ما سيصدر عن قمة جدة بخصوص لبنان حددته الورقة الكويتية والتعويل على اللقاءات الجانبية
المشهد السياسي بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية لا يزال على حاله من التعطيل. فقوى الممانعة متمسكة الى النهاية بمرشحها، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، رغم انه حتى الساعة لم يعلن ترشحه. اما المعارضة وبعد اجتماعات مكثفة، لم تتوقف الاتصالات خلالها، فاقتربت او ربما وصلت الى اتفاق على اسمين او ثلاثة، سيتم طرحها لاختيار مرشح واحد يطرح على التصويت في حال افرج الرئيس نبيه بري عن المجلس النيابي. الا ان المؤشرات لا تدل على قرب الدعوة الى جلسة انتخاب، باعتبار ان الاصوات اللازمة لفوز فرنجية لم تكتمل بعد. وكان من الممكن ان تحسم المعارضة امرها وتعلن عن اسم مرشحها، لولا موقف التيار الوطني الحر، المتأرجح بين معارضته الشديدة لسليمان فرنجية ومن جهة اخرى عدم الموافقة على مرشح يستفز حزب الله. فكما بات معروفاً ان اولوية التيار، هي عدم الخروج من الحلف مع الحزب، خصوصاً وان علاقاته مع الكتل الاخرى شبه معدومة. انها مواقف من بعض الكتل تدل بما لا يقبل الشك، على انها لا تعمل لمصلحة البلد وان اولويتها هي المصلحة الخاصة. وعلى كل حال هذه سياسة دأبت عليها المنظومة منذ سنوات وهي التي دمرت البلد واوصلته الى الانهيار التام.
في هذا الوقت تتجه الانظار كلها الى المملكة العربية السعودية، حيث يعقد غداً مؤتمر القمة العربية في مدينة جدة، ويحمل هذه السنة طابعاً خاصاً ومهماً، في ظل المصالحات التي تعقد في المنطقة بدءاً من المصالحة السعودية الايرانية الى المصالحة السعودية السورية، فقطر والبحرين ومصر وغيرها وكل طرف من الاطراف اللبنانية المتصارعة، ينتظر ان تؤيد القمة مواقفه وطروحاته. الا ان المؤكد هو ان ما سيصدر عن القمة بخصوص لبنان لن يتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، بل انه سيتضمن الدعوة الى السياسيين اللبنانيين للاتفاق على مرشح مقبول من الجميع، ويتمتع بالصفات التي حددتها الورقة الكويتية والتي تتضمن المواقف العربية الواضحة. الا ان التعويل يبقى على الاتصالات الجانبية التي ستعقد في الاجتماعات الخاصة، وقد بدأت امس بلقاء بين وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ونظيره السوري فيصل المقداد، وقد تناول البحث قضية النازحين السوريين وهو الملف الذي يشغل اللبنانيين عموماً.
هذا ويغادر اليوم الى السعودية رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على رأس وفد كبير، يضم الى جانب وزير الخارجية، وزراء التربية عباس الحلبي والاقتصاد امين سلام والسياحة وليد نصار والزراعة عباس الحاج حسن والصناعة جورج بوشكيان. وكان الرئيس ميقاتي قد زار عين التينة امس، وتداول مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في النقاط الاساسية التي ستتضمنها كلمة ميقاتي في القمة. وبانتظار ما سيصدر عن هذه القمة وعن الاتصالات واللقاءات الخاصة، يمكن ان يدفع اللبنانيين للعودة الى الاصول والدستور وانتخاب رئيس للبلاد، تنطلق معه الحركة الطبيعية للمؤسسات الدستورية المتوقفة عن العمل، والمعطلة بسبب الشلل الذي يصيب المرافق كلها.
في هذا الوقت لا تزال مذكرة التوقيف الدولية التي اصدرتها القاضية الفرنسية بوروزي بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تشغل الاوساط السياسية والمالية والمصرفية والشعبية، لما لها من انعكاسات وتداعيات على كل هذه الفئات. وذكرت انباء صحافية هذا الصباح ان رئيسي المجلس والحكومة بحثا القضية في لقائهما امس، وطلبا من سلامة الاستقالة حفاظاً على كرامة البلد، غير انه رفض بشدة، كي لا يقال انه اقرار بالذنب. وتقول مصادر قانونية ان مذكرة التوقيف نافذة منذ اللحظة الاولى لصدورها في الدول التي تتعامل مع الانتربول. اما بالنسبة الى لبنان فالقرار يعود الى الحكومة بعد ان تتلقى طلباً من مدعي عام التمييز.
هذه هي صورة مصغرة عن الوضع القائم حالياً، وبانتظار اي تطور جديد يصدر عن الخارج، لان افق الداخل مسدود كلياً، ما على الشعب اللبناني الا الانتظار، على امل ان يكون قد تعلم كيف يختار ممثليه لدى التقدم الى صناديق الاقتراع. اين هم النواب اليوم؟ ولماذا لا يقومون بواجباتهم؟ سؤالان برسم الناخبين فهل يجيبون عليهما؟