أرجأ مجلس النواب الأميركي حتى ظهر الأربعاء جلسة انتخاب رئيس له، بعد 3 محاولات فشل خلالها زعيم الأغلبية الجمهورية كيفن مكارثي الثلاثاء في الحصول على الأصوات الكافية للفوز برئاسة مجلس النواب. وهذه المرة الأولى منذ مئة عام التي يفشل فيها زعيم أغلبية جمهورية في الفوز بانتخابات رئاسة مجلس النواب ما يعكس الخلافات في قلب حزب الجمهوريين المعارض الذي فاز بالأغلبية في مجلس النواب بعد انتخابات منتصف الولاية التي أُجريت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.
في مشهد تاريخي لم يتكرر منذ العام 1923، أخفق مجلس النواب الأميركي في انتخاب رئيس له، بعدما فشلت الأغلبية الجمهورية في حشد الأصوات اللازمة لانتخاب مرشحها كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، وبعد 3 جولات اقتراع باءت بالفشل، أرجأ المجلس عملية الاقتراع حتى ظهر الأربعاء.
ولم يتمكن مكارثي، النائب عن ولاية كاليفورنيا، خلال جولات الاقتراع المتتالية في إقناع مجموعة من زملائه من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب بانتخابه خلفاً لنانسي بيلوسي، إذ أن هؤلاء ظلوا على رأيهم بأنه معتدل أكثر مما ينبغي، ما يعكس الخلافات في قلب حزب الجمهوريين المعارض الذي فاز بالأغلبية في مجلس النواب بعد الانتخابات النصفية التي أُجريت في تشرين الثاني (نوفمبر).
وتعهد الجمهوريون استخدام السلطة المضادة، من خلال إطلاق سلسلة من التحقيقات مع الرئيس الأميركي السابق تركزت، على سبيل المثال، على إدارته للوباء، لكن قبل إطلاق هذه المعارك، عليهم الاتفاق على انتخاب رئيس لمجلس النواب.
وسيستمر النواب في التصويت حتى انتخاب رئيس للمجلس.
نواب ترامب يعرقلون
ويحتاج انتخاب «رئيس مجلس النواب»، ثالث أهم شخصية في المشهد السياسي الأميركي بعد الرئيس ونائبه، أغلبية من 218 صوتاً. وهي عتبة لم يتمكن كيفن مكارثي من بلوغها بعد 3 جولات تصويت، وبعد أن قرر نحو عشرين نائباً من مؤيدي ترامب عرقلة انتخابه.
وقال مات غيتز النائب عن ولاية فلوريدا: «كيفن لا يؤمن بأي شيء، وليست لديه إيديولوجية».
ومع ذلك، فإن ترشح كيفن مكارثي يحظى بتأييد واسع داخل حزبه، إذ قوبل الإعلان عن ترشحه الثلاثاء بحفاوة كبيرة في صفوف الجمهوريين. لكن موقع النائب عن كاليفورنيا تراجع بسبب الأداء الضعيف للجمهوريين في انتخابات منتصف الولاية.
ويبدو أن مكارثي يسعى لتقديم ضمانات لنوابه، تفادياًً لعرقلة خطوته وإعادة سيناريو عام 2015 عندما فشل بفارق ضئيل في أن يصبح رئيساً لمجلس النواب في مواجهة تمرد الجناح اليميني للحزب. لكنه أيضاً لا يستطيع الذهاب بعيدا وإبعاد الجمهوريين المعتدلين.
ورغم أن هامش المناورة لديه بات محدوداً، ليس هناك حالياً أي منافس جدي له، حيث يتم فقط التداول باسم النائب من أوهايو جيم جوردان كبديل محتمل، دون أن تكون له فرصه جدية.
نعمة سياسية لبايدن
ومع تمتع الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب، لن يتمكن جو بايدن والديمقراطيون من تمرير مشاريع كبرى جديدة، كما أن سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ لن يمكن خصومهم من القيام بذلك أيضاً.
هل سيتحصنون في معارضة ممنهجة؟ للتوصل إلى ذلك عليهم أن ينجحوا في المواجهة، في حين أن بعض نوابهم صوتوا – كما في أثناء التصويت على الموازنة قبل عيد الميلاد – مع الديمقراطيين.
وبالتالي فإن انتخاب «زعيم» سيكون أيضاً مقياساً لقدرتهم على إلحاق الضرر بالرئيس. ومواجهة مجلس معاد قد يكون بمثابة نعمة سياسية بالنسبة إلى جو بايدن، إذا أكد نيته الترشح مجددا في العام 2024، وهو قرار عليه أن يعلنه مطلع العام.
وحرص الرئيس على عدم التعليق على الخلافات الجمهورية، وأكدت المتحدثة باسمه كارين جان بيير أنه لن «يتدخل في هذه العملية». وفي حال حدوث شلل تشريعي، سيلقي بالتأكيد باللائمة على الجمهوريين الضعفاء في عملية التعطيل، على أمل قلب الأمور لتصب في مصلحته.
فرانس24/أ ف ب