استنفار فصائل المعارضة في درعا تحسباً لهجوم قوات النظام
على أحد خطوط الجبهة في مدينة درعا، ينهمك المقاتل المعارض عطالله قطيفان مع رفاقه منذ بضعة أسابيع في تعزيز مواقعهم وتحصينها، بناء على تعليمات من قادتهم اثر أنباء عن حشد النظام لقواته استعداداً لهجوم قريب.
ويقول قطيفان (25 عاماً) لوكالة فرانس برس بينما يرابط على خط الجبهة في سوق وسط درعا «أقضي يومي على جبهات القتال في «التدشيم» والتحصين ومتابعة أعمال الرصد»، موضحاً «تبلغنا من القيادة الاستعداد لأي هجوم من قبل النظام، ورفعنا الجاهزية التامة».
ويضيف المقاتل «طيران الاستطلاع لا يفارق أجواء المدينة، وتحصل اشتباكات يومية بيننا وبين قوات النظام في المدينة. حاولوا التسلل الى نقاطنا أكثر من مرة والحمدلله تصدينا لهم وأعدناهم خائبين».
وبعد حسم قوات النظام معركة الغوطة الشرقية، التي كانت تعد آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، وانهماكها في تأمين العاصمة، رجح محللون أن تشكل محافظة درعا الوجهة المقبلة للجيش وحلفائه لأسباب عسكرية واقتصادية في آن معاً.
على جبهة حي المنشية في جنوب غرب درعا، يوضح المقاتل فهد أبو حاتم (29 عاماً) لفرانس برس «بعد سقوط الغوطة صعّد النظام الضرب علينا، بصواريخ أرض أرض والراجمات والهاون والدبابات والمدفعية الثقيلة».
وترد الفصائل بتحصين مواقعها على طول خطوط الجبهة عبر «حفر الخنادق ووضع متاريس جديدة» وفق أبو حاتم.
وتسيطر فصائل معارضة تعمل تحت مظلة النفوذ الأردني والأميركي، على سبعين في المئة من محافظة درعا وعلى أجزاء من المدينة مركز المحافظة بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتتواجد الفصائل المعارضة عملياً في المدينة القديمة الواقعة في القسم الجنوبي من درعا فيما تحتفظ قوات النظام بسيطرتها على الجزء الاكبر شمالاً، حيث الأحياء الحديثة ومقرات مؤسسات الدولة.
ووفرت السيطرة على الغوطة الشرقية قوات لا يستهان بها كانت ترابض على الجبهات منذ العام 2012. واستقدم النظام في الأسابيع الأخيرة دفعات جديدة من التعزيزات العسكرية الى درعا، وفق المرصد.
رفع مستوى التنسيق
دفعت هذه التعزيزات الفصائل الى حالة من الاستنفار خشية من هجوم قريب لقوات النظام.
ويقول القيادي الميداني في غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، تضم عدداً من الفصائل في مدينة درعا، إبراهيم مسالمة (27 عاماً) «هناك استعداد لمواجهة وصد أي محاولة تقدم يقوم بها نظام الأسد».
ويشير الى «رفع مستوى التنسيق بين الفصائل من القنيطرة غرباً حتى حدود السويداء شرقاً بين فصائل الجبهة الجنوبية».
ويوضح «تلقينا نصائح من حلفاء (خارج سوريا) فصائل الجبهة الجنوبية بالحفاظ على خفض التصعيد ما لم يتم خرقه من قبل نظام الأسد والمليشيات الموالية له» في اشارة الى الأردن والولايات المتحدة أبرز داعمي هذه الفصائل.
وتشكل أجزاء من محافظات درعا والقنيطرة والسويداء في جنوب سوريا احدى مناطق خفض التوتر التي نتجت عن محادثات استانا. واتفقت روسيا مع الولايات المتحدة والأردن في تموز (يوليو) على وقف اطلاق النار فيها.
وتعد درعا من أبرز المناطق التي تراجعت فيها وتيرة العمليات القتالية خلال الأشهر الماضية جراء اتفاق خفض التوتر.
وتحظى درعا بأهمية مزدوجة لدى الفصائل والنظام في آن معاً، إذ شهدت انطلاقة شرارة أولى الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في آذار (مارس) 2011. وتسعى دمشق على وجه الخصوص الى اعادة السيطرة على معبر نصيب الرئيسي مع الاردن، وهو ما تدركه الفصائل وفق مسالمة.
وتسيطر الفصائل المعارضة منذ العام 2015 على هذا المعبر، الذي يمكن أن يشكل متنفساً مالياً لدمشق اذ كانت تنتقل عبره معظم البضائع بين سوريا وكل من الأردن والخليج.
وحاولت قوات النظام العام الماضي مراراً التقدم الى أحياء سيطرة الفصائل في المدينة وخاضت ضدها معارك عنيفة من دون أن تحرز تقدماً.
«المتضرر الأول»
رغم الاستعدادات على خطوط الجبهات، يخشى المدنيون أن تتعرض المدينة لحملة عسكرية جديدة.
وتروي أم محمد البغدادي (45 عاماً) وتعمل ممرضة في مشفى ميداني أنه في الفترة الأخيرة «هناك ضرب وقصف وجرحى يومياً».
وتقول «طبعاً لا نقول إننا لا نخاف من التصعيد أكثر، لأنه بعد انتهاء الغوطة سيحاول النظام ان يكثف القصف على أي محافظة أو منطقة ضده (…) والهدف اخماد الثورة بشكل عام خصوصاً في محافظة درعا».
ويعيش في الأحياء تحت سيطرة الفصائل في درعا أكثر من ثلاثين الف نسمة، يعانون وفق المجلس المحلي في المدينة، من نقص حاد في الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء جراء تضرر البنى التحتية بسبب القصف خلال سنوات النزاع.
ويحذر رئيس المجلس المحلي محمد عبد المجيد مسالمة (38 عاماً) من أن «المدنيين من نساء وأطفال سيكونون المتضرر الأول من أي تصعيد عسكري وبمثابة ورقة ضغط كبيرة على فصائل الثورة لتحقيق أي نصر عسكري يطمح له النظام».
ويكرر المقاتلون أنهم لا يخشون مصيراً مشابهاً لمصير مقاتلي الأحياء الشرقية في حلب أو فصائل الغوطة الشرقية، التي رضخت بعد سنوات من الحصار واثر هجوم عنيف لمطلب اجلاء مقاتليها الى مناطق الشمال السوري.
ويقول محمد المصري (60 عاماً) وهو عضو في المجلس المحلي «نقول للنظام درعا ليست الغوطة. نحن في المنطقة الجنوبية منطقة موحدة وشبان الجيش الحر متماسكون».
ويضيف ان خطوط الارتباط «متماسكة والحاضنة الشعبية والجيش الحر متفقون على أن درعا بلدنا وسنصمد فيها».
ا ف ب