فضيحة خطة التوازن المالي تبرئة المنظومة والمصارف والقاء العبء على المودعين

الحرب الدائرة حول جلسة مجلس الوزراء هل هي من اجل تأمين الكهرباء ام انها حرب نفوذ؟
الدولة تقتل شعبها. بهذه الكلمات يمكن اختصار الوضع الراهن في لبنان، والمستهدف الاول فيه الانسان اللبناني. حكومة غير مسؤولة تمارس ابشع انواع القهر، فتحرم مواطنيها من ابسط مقومات الحياة، وهي الماء والكهرباء والدواء والاستشفاء وامكانيات العيش، تعاونها وتقف وراءها وتحميها منظومة تندر العالم كله بانكارها لشعبها وبفسادها الذي اوصل اللبنانيين الى الفقر والجوع وانتج طبقة من الاثرياء لا ترتوي من عقد الصفقات والمتاجرة بلقمة الفقير.
صراع مدمر يدور اليوم بين اوساط رئيس الحكومة وطبقة سياسية تفتش عن مصالحها باسم الشعب المسكين المغلوب على امره. فتعقد عند الساعة العاشرة من قبل ظهر اليوم جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، اختلفوا على شرعيتها، وان غطت نفسها بمصلحة الشعب متذرعة بان الهدف هو تأمين الكهرباء. المواطنون لا يبالون بالحملات المتبادلة بين المتصارعين على تأمين المصالح والنفوذ لانفسهم، بل همهم الحصول على التيار، ولو بالحد الادنى لقضاء حاجاتهم المنزلية. وهم بالتأكيد غير واثقين، لا بل هم متأكدون بان الجلسة لن تسفر عن تأمين الكهرباء، فهناك عقد كثيرة ستعترضها، وعندها تثبت للجميع ان حربها لم يكن لمصلحة الشعب، بل لتكريس نفوذها. اما المعارضون لها فهم ايضاً لا يحق لهم الشكوى. سيطروا على وزارة الطاقة سنوات طويلة اطلقوا خلالها الوعود الطنانة الرنانة بتأمين التيار على مدى 24 ساعة، واذا بنا نصل الى العتمة. اذاً لا هذا الطرف ولا ذاك تهمه مصلحة الناس، بل مصالحه الخاصة وستثبت الايام المقبلة صحة ما نقول. ثم ان هذا الطرف هو من عطل تشكيل حكومة شرعية كاملة الصلاحيات بشروطه التي لا تنتهي.
ولو ان هذه الحرب المفتوحة تسخّر من اجل ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، وانتخاب رئيس، وفقاً للقوانين والدستور، لزالت كل هذه الاشتباكات والانقسامات، ولتشكلت حكومة شرعية كاملة المواصفات تتولى ادارة شؤون البلاد. ولكن يبدو ان الوضع الراهن يناسب المنظومة ويحفظ لها كراسيها ونفوذها، ولذلك فهي بدل ان تعمل من اجل انتخاب رئيس، تسعى بقوة الى تنظيم الشغور واطالة امده.
دولة تقتل شعبها؟ نعم. فهي حرمت المواطن حتى من الدواء، واصبح الاستشفاء من المستحيلات، والمرضى معرضين للموت امام ابواب الصيدليات والمستشفيات ولا من يسأل عنهم. واكثر من ذلك تركت الدولار يحلق بشكل جنوني الى ان فقدت القدرة على لجمه، فانهارت القوة الشرائية للمواطنين وهددت حياتهم.
هل نأمل بحلول من هذه الحكومة؟ بالطبع لا. فهي وضعت عدداً من الخطط، فجاءت كلها على حساب الشعب ومدمرة له، مثل الكابيتال كونترول الذي بعدما اخفوه في الادراج اكثر من ثلاث سنوات، وبعدما اصبح لزوم ما لا يلزم، حركوه، فجاء يوجه ضربة قاسية الى المودعين الذين فقدوا جنى عمرهم وكانوا مطمئنين الى انه سيسعفهم في اخر العمر، فاذا بالامال كلها تضيع.
امس عقدت لجنة المال والموازنة اجتماعاً لدرس خطة التوازن المالي. اعلن على اثرها رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان، ان لا ارقام نهائية بالخسائر لدى الحكومة، رغم مرور ثلاث سنوات على الازمة. واكتفى نائب رئيس الحكومة سعاده الشامي الذي حضر الجلسة، باعطاء ارقام تقريبية على حد قوله تتراوح بين 72 و75 مليار دولار. غير ان فضيحة الفضائح هي ان هذه الخطة تعفي الحكومة، والحكومات التي سبتقها، والتي كانت كلها صنيعة المنظومة من اي مسؤولية، وحمت المصارف التي خانت الامانة وتصرفت بامال المودعين دون استشارتهم ودون علمهم، والقت العبء كله على المودعين الطرف الاضعف في هذه القضية. مسكين هذا الشعب الى اي حد تصل قدرته على التحمل؟ اننا نسأل الحكومة التي تتغنى بمصلحة المواطن، هل ان الشعب هو الذي عقد الصفقات المشبوهة وانفق وبدد اموال الخزينة حتى اتى على اخر ليرة فيها؟ فبأي ضمير وبأي قوانين تأتي الحكومة لتحمله الخسائر؟ الا يكفي انها مارست «الهيركات» على امواله بتعاميم وبيانات مفبركة لصالح واضعيها، حتى تأتي اليوم لتقضي على ما تبقى منها.
ان النوايا واضحة والهدف قتل الشعب، فاما ان يتحرك ويثور وفوراً، دون اي مماطلة كي لا يسبقه الزمن، والا فان المنظومة ماضية في سياستها حتى اخر نفس في صدور اللبنانيين. قفوا بوجه هؤلاء الظالمين الطغاة وقولوا لا عريضة واصرخوا بوجههم واسترجعوا حقوقكم المسلوبة والا ضاع كل شيء.