انهيار العملة الوطنية يبلغ الذروة فهل هناك خطة مخفية لتدمير الوطن والمواطنين؟
هذه بعض الاسباب لارتفاع الدولار الجنوني والبنك المركزي هو المسؤول الاول
اطاح الدولار بالعملة الوطنية والقدرة الشرائية للمواطنين، ودفعهم الى الفقر وحتى الى الجوع. فالليرة اللبنانية لم تعد تساوي شيئاً، رغم ان الاجور لا تزال في معظمها بهذه العملة، التي تفقد قيمتها يوماً بعد يوم، الى ان وصل سعر الدولار الى حوالي الثمانين الف ليرة، وهو مستمر في التحليق وسط صمت رسمي مطبق يثير الشبهات ويطرح السؤال ما هو دور المنظومة في هذا الارتفاع الجنوني للعملة الخضراء؟
تتعدد التفسيرات لتفلت الدولار من اي قيود. ولكنها تجمع على القاء المسؤولية على المصرف المركزي. فهو بدل ان يعمد الى استنباط الحلول لوقف هذا الجنون، يسابق الكل على جمع الدولارات من السوق لتمويل حاجات المنظومة، التي تنفق بلا حساب، وبعيداً عن اي خطة مدروسة، حتى افلست البلد واوصلته الى هذه الحالة الكارثية. لقد عمدت الحكومة ودون دراسة الى رفع اجور القطاع العام ثلاثة اضعاف، وبما ان الليرة تتدهور يومياً يعمد الموظفون الى تحويل رواتبهم الى العملة الخضراء، خوفاً من ان تفقد المزيد من قيمتها. وهذه العملية تستنزف حوالي 80 مليون دولار شهرياً تسحب من السوق، وهنا يطرح السؤال لماذا لا يعمد المسؤولون الى ترشيد القطاع العام، وهناك فائض في الموظفين يتعدى المئة او المئة والخمسين الف موظف حشرهم السياسيون في الادارات العامة لمصالح انتخابية فشكلوا عبئاً على خزينة الدولة وعلى حياة اللبنانيين ككل. ويحتاج المصرف المركزي لمئات ملايين الدولارات لتمويل دعم ادوية السرطان وشراء القمح وخصوصاً الكهرباء التي تبلع القسط الاكبر من هذه المبالغ، لذلك فهو يسابق الكل على شراء الدولار من السوق، بدل ان يكون المرجع الصالح لوقف الانهيار. كذلك فان ملاحقة الصرافين والمتلاعبين بالعملة الوطنية قضائياً، دفع شركاءهم وداعميهم الى التسبب بالمزيد من الارتفاع انتقاماً. هذا دون ان نحسب ان كل من يحتاج الى العملة الخضراء من افراد وشركات وغير ذلك يشتريها من السوق وكلما زاد الطلب خف العرض وارتفعت قيمة الشراء. لقد وصلنا الى حالة الافلاس التام، ولم تعد من وسيلة للجم الدولار ووقفه عند حد معين. فراح يقفز هذه القفزات الجنونية. ولولا المليارات التي تدخل الى البلد عن طريق المغتربين الذين يدعمون اهلهم الباقين هنا، لانهار الاقتصاد برمته. ولكن هذه الاموال لا تستثمر دفعة واحدة في السوق، بل ان اصحابها يخبئونها في المنازل ولا ينفقون منها الا وفق حاجتهم لذلك لا يظهر مفعولها كبيراً مع انها تحمي البلد.
هذا هو الوضع الان وهو الى مزيد من التدهور والانهيار. فارتفاع سعر الدولار، اوصل سعر صفيحة البنزين الى حوالي مليون واربع مئة الف ليرة، وهو في تصاعد يومي مترافقاً مع العملة الاجنبية. واوصل اسعار السلع والمواد الغذائية الى مستوى خيالي، وقف المواطن حائراً لا يدري ماذا يفعل، وقد اصبح عاجزاً عن تأمين لقمة عشيه وعيش عياله. كل ذلك والمنظومة واقفة تتفرج وكأن الامر لا يعنيها ومجلس النواب يرفض القيام بواجباته، فيسارع الى انتخاب رئيس للجمهورية، تثبت الاحداث ان لا حل ولا امل بالانقاذ الا بعد ملء الشغور في الرئاسة الاولى، وتشكيل حكومة تكون بعيدة عن المنظومة، وتبدأ فوراً بالاصلاحات، وما عدا ذلك كلام لا يعطي اي نتيجة.
يوم امس تابع سفراء الدول الخمس التي شاركت في اللقاء الخماسي في باريس من اجل لبنان، جولاتهم على اركان المنظومة لاطلاعهم على ما جرى في هذا الاجتماع فزاروا وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، مستخدمين اللهجة التحذيرية عينها التي لم تعد تؤثر في المنظومة. فالاحداث تثبت يوماً بعد يوم ان الطبقة السياسية المتحكمة مستعدة للسير بمخططها حتى ولو خرب البلد ودمر، من اجل المحافظة على مكاسبها وهيمنتها وتحكمها. ويسأل الكثيرون بعد كل ما يجري، هل هناك خطة تنفذها هذه المنظومة للمزيد من الانهيار؟ وما هو الهدف من كل ذلك؟ والى ماذا ترمي؟ اسئلة كثيرة بدأت تراود اللبنانيين وهم يرون هذه اللامسؤولية المدمرة، دون ان تتحرك المنظومة للجمها. ان الحلول باتت صعبة جداً كي لا نقول مستحيلة، لا الضغوط الداخلية تنفع ولا التهديدات الخارجية تؤثر. ما رسم قد رسم والطبقة السياسية ماضية في تنفيذها، وقد جرت معها المجلس النيابي الذي علقت عليه الامال، فاذا بها تتبخر امام هذا العجز المقصود ربما، لاهداف غير معلنة. لذلك فان المراهنة على صمت الشعب قد تكون خاطئة لان الجوع سيفجر الثورة التي قد لا تكون سلمية بحسب ما نرى وما نسمع. اين حكومة تصريف الاعمال التي تقدم وبتحد لافت لعقد جلسات لمجلس الوزراء وصفت بانها غير شرعية وتمسك عن القيام بواجباتها لوقف تفكك البلد وتحلله؟ توجه الاتهامات الى الخارج الذي يطالب بالاصلاح والجريمة بحق البلد مصدرها الداخل.