لبنان اليوم في بروكسل لعرض ازمة النازحين ولودريان غداً في بيروت ومسبقاً النتائج لا شيء
الحرب في الجنوب اللبناني مستمرة، وتحافظ على سخونة لافتة تعطل الحياة السياسية وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية، والحياة الاقتصادية. وكان وفد صندوق النقد الدولي واضحاً عندما اعلن ان لا اصلاح انجز ولا خطط تعاف نفذت وبالتالي فان مساعدة لبنان على النهوض لا تزال بعيدة. ورغم كل ذلك تبادر القوى الخارجية المهتمة بلبنان، مثل فرنسا واللجنة الخماسية ومستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين، الى تذكير السياسيين اللبنانيين بان البلاد بلا رئيس للجمهورية وان الحياة لا يمكن ان تسير بشكل طبيعي بدون رأس، الا ان هؤلاء يديرون الاذن الصماء، ولا يبادرون، ولو من باب رفع العتب، الى التجاوب مع هذه الدعوات، ويبدو انهم مرتاحون الى الوضع القائم. فهم مجموعات تدعي السياسة وهي متناقضة مع بعضها البعض وكل مجموعة تقبع في بقعة من هذه الارض دون ان تهتم بما يجري في الوطن ككل. ولا بد من شكر القوى الخارجية وخصوصاً فرنسا لانها تذكر الجميع بلبنان، والا كان دخل عالم النسيان.
منذ ايام حصل اتصال بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وتناول الحرب في غزة وفي لبنان، وما يعانيه من اعتداءات اسرائيلية وفراغ رئاسي قاتل. والخطوة الفرنسية تأتي بناء على العلاقات التاريخية والمميزة بين البلدين. وكذلك العلاقات اللبنانية – السعودية. فالمملكة طالما اهتمت بلبنان منذ ايام الملك عبد العزيز، وكانت تمد له يد العون على الدوام، الا انها في الاونة الاخيرة اصيبت العلاقات بالفتور، لان السياسة اللبنانية الخاطئة ابعدت لبنان عن محيطه واجهضت الدور المميز الذي كان يمارسه على الدوام في المنطقة.
انطلاقاً من هذا الاهتمام يصل غداً الى بيروت الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان بعد غياب طويل، للاطلاع كما يقول على النتائج التي توصلت اليها محادثات اللجنة الخماسية مع الكتل النيابية. وتردد انه لا يحمل معه اي مبادرة، وهذا طبيعي. لقد بذل كل الجهد في الزيارات السابقة لتقريب وجهات النظر بين الاطراف اللبنانيين، الا انه لم يوفق. وعلم انه سيطرح على المسؤولين اللبنانيين وعلى رؤساء الكتل الذين سيلتقيهم عقد طاولة حوار في باريس، على غرار ما جرى في الدوحة سابقاً، الا ان هذا الطرح لا يبدو ان السياسيين مهتمون به. وهم يعولون على اللقاء المنتظر في السادس من حزيران المقبل بين الرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وسيطرح خلال هذا اللقاء الملف اللبناني على امل ان يخرج بنتائج ايجابية. ولكن التقاعس النيابي والسياسي اللبناني لا يبشر كثيراً.
الحدث الاخر الذي يشارك فيه لبنان، دون انتظار الكثير منه، هو مؤتمر بروكسل حول النازحين الذي يعقد اليوم، ويمثل الحكومة اللبنانية فيه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، بعدما كان مقرراً ان يحضره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الا انه عدل وكلف الوزير بوحبيب. الذي يحمل معه موقفاً لبنانياً موحداً، وهذا يدعم طرحه. وسيبلغ المؤتمرين ان اللبنانيين بجميع فئاتهم يرفضون بقاء النازحين السوريين على ارضهم، بعد الاعباء الضخمة التي تحملوها من هذا النزوح منذ العام 2011، بحيث فاق العدد اليوم المليونين ونصف المليون سوري وهو الى ارتفاع متواصل، نظراً لكثافة الولادات. وسيبين بوحبيب للاوروبيين الخائفين من انتقال النازحين الى دولهم، انهم بهذه السياسية التي يتبعونها انما يؤسسون حتماً لانفجار سيدفع كل المتواجدين على ارض لبنان ينزحون الى الدول الاوروبية، لذلك فهو سيطالبهم بان يشجعوا ويعملوا جدياً على عودة النازحين الى المناطق الامنة في بلدهم وان يتم الدفع لهم في سوريا وليس في لبنان.
كذلك فان القوى الامنية سترحل كل مقيم غير شرعي، لا يحمل اوراقاً رسمية وستخضع النازحين الشرعيين للقوانين المرعية الاجراء اسوة باللبنانيين. لذلك عليهم الحصول على بطاقات عمل من وزارة العمل وسيتم اقفال كل المؤسسات غير الشرعية. ولا بد من مطالبة بوحبيب بان يطلب من الاوروبيين سحب المسؤول عن منظمة اللاجئىن الذي مارس دوره بوقاحة غير مسبوقة، وراح يعلّم القاضي بسام المولوي كيف يخالف القوانين. ان تدخله الوقح والمرفوض لاقى استنكاراً من جميع اللبنانيين الذين يرفضون بقاءه على ارض لبنان.
بالطبع لا ينتظر الكثير من هذا المؤتمر لان الدول الاوروبية كل ما يهمها الحفاظ على مصالحها حتى ولو تدمر لبنان. وعلينا نحن ان نعمل من اجل مصلحة بلدنا وحمايته من مؤامرات الاخرين. غير ان بعض ابنائه هم اقسى عليه من الغرباء.