تأجيل التوقيت الصيفي قرار خاطىء بين رئيسين قسّم البلاد واربك كل القطاعات

المواطنون يسيرون على توقيتين وميقاتي مصر حتى الساعة على عدم التراجع
تأجيل تطبيق التوقيت الصيفي الى ليل 20 – 21 نيسان المقبل قرار اقل ما يقال فيه انه متسرع، اثار الدنيا ولم يقعدها، نظراً لما له من تداعيات على الوضع. عزل لبنان عن الخارج واثار الارباك في قطاعات عدة اهمها حركة الطيران، فضاع المسافرون في حجوزاتهم، وشركات الطيران اصبحت مضطرة لتعديل مواعيد رحلاتها. والشركات الكبرى المتعاملة مع الخارج وجدت نفسها امام خيارين، اما تجاهل القرار والاستمرار في عملها لان الكومبيوترات لديها مبرمجة وفق التوقيت العالمي، واما تغيير توقيتها يدوياً وهذا يتطلب وقتاً. قرار خاطىء اتخذ في جلسة دردشة بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، دون التطلع الى تداعياته، ودون اجراء مشاورات مع اي من الاطراف او الجهات المعنية. وكان يجب ان يتخذ ستة اشهر قبل الاعلان عنه افساحاً في المجال امام التغييرات الناجمة عنه.
والتوقيت الصيفي معمول به منذ التسعينيات وقد حل شهر رمضان المبارك اكثر من مرة في فترة هذا التوقيت. وكانت الحكومات خلالها فاعلة وكاملة الاوصاف ولم تفكر لحظة في احداث مشكلة تربك البلد. فكيف يتفرد الرئيسان، مهما كان لهما من صلاحيات في اتخاذ هكذا قرار، خصوصاً والبلاد بلا رئيس للجمهورية، وحكومة مقيدة بالضرورة القصوى، ومجلس نيابي معطل ومشلول ويرفض ان يقوم بواجباته وينتخب رئيساً للبلاد. لقد كان الحري بالرئيس ميقاتي، وبعدما ادرك ان القرار غير مناسب ان يعود عنه، ويوقف السجالات بشأنه، بدل ان يصر عليه ويدلي بتصريح يحمل فيه على الاخرين متهماً اياهم بأنهم حركوا الطائفية. الا يعتقد ان القرار المتفرد هو الذي اثار كل هذه التداعيات. ولم يكتف الرئيس ميقاتي بذلك، بل لجأ الى قرار ثان خاطىء بالغائه جلسة لمجلس الوزراء، كانت مخصصة للوضع المالي الكارثي، واذا لم يسارع الى تصحيح الوضع فستبقى البلاد منقسمة بين توقيتين، ويبقى القطاع العام مضرباً والقطاع الخاص يئن من تدهور القدرة الشرائية. ان الرجوع عن الخطأ فضيلة وليس انكساراً.
يأتي قرار التأجيل وسط تحذيرين دوليين هما اشبه بانذارات للمسؤولين. الاول صدر عن رئيس بعثة صندوق النقد الدولي ارنستو راميريز ريغو قال فيه ان لبنان في لحظة خطرة جداً وان المسؤولين لم ينفذوا ولا بنداً من الاصلاحات المطلوبة منهم. والكابيتال كونترول الذي اقروه لا يفي بالغرض ويجب تعديله. ودعا المجلس النيابي الى الاسرع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الاصلاح. كما دعا الحكومة للكف عن الاستدانة من البنك المركزي.
التحذير الثاني صدر عن مساعدة وزير الخارجية الاميركية بربرا ليف، التي زارت لبنان على مدى يومين، ودعت الى الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتحقيق الاصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي يفتح الباب امام الدول الصديقة لدعم لبنان، فيعود الى ما كان عليه من استقرار وازدهار. قالت ان الولايات المتحدة، لا تهمها الاسماء وستؤيد اي رئيس يتفق عليه اللبنانيون.
وعلى الرغم من اهمية التحذيرين والجهتين الصادرين عنهما فان المسؤولين اللبنانيين لم يحركوا ساكناً. فلا المجلس النيابي دعي لانتخاب رئيس، ولا الحكومة سارعت الى تعديل مشاريع القوانين التي ارسلتها الى المجلس النيابي، بعدما تبين انها لا تستجيب للاصلاحات المطلوبة، وهذا يؤكد ان المطالبين برحيل هذه المنظومة التي اوصلت لبنان الى هذه الحال الكارثية، هم على حق وان لا امل بالخلاص بوجودها وتسمرها في اماكنها.
في هذا الوقت عادت التحركات الشعبية الى الشارع في مختلف المناطق اللبنانية، وقد عمد المودعون الى مهاجمة المصارف وحاولوا تكسير واجهاتها، الا ان القوى الامنية حالت دون ذلك. ويتوقع ان تتصاعد التحركات هذا الاسبوع، خصوصاً بعدما الغى رئيس حكومة تصريف الاعمال جلسة مجلس الوزراء، التي كان متوقعاً ان يصدر عنها تصحيح ولو ضئيل للاجور، يرفع قيمة القدرة الشرائية لدى موظفي وعمال القطاعين العام والخاص، ومتقاعدي القوى العسكرية. ان الهروب الى الامام والتنصل من المسؤولية يزيدان الوضع تدهوراً ويصعدان الاحتجاجات. فاما العمل على مواجهة هذا التردي الخطير، والا فالكارثة واقعة حتماً. فالاسعار في السوبرماركت فاقت كل التوقعات وحتى الخضار التي كانت قد حافظت على نوع من الاستقرار استقبلت الشهر الفضيل بقفزات في الاسعار غير متوقعة وغير مسبوقة. فكيف قابل المسؤولون هذه الموجة القاتلة. وزير الاقتصاد طمأن اللبنانيين الى ان وزارته ستقوم بالمراقبة. فاين هم المراقبون؟ وهل هم قادرون على الانتشار في جميع المناطق؟ انها وعود مخدرة لا مفعول لها، والدليل هو الرد الذي قابل به اصحاب السوبرماركت وتجاور الخضار الوعود بهذه الاسعار الخيالية. انها ليست المرة الاولى التي تطلق فيهال وعود تبقى بلا مفعول ولا قيمة. فعلى مدى سنين كان حاكم المصرف المركزي يطمئن اللبنانيين الى ان الليرة بالف خير الى ان انهارت كلياً واصبحت ورقاً بلا قيمة. فحبذا لو يكف المسؤولون عن اطلاق وعود غير قادرين على تنفيذها.