حرب الجنوب الى تصعيد وتوسع وهوكستين يدخل مجدداً على الخط وانتخاب رئيس لا يزال بعيد المنال

لم يكن العالم كله يوماً باستثناء الولايات المتحدة، ضد سياسية الحكومة الاسرائيلية، مثلما هو عليه اليوم. لقد خسرت تل ابيب بسبب التعالي الذي تمارسه في حرب غزة وما يجر من جرائم ومجازر، تأييد حتى اقرب المقربين اليها، وهذا يعني ان هذه القضية التي تجر منذ عقود طويلة قاربت الى نهايتها وادرك العالم ان الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو في تطبيق حل الدولتين، والاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وهذا ما تعمل عليه الولايات المتحدة، وتسعى الى تنفيذ العرض الذي قدمه الرئيس جو بايدن. وعلى الرغم من معارضة وزيرين عنصرين حاقدين في الحكومة الاسرائيلية هما ايثمار بن غفير ويسرائيل سموتريتش، اجتمعت الحكومة مساء امس وناقشت العرض الاميركي وردود الفعل الداخلية والخارجية عليه، وهي تدرك انها الفرصة الاخيرة لانقاذ الرهائن واطلاقهم. فماذا ستحمل الساعات المقبلة؟
الوضع العسكري في غزة وفي الجنوب اللبناني يشهد تصعيداً كبيراً وتوسعاً في رقعة الاشتباكات وقد طاولت الغارات الجوية، التي امتدت من الجنوب اللبناني الى البقاع، عدداً من القرى والبلدات من مرجعيون الى بعلبك مدمرة المنازل وموقعة المزيد من الضحايا مشعلة الحرائق بالقنابل الفوسفورية. ومن الطبيعي ان يرد حزب الله على هذه الاعتداءات باطلاق الصواريخ والمسيرات الانقضاضية، واستطاع تدمير القبة الحديدية في بعض المواقع، وكذلك التجهيزات التجسسة مكبداً الجيش الاسرائيلي المزيد من الخسائر. كما امطر المراكز المعادية في الجولان بعدد كبير من الصواريخ.
ويأتي هذا التصعيد عشية لقاء النورماندي بين الرئيسين الاميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون، وسيكون ملف الجنوب اللبناني على الطاولة. وتردد ان مستشار الامن القومي الاميركي وليام بيريز يعمل من اجل التهدئة بين اسرائيل وحزب الله، وكانت الاوساط اللبنانية قد انشغلت بالمبادرة التي يعمل عليها مستشار الرئيس الاميركي اموس هوكستين وهي على ثلاث مراحل: المرحلة الاولى وقف الاشتباك وعودة النازحين من المستوطنات الاسرائيلية الى منازلهم وعودة النازحين الجنوبيين اللبنانيين الى منازلهم ايضاً. المرحلة الثانية دعم الجيش اللبناني مادياً ليتمكن من تجنيد المزيد من الجنود والانتشار بكثافة في المنطقة الممتدة من الحدود الى نهر الليطاني. والمرحلة الثالثة تسوية الخلافات حول بعض النقاط الحدودية واعادة تثبيت خط الهدنة للعام 1949. ويبدو ان هذه المبادرة لم تلق رفضاً، غير ان تنفيذها يحتاج الى موافقة على وقف الاشتباكات.
على الصعيد السياسي وانتخاب رئيس للجمهورية لم يطرأ اي جديد، فقد غادر الموفد الرئاسي الفرنسي الفرنسي جان ايف لودريان بيروت عائداً الى بلاده، دون ان يحقق اي نتيجة ملموسة. فزيارته السادسة لم تختلف من حيث النتائج عن سابقاتها، وان كانت بعض الانباء الصحافية تحدثت نقلاً عن لودريان قوله: ان زيارته لم تكن فاشلة وانه لمس تغييراً في موقف حزب الله الذي ذكر ان انتخاب رئيس للجمهورية غير مرتبط بحرب غزة. وكذلك موقف «امل»، حيث قبل الرئيس بري بالتشاور بين الكتل بدل الحوار الذي دعا اليه. ويقول لودريان انه سيعود لمتابعة هذه المهمة. الا ان كل ذلك يبقى مجرد تكهنات وشائعات ولم يصدر اي تأكيد رسمي له. وفي هذا الاطار تواصل اللجنة الخماسية المهتمة بلبنان والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر اتصالاتها بواسطة سفرائها في لبنان، محاولة تبديل مواقف الكتل النيابية وتحقيق التقارب بينها، للوصول الى الغاية المنشودة، اي انتخاب رئيس للجمهورية. كذلك تستمر قطر التي تسعى جاهدة لحل هذه الازمة، في بذل الجهود من اجل جمع الكلمة اللبنانية حول مرشح او لائحة من الاسماء لاختيار رئيس من بينها. ولهذه الغاية وبعد الزيارة التي قام بها الوزير السابق ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق ايضاً وليد جنبلاط، على رأس وفد ضم نجله النائب تيمور جنبلاط والسيدة نورا عقيلة الوزير وليد جنبلاط والنائب ابو الحسن الى قطر حيث قابلوا عدداً من كبار المسؤولين القطريين، وعلى رأسهم امير البلاد تميم بن حمد، غادر ظهر امس متوجهاً الى الدوحة، وفد من حزب القوات اللبنانية، يضم النائبين بيار ابو عاصي وملحم الرياشي والدكتور جوزف جبيلي عضو الهيئة التنفيذية في القوات وذلك لتمثيل الحزب ورئيسه الدكتور سمير جعجع في لقاء كبار المسؤولين القطريين. وذكرت وسائل الاعلام ان الزيارة ستستمر حتى يوم الخميس المقبل، يقابل خلالها الوفد عدداً من كبار المسؤولين وقد يكون له لقاء مع امير قطر تميم بن حمد. فهل تتلاقى كل هذه الجهود وبدعم من القمة الاميركية – الفرنسية في حمل اللبنانيين على التوافق حول مرشح حيادي، لا ينتمي الى اي فريق من الافرقاء المتصارعة، ويكون على مستوى المرحلة، فيشكل حكومة حيادية ايضاً وفاعلة تبدأ مسيرة الاصلاح والنهوض بالبلاد. فانتخاب رئيس اذا لم يأت في اطار سلة متكاملة متفق عليها وحولها، فان النتائج تكون سلبية. فهل حان الوقت لاخراج لبنان من هذا الجحيم الذي اغرق فيه على مدى سنوات طويلة؟