سياسة لبنانيةلبنانيات

جمود وغموض في ملف الرئاسة والوساطات الخارجية لم تؤد الى نتيجة حتى الان

فتح ملف السحب العام للتسلية والمنظومة لن تسمح بملاحقة اي مرتكب من صفوفها

لا جديد بالنسبة الى ملف رئاسة الجمهورية. المواقف الداخلية على حالها، تصلب وعناد وتباعد وانقسامات، فيما البلد الى مزيد من الغرق في الازمات المدمرة سياسياً بالدرجة الاولى لفقدان رجال الدولة المسؤولين، واقتصادياً ومالياً ومعيشياً. اما المواقف الخارجية المتعلقة بالوساطات التي تقوم بها اللجنة الخماسية عبر الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان والموفد القطري ابو فهد جاسم آل ثاني الذي اوشك على استكمال مهمته بعد جولات عدة على المعنيين اللبنانيين، بعيداً عن الاعلام وهو بذلك يمهد لزيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد الخليفي الذي يعلق عدد من السياسيين على ما يحمله معه من افكار وطروحات، حتى الساعة لم يكشف عما يمكن ان يحققه الوسطاء، بعدما سقط الرهان على الداخل. فالمسؤولون اللبنانيون عن هذا الملف اثبتوا بالممارسة انهم غير مسؤولين، وليسوا على مستوى المسؤوليات الملقاة خطأ عليهم ولذلك سيبقى البلد غارقاً في الازمات الى ان يطل من بين الغيوم الملبدة، منقذ، ويبعد هذه الطبقة كلياً ويعيد بناء الوطن وهذا غير متوفر اليوم.
وبعيداً عن انتخاب رئيس للجمهورية يتلهى البعض بفتح ملفات من الواضح انها لن تؤدي الى اي نتيجة. عقدت لجنة المال والموازنة جلسة امس فتحت خلالها ملف حقوق السحب العام، بحضور وزير المالية والنائب الثاني لحاكم مصرف لبنان، وظهرت الحقيقة المرة. فمن اصل مليار ومئة واربعين مليون دولار حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي في نيسان 2022 لم يبق منها سوى سبعين مليوناً. اما المبلغ فقد تبخر بصورة غير قانونية، اذ ان الانفاق يجب ان يتم بقانون صادر عن مجلس النواب الا ان اي معلومة او طلب او قانون يتعلق بهذا الملف لم يصل الى المجلس، وبذلك يكون الانفاق مخالفاً للقانون. وهذه ليست المخالفة الوحيدة، فالملفات كلها تعصف بالاخطاء والمخالفات والا كيف تدحرج لبنان من اعلى القمة الى قعر جهنم؟
سئل وزير المالية كيف تم انفاق كل هذه المبالغ، فقال انها كانت تتم بقرار من مجلس الوزراء، او بكتاب من رئيس الحكومة وكلاهما مخالفان للقوانين. وطلبت اللجنة من وزير المال ومن مصرف لبنان تزويدها ببعض الوثائق المتعلقة بهذا الملف، تمهيداً لرفعها الى التحقيق المالي، رغم علمهم بان كل هذا جهد ضائع، لماذا؟
ان خطوة لجنة المال هي شعبوية اكثر منها جدية ولو كان النواب مؤهلين للقيام بمهامهم لما بقي لبنان منذ سنة حتى اليوم بلا رئيس للجمهورية؟ ان النواب الذين تخلوا عن مهمة رئيسية تتقدم على ما عداها، لا يمكنهم تحقيق ايجابيات في ملفات اخرى. ثم ان المنظومة التي اخذت على نفسها حماية بعضها بعضاً، لن تسمح بملاحقة اي مرتكب بين صفوفها. والدليل الساطع هو في هذا السؤال: اين رياض سلامة حاكم مصرف لبنان السابق؟ كيف فر من وجه العدالة؟ وهل صحيح انه غادر لبنان؟ وكيف؟ انها اسئلة بلا اجوبة، ومن غير المسموح ان يلاحق سلامة، لان محاكمته قد تطول رؤوساً كثيرة كما سبق وهدد. ثم ان الانفاق الخاطىء ليس الوحيد بل ان الملفات مليئة بالاخطاء وبالفساد ولا من يحاسب.
تبقى الازمة الكبرى التي تهدد الكيان اللبناني وهي ازمة النازحين السوريين، الذين تجاوز تسللهم غير الشرعي كل الحدود وسط صمت سوري مطبق من قبل المسؤولين، وموقف لبناني متفرج دون اتخاذ اي خطوة فعالة على الارض، مما جعل البعض يقولون ان هناك مؤامرة لبنانية سورية حول هذا الموضوع وكل طرف يحاول ان يستفيد من هذا الملف لصالحه عبر ممارسة الضغط على الدول الاوروبية، التي تحاول ابعاد النازحين عنها حتى ولو اخترب لبنان.
باختصار ان الاوضاع وصلت الى حد لم يعد بالامكان مواجهتها الا برحيل كل هذه الطبقة السياسية المتحكمة ظلماً بالبلاد والعباد، لتحل محلها طبقة تتمتع بالنزاهة والكفاءة وتكون على مستوى الحكم، لتتمكن من انهاض لبنان واللبنانيين من هذا الاتون المشتعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق