الهدنة في حرب غزة سمحت باعادة فتح ملف رئاسة الجمهورية والتمديد لقائد الجيش
تنتهي مساء اليوم الاثنين هدنة الاربعة ايام التي تم الاتفاق عليها بين حماس والعدو الاسرائيلي، اطلق خلالها ما يزيد على الخمسين اسيراً لدى المقاومة في غزة، مقابل نحو 150 فلسطينياً كانوا مسجونين في السجون الاسرائيلية وهم من النساء والاطفال. وحتى ساعة متأخرة من ليل امس كانت المحاولات والوساطات القطرية والمصرية المدعومة اميركياً تسعى لتمديد الهدنة، على امل ان تتمدد الى وقف لاطلاق النار ينهي هذا العدوان المدمر.
بدورها الحدود الجنوبية اللبنانية شهدت طوال الايام الاربعة هدوءاً حذراً تخللته بعض المناوشات البسيطة، الا انها لم تؤثر على سير الهدنة. هذا الهدوء سمح لسكان القرى الجنوبية الذين هجرت الاعتداءات الاسرائيلية الالاف منهم الى مناطق بعيدة، بالعودة لتفقد منازلهم، ولجني محصولهم او ما تبقى منه، لان القصف الذي اشعل الحرائق وزرع الخراب في الحقول قضى على قسم كبير من الغلال وخصوصاً الزيتون الذي يعتمد عليه اهل هذه القرى، في تدبير شؤونهم الحياتية. فهل تستمر الهدنة وتتمدد حتى الوصول الى وقف لاطلاق النار؟
الهدوء الذي ساد الجنوب خفف القلق الذي خيم على اللبنانيين وحرك الملفات المهمة جداً التي نامت في ادراج المسؤولين طوال فترة الحرب وحتى قبلها. وعادت الاصوات المحلية والخارجية تطالب بانتخاب رئيس للجمهورية، وبحل ازمة الشغور الزاحف قريباً الى مؤسسة الجيش، باعتبار ان قائد الجيش العماد جوزف عون سيتقاعد في العاشر من كانون الثاني المقبل. وفيما تعالت اصوات بعض الكتل النيابية مطالبة بترك الخلافات جانباً، والاتفاق على انتخاب رئيس يتمتع بالحيادية، بمعنى الا يكون محسوباً على اي طرف ويكون قادراً على محاورة الجميع وضبط الامور ليستعيد لبنان دوره في المحافل العربية والدولية، بعدما فقد الكثير مما كان يتمتع به بفعل هذه المنظومة المتحكمة به منذ عقود.
كذلك تحرك الخارج. فبعد الدعوات التي صدرت عن السفارتين الاميركية والبريطانية للعمل على انهاض لبنان، عادت الوساطة القطرية وكذلك الفرنسية الى الحركة. وفيما رددت وسائل اعلام بان الموفد القطري عبد الرحمن بن جاسم سيعود الى بيروت لاستئناف وساطته، قالت وسائل اعلام اخرى انه عاد فعلاً، واجرى لقاءات بقيت بعيدة عن الاعلام. فالتقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والمستشار السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن الخليل وبعض المسؤولين في حزب الله، ولم ترشح اي معلومات عن هذه الجولة. وعلم ايضاً ان اللجنة الخماسية المهتمة بلبنان وتضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر ستستأنف اجتماعاتها لهذا الغرض.
من جهة اخرى وفي خطوة مكملة للتحرك القطري يعود الى بيروت يوم الاربعاد المقبل الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان، قادماً من السعودية في محاولة جديدة لاقناع الكتل النيابية بالاتفاق فى ما بينها في هذه الظروف العصيبة وانتخاب رئيس للبلاد. وعلم انه لا يحمل معه جديداً ولا يطرح مبادرات، وبالتالي فان زيارته لن تكون افضل من سابقاتها، ولا يعول عليها الكثير. ان كل هذا التحرك يدل على ان لبنان ليس متروكاً. فبعد الضغوط التي مورست على اسرائيل لابقاء الوضع على حدودها الشمالية مضبوطاً وعدم جر لبنان الى الحرب، يعود التحرك الدبلوماسي بتأييد من الولايات المتحدة، في محاولة لاخراج هذا البلد من ازمته. صحيح ان الملف اللبناني لا يحظى بالاولوية لدى الدول الكبرى، الا ان الاهتمام به لا يزال مستمراً لمنع انهياره كلياً. اما الحكومة المفترض فيها ان تسارع الى حل قضية التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، فلا تزال مترددة رغم ان المهلة المتاحة امامها قاربت على نهايتها. فهل تشهد الايام المقبلة حلاً معقولاً، ينقذ المؤسسة العسكرية. فبقاء العماد جوزف عون حاجة ملحة في هذا الظرف الذي يجتازه البلد.