفاق مبرم عام 2013 يقضي بالتخلص من تلك الأسلحة.
وتشير وثيقة استخباراتية إلى أن أسلحة كيمياوية وبيولوجية تنتج في ثلاثة مواقع رئيسية، بالقرب من دمشق وحماة، وأن إيران وروسيا، حليفتا دمشق، على علم بذلك.
وتقول قوى غربية إن طائرات سورية أطلقت قنابل تحتوى على غاز الأعصاب (السارين)، استهدفت بلدة خان شيخون التي تخضع لسيطرة المعارضة قبل نحو شهر، مما أسفر عن مقتل نحو 90 شخصاً.
وشنت الولايات المتحدة قصفا صاروخيا على قاعدة جوية سورية، رداً على ذلك الهجوم الذي استهدف البلدة والذي قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه ملفق.
وتقول الوثيقة الاستخباراتية، التي حصلت بي بي سي على نسخة منها، إن الأسلحة الكيمياوية السورية تصنع في ثلاثة مواقع وهي: مدينة مصياف بمحافظة حماة، وضاحيتا برزة ودَمَر خارج العاصمة دمشق.
وتعد المواقع الثلاثة فروعاً لمركز الدراسات والأبحاث العلمية، وهو هيئة حكومية، حسبما تقول الوثيقة.
وعلى الرغم من مراقبة تلك المواقع من جانب منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، تقول الوثيقة إن تصنيع وصيانة تلك الأسلحة مستمر في أقسام مغلقة داخلها.
وتضيف الوثيقة أن منشأتي مصياف وبرزة متخصصتان في تركيب الأسلحة الكيمياوية وفي الصواريخ طويلة المدى وقذائف المدفعية.
وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية قد أشارت إلى برزة ودَمَر، التي تعرف أيضاً بـ جَمرايا، في تقريرها الرسمي الأخير بشأن التقدم المحرز في التخلص من الأسلحة الكيمياوية السورية.
وقالت المنظمة إن مفتشيها زاروا الموقعين، في الفترة ما بين 26 من شباط (فبراير) إلى الخامس من آذار (مارس) الماضي، وإنها تنتظر نتائج تحليل العينات التي أخذت منهما.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على 271 شخصاً من العاملين بمركز الدراسات والأبحاث العلمية السوري، بعد ثلاثة أسابيع من هجوم خان شيخون، متهمة المركز بالتركيز على تصنيع أسلحة غير تقليدية.
وتقول حكومة بشار الأسد إن مركز الدراسات والأبحاث العلمية مؤسسة بحثية مدنية.
وقال مصدر على صلة وثيقة ببروتوكولات التفتيش على الأسلحة إنه من المقبول أن تكشف حكومة ما عن بعض منشآت في موقع بعينه لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، ومن ثم تعطي المفتشين حق الدخول إلى تلك المنشآت فقط.
وتتهم الوثيقة الاستخباراتية الحكومة السورية أيضاً بأنها أعلنت كذباً أن العمل في أحد هذه الفروع البحثية يهدف إلى أغراض دفاعية، بينما استمر العمل في الحقيقة لتطوير قدرات هجومية.
وعلاوة على ذلك، سمَّت الوثيقة مسؤولاً رسمياً رفيع المستوى يدعى بسام حسان، باعتباره لعب دوراً رئيسياً في إصدار الأوامر باستخدام الأسلحة الكيمياوية.
ووصف هذا الشخص في قائمة العقوبات الأميركية، التي صدرت عام 2014، باعتباره ممثل الرئيس بشار الأسد في مركز الدراسات والأبحاث العلمية، وهو برتبة عميد.
وفي بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إلى بي بي سي، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إنها طالبت السلطات السورية بالكشف عن المنشآت التابعة لمركز الدراسات والأبحاث العلمية ذات الصلة الحقيقية بإنتاج الأسلحة الكيماوية، وذلك بموجب التزاماتها بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، وهي معاهدة دولية تمنع استخدام تلك الأسلحة.
وعلى الرغم من أن السلطات السورية أعلنت أقساماً من هذه المواقع، إلا أن البيان قال إن هذا «ليس كافياً حتى الآن».
وقالت المنظمة إنها «ليست في وضع يمكِّنها من أن تؤكد أن الإعلان السوري كامل ودقيق».
وأضاف بيان المنظمة أن الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيمياوية ستحصل قريباً على تقرير بشأن عمليات التفتيش الأخيرة.
واضطرت سوريا للتخلي عن مخزون أسلحتها الكيمياوية بعد اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا عام 2013 عندما وقع الأسد على معاهدة حظر الأسلحة الكيمياوية.
وأُبرم الاتفاق في أعقاب هجوم كيمياوي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص في مناطق تسيطر عليها المعارضة في منطقة حزام الغوطة الزراعي حول دمشق.
وقالت الأمم المتحدة إن غاز السارين الذي استخدم في الحادث، وهو غاز الأعصاب عينه المنصوص عليه في اتفاقية الأسلحة الكيمياوية، وقالت الحكومة الفرنسية وحكومات أخرى إنه استخدم في خان شيخون.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إن نحو 87 شخاص قتلوا في خان شيخون.
وأظهر فيديو نشر بعد ساعات من شن الغارة الجوية المزعومة مواطنين يعانون من ضيق تنفس وإفرازات من الفم، وهي بعض الأعراض التقليدية نتيجة تسمم بغاز السارين وغازات الأعصاب الأخرى.
ونشرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان تقريراً يوم الاثنين يزعم أن حادث خان شيخون يعد جزءاً من نمط أوسع يشير إلى استخدام قوات الحكومة السورية لأسلحة كيمياوية، من بينها ثلاث هجمات باستخدام غازات أعصاب منذ شهر كانون الأول (ديسمبر).
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد استشهد بصور الأطفال في الحادث كواحدة من الأسباب التي جعلته يتخذ قراراً مغايراً للسياسة السابقة بشأن سوريا وشن ضربة باستخدام صواريخ كروز.
واستهدف الهجوم الصاروخي قاعدة الشعيرات الجوية التي تقول الولايات المتحدة إنه المكان الذي شن منه الهجوم الكيمياوي.
وتنفي الحكومة السورية استخدام أسلحة كيمياوية، وقال الرئيس الأسد إن الاتهامات الموجهة لقواته في الرابع من نيسان (ابريل) «ملفقة مئة بالمئة».
وأكد خلال مقابلة لوكالة فرانس برس الشهر الماضي أنه تخلى عن ترسانته بالكامل بموجب اتفاق 2013.
وقال: «لا يوجد أي أمر بشن أي هجوم، ليست لدينا أي أسلحة كيمياوية، لقد تخلينا عن ترسانتنا قبل سنوات. حتى وإن كان لدينا (أسلحة كيمياوية)، لن نستخدمها، لم نستخدم إطلاقاً ترسانتنا الكيمياوية على مدار تاريخنا».
في ذات الوقت قالت وزارة الدفاع الروسية إن غارة جوية استهدفت مخزناً للذخيرة الكيمياوية تابع لما وصفتهم بمسلحين في منطقة خان شيخون أسفرت عن تسرب مواد كيمياوية قاتلة.
وتخضع المنطقة لسيطرة مجموعات من بينها هيئة تحرير الشام، التي تضم مقاتلين كانوا ينتمون في السابق لتنظيم القاعدة.
ودعت روسيا وإيران إلى فتح تحقيقات «دقيقة وغير منحازة» بشأن حادث خان شيخون، وأصرتا على أن جماعات المعارضة والجماعات الجهادية في سوريا هي التي تمتلك أسلحة كيمياوية.
بي بي سي