تركيا: السجن لرئيس تحرير محطة تلفزيونية بعد تصريحات حول مؤسس حزب العمال
أصدرت محكمة تركية الأربعاء حكما بالسجن على رئيس تحرير محطة تلفزيونية معارضة عامين ونصف العام بعد اتهامات وجهت إليه بنشر دعاية تتعلق بمؤسس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان. لكن رئيس تحرير قناة «تيلي 1» مردان ينارداغ أطلق سراحه نظراً إلى أن عقوبات السجن لمدة أقل من ثلاث سنوات نادراً ما تطبّق في تركيا. ويرى أنصار ينارداغ أن قضيته تؤكد تراجع الحريات المدنية والإعلامية على مدى عقدين من حكم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المحافظ.
دانت محكمة تركية الأربعاء رئيس تحرير محطة تلفزيونية معارضة عامين ونصف العام لإدانته بنشر الدعاية لمؤسس «منظمة إرهابية». ووجهت اتهامات للإعلامي مردان ينارداغ على خلفية تصريحات أدلى بها على الهواء بشأن مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله أوجلان.
لكن القضاء قرر إطلاق سراح ينارداغ رغم هذا الحكم، نظراً إلى أن عقوبات السجن لمدة أقل من ثلاث سنوات نادراً ما تطبق في تركيا.
ويعتقد أنصار الصحافي التركي أن محاكمته تؤكد تراجع الحريات المدنية والإعلامية في البلاد خلال العقدين الذين حكم خلالهما الرئيس رجب طيب إردوغان البلاد.
وتسلط الضوء أيضاً على الانقسامات العميقة داخل المجتمع التركي بشأن طريقة تعامله مع الأقلية الكردية المضطهدة منذ زمن بعيد.
وكان من الممكن أن يصدر حكم بسجن ينارداغ (64 عاماً) عشر سنوات بتهمة نشر «دعاية إرهابية» و«الإشادة بمجرمين» في أحد برامجه في حزيران (يونيو)، لكن محكمة في اسطنبول قضت بسجنه لعامين ونصف العام بعدما دانته بتهمة نشر الدعاية.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن ينارداغ قوله أمام المحكمة «تم توقيفي بسبب تصريحات أدليت بها في أحد البرامج.. الأمر الوحيد الذي قمت به خلال البرنامج هو انتقاد سياسات» الحزب الحاكم.
وتساءل ينارداغ عن سبب إبقاء أوجلان، الذي قاد تمرداً أطلقه حزب العمال الكردستاني المحظور إلى حين قبض القوات التركية عليه عام 1999، قيد الحبس الانفرادي على جزيرة في بحر مرمرة.
وقال في حزيران (يونيو) «لو أن إجراءات السجن الطبيعية طبّقت، لكان من المفترض أن يطلق سراحه أو يوضع قيد الإقامة الجبرية. لا مكان للعزل المطبق بحق أوجلان في القانون. يجب رفعه».
وأضاف أن «عبدالله أوجلان ليس شخصاً يستخف به. تحول تقريباً إلى فيلسوف في السجن إذ أن لا شيء لديه للقيام به غير القراءة. إنه شخص ذكي جداً يفهم السياسة جيداً».
تصريحات أخرجت عن سياقها
شدد ينارداغ على أن تصريحاته أخرجت عمداً عن سياقها ونشرها أعضاء من حزب إردوغان «العدالة والتنمية» وشخصيات قومية متشددة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكرت محطة «تيلي1» بأن ينارداغ كان في الواقع ينتقد مقترحاً لنواب من حزب العدالة والتنمية لإعادة إطلاق عملية سلام جرت بين العامين 2013 و2015 مع قادة التمرد الأكراد.
وتصنف تركيا وحلفاؤها في الغرب حزب العمال الكردستاني ضمن المنظمات الإرهابية لإطلاقه تمرداً دام أربعة عقود وأسفر عن سقوط عشرات آلاف القتلى.
واعتبر إردوغان المحادثات في البداية فرصة للطرفين لوضع حد للعنف وإيجاد حل دائم يقوم على إعطاء الأكراد حقوقاً ثقافية أوسع في جنوب شرق تركيا.
لكنه انسحب منها بعدما تم اغتيال عنصرين في الشرطة في تموز (يوليو) 2015 في عمليتين أعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عنهما في البداية قبل أن ينبذهما لاحقاً.
وسرعان ما استأنفت تركيا بعد ذلك عملياتها العسكرية ضد المجموعات الكردية التي تمددت مذاك إلى شمال العراق وأجزاء من سوريا.
وبدأ النقاش في «تيلي1» بشأن أوجلان بعد وقت قصير من الهزيمة التي ألحقها إردوغان بزعيم المعارضة العلماني كمال كيليتشدار أوغلو في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في أيار (مايو).
وتقارب كيليتشدار أوغلو في البداية مع المجموعات الكردية قبل أن يبدل موقفه بعد الجولة الأولى في محاولة واضحة لخطف أصوات القوميين من إردوغان.
يحاول حزب إردوغان حالياً كسب الناخبين الأكراد قبيل انتخابات آذار (مارس) البلدية التي تهدد بوضع حد لسيطرة المعارضة على مدن مهمة مثل اسطنبول وأنقرة.
وبدا أن ينارداغ كان يحاول خلال البرنامج الإشارة إلى التناقضات في مقاربة حزب العدالة والتنمية المرتبطة بأوجلان والقضية الكردية.
وقال على الهواء «تحتجزونه رهينة وتتفاوضون معه».
فرانس24/ أ ف ب