سخونة الجنوب تحرق وتدمر… و«انجازات» حكومية تغرق المواطنين في البؤس
الحديث اليومي عن الاشتباكات الدائرة على الحدود الجنوبية بين حزب الله واسرائيل، ومحاولات بعض الاطراف للعودة الى القرار 1701 وتنفيذه بالكامل، اصبح تكراراً لان احداثه تتكرر يومياً مع تسجيل سخونة لافتة تمتد من الحدود لتشمل الجنوب والبقاع، موقعة القتلى والجرحى، ومشعلة الحرائق، التي تقضي على مساحات واسعة من المزروعات، وكان اخرها حريق في مرجعيون قضى على مزروعات القمح، فضلاً عن تدمير ممنهج للمنازل، حتى اصبحت القرى الجنوبية شبيهة بقطاع غزة، والهدف الاسرائيلي كشف المنطقة على مسافات واسعة.
وعلى هذه الاعتداءات يرد حزب الله بالمثل مستخدماً المسيرات الانقضاضية والصواريخ المتعددة الانواع من الكاتيوشا الى صواريخ بركان وغيرهما، ملحقاً بالشمال الاسرائيلي خسارة لا تقل عن الخسائر التي تلحق بلبنان. وازاء هذا الوضع تعالت التهديدات المعادية ووصل الامر بوزير المالية سموتريتش الى توجيه الدعوة لقصف بيروت، التي وصفها بانها عاصمة الارهاب واشغال لبنان لمدة عشرين سنة على اعادة بناء ما يتهدم. كذلك كانت هناك نداءات شعبية اسرائيلية تطالب الجيش بشن حرب على حزب الله، وابعاده عن الحدود. هذه التطورات تترافق مع محاولة اسرائيل التهرب من مقترح بايدن، الذي هو في الاساس من صنعها لان وقف القتال لا يناسب رئيس الحكومة الاسرائىلية.
والحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية اصبح هو الاخر تكراراً. هناك محاولات خارجية تسعى لتنفيذ هذا الاستحقاق، ووضع لبنان على السكة الصحيحة، بعد تشكيل حكومة فاعلة، الا ان المعنيين اللبنانيين، وبالتحديد المجلس النيابي، لا يزالون يصمون اذانهم، غير عابئين بما وصل اليه الوضع. لذلك لا بد من صرف النظر عن هذين الواقعين والتطرق الى ما يصيب المواطنين من ظلم على ايدي نصف حكومة لا تمثل احداً ولكنها تتحكم بمصير الناس. فقد اصدرت قراراً بتفعيل دفع رسوم ميكانيك السيارات، وفوجىء المواطنون برسوم لا تخطر على بال. فالاشارة التي تلصق على الزجاج الامامي للتدليل على ان الرسوم دفعت، وكانت بثمانية الاف ليرة، سعرتها الحكومة بمليون ليرة… نعم مليون ليرة، ودون الحصول عليها لانها غير موجودة اصلاً فهل من يصدق؟ كل ذلك والشعب لا يتحرك.
«الانجاز» الاخر فرضت المصارف على حسابات المودعين المنهوبة رسوم تشغيل ترتفع من اسبوع الى اسبوع حتى تكاد تضع الوديعة هذا دون ان يحق للمواطن لا الاعتراض ولا سحب امواله. انها خطة مدبرة هدفها القضاء على ما تبقى من ودائع. كل ذلك والشعب لا يتحرك .
«الانجاز» الثالث: رفعت الحكومة رسم المياه من ثلاثماية وخمسين الف ليرة الى اربعة عشر مليوناً، وبدأت وقبل توقف هطول المطر بقطع المياه عن المنازل، وراح المواطنون يبحثون عن الصهاريج لتأمين هذه السلعة الضرورية للحياة، وارغامه على دفع ملايين تعادل الملايين التي تستوفيها هي. كل ذلك والشعب لا يتحرك.
الانجاز الرابع: رفعت الحكومة رسوم الكهرباء حتى فاقت المعقول واعدة بتأمين التيار بين الثماني والعشر ساعات. ولما بدأت بجمع المال نسيت تأمين التيار، وبقي المواطن يدفع ملايين كثيرة للمولدات التي تشتهر بالجشع، وملايين مماثلة لشركة الكهرباء. كل ذلك والشعب لا يتحرك.
الانجاز الخامس: غابت الحكومة عن حماية حقوق المواطنين، فاطلقت يد المدارس الخاصة لتخط ارقام الاقساط بالاف الدولارات، دون رقيب او حسيب وبعيداً عن الاشراف على الموازنات التي يفترض ان تكون شفافة. فكأن هناك مخططاً لنشر الامية، لان المدارس الخاصة اصبحت عصية على 90 بالمئة من الشعب اللبناني والمدارس الرسمية لا تتسع لهذا العدد الهائل الذي سينزح اليها، فضلاً عن انها ليست على المستوى المطلوب تعليمياً، واصبحت المدارس الخاصة لطبقة صغيرة من اللبنانيين. كل ذلك والشعب صامت لا يتحرك.
واذا اردنا ان نواصل تعداد «انجازات» هذه النصف حكومة لاحتجنا الى مجلدات، لانها منذ تشكيلها وهي ترتكب الاخطاء، وان اجتمعت تتخذ القرارات، وهذا ليس من حقها لانها حكومة تصريف اعمال بالحد الادنى، وغير حائزة على ثقة المجلس النيابي المتقاعس هو الاخر عن القيام بواجباته الدستورية. ورغم كل ذلك يتهربون من انتخاب رئيس يضع البلاد على طريق النهوض كل هذا والشعب صامت لا يتحرك مع انه يملك مفتاح التغيير. فالى متى؟