أضرب العديد من العمال الإيرانيين وقاطع طلاب حصصهم الدراسية الأربعاء، وفق ما ذكرت مجموعات حقوقية، بينما أعرب الرئيس الأسبق محمد خاتمي عن تأييده للاحتجاجات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني.
وتهزّ احتجاجات إيران منذ نحو ثلاثة أشهر اثر وفاة أميني بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق بتهمة خرق قواعد اللباس الصارمة المفروضة على المرأة في الجمهورية الإسلامية.
وبينما تحاول السيطرة عليها، وصفت السلطات الاحتجاجات بأنها «أعمال شغب» تثيرها الولايات المتحدة وحلفاء لها على غرار بريطانيا وإسرائيل.
ودعت مجموعات شبابية الناس للنزول إلى الشوارع وتحويل «يوم الطالب» الذي يتم إحياؤه سنوياً إلى «يوم رعب بالنسبة الى الدولة».
وأغلقت العديد من المتاجر أبوابها بينما شوهد شباب يخرجون ضمن مسيرات ويهتفون بشعارات احتجاجية في أنحاء البلاد، متحدّين في بعض الأحيان الحضور الأمني الكثيف، بحسب تسجيلات مصوّرة نشرها ناشطون ومجموعات حقوقية على الإنترنت.
وأظهر تسجيل مصوّر نشره مرصد «1500تصوير» الذي يتابع منصات التواصل الاجتماعي طلاباً وهم يهتفون في «جامعة أمير كبير للتكنولوجيا» «لا تخافوا لا تخافوا، جميعنا معاً».
بدورها، نشرت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو تسجيلات مصوّرة لمتاجر مغلقة في طهران وقزوين (غرب العاصمة) ومدينة رشت (شمال) وديواندره الواقعة في محافظة كردستان التي تتحدّر منها أميني، فضلاً عن مدن أخرى.
ونشرت قناة «بي بي سي» الناطقة بالفارسية تسجيلاً يظهر طلاباً يحتجون على حضور الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في جامعة طهران، قبل أن تصدّهم قوات الأمن.
خاتمي يؤيّد الاحتجاجات
وفي خطاب أدلى به في حرم الجامعة، أشاد رئيسي بالترحيب الذي لاقاه من الطلبة، رغم التظاهرات وأعمال العنف التي تهز شوارع طهران منذ وفاة أميني في 16 أيلول (سبتمبر).
وقال لمناسبة «يوم الطالب» الذي يحيي ذكرى مقتل ثلاثة طلاب بأيدي قوات الأمن في عهد الشاه عام 1953 «أشكر الطلاب الأعزاء وأصحاب النظرة الثاقبة الذين لم يسمحوا بتحول أجواء الجامعة إلى أجواء أعمال شغب».
وأضاف «أولئك الذين يقتلون بوحشية وبشكل غير مبرر أحباءنا هم منفّذو أعمال الشغب.. شعبنا ومجتمع الطلبة لدينا يفهمون الفرق بين الاحتجاجات وأعمال الشغب».
وجاء خطابه بعدما أعرب خاتمي، وهو إصلاحي شغل منصب الرئيس من العام 1997 حتى 2005 لكن المؤسسة الحاكمة أسكتته منذ سنوات، عن تأييده للحركة الاحتجاجية.
وقال في بيان أوردته وكالة «إسنا» الإخبارية إنه «يجب ألا يتم وضع الحرية والأمن في مواجهة بعضهما البعض».
وأضاف «يجب ألا يُداس على الحرية من أجل المحافظة على الأمن.. وينبغي عدم تجاهل الأمن باسم الحرية».
ومُنع خاتمي من الظهور على وسائل الإعلام بعد احتجاجات واسعة أثارتها إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2009.
مئات القتلى
وأفاد المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى هيئة أمنية في إيران، السبت أن أكثر من مئتي شخص قتلوا في الاضطرابات، بعدما تحدّث عميد إيراني الأسبوع الماضي عن سقوط أكثر من 300 قتيل.
بدورها، أعلنت منظمة «حقوق الإنسان في إيران» في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) أن 448 شخصاً على الأقل «قتلوا بأيدي قوات الأمن». وتم توقيف الآلاف، بينهم شخصيات بارزة من ممثلين ولاعبي كرة قدم.
وقضت محكمة إيرانية الثلاثاء بإعدام خمسة أشخاص شنقاً بعدما أدينوا بالتورط في مقتل عنصر من الباسيج خلال الاحتجاجات، في حكم ندد به ناشطون حقوقيون باعتباره وسيلة «لإشاعة الخوف» بهدف إخماد الاحتجاجات.
وترفع الأحكام الأخيرة إلى 11 شخصاً عدد المحكوم عليهم بالإعدام في إيران على خلفية الاحتجاجات، في إطار ما وصفتها منظمة العفو الدولية بـ«محاكمات صورية».
في الأثناء، رفض محافظ البنك المركزي الإيراني علي صالح عبادي دعوة نائب لحجب الحسابات المصرفية للنساء اللواتي لا يلتزمن قواعد الحجاب.
وذكرت وكالة «مهر» للأنباء أنه رداً على سؤال بشأن دعوة النائب، شدد عبادي على أن الشبكة المصرفية «كما كانت دائماً، ستقدّم خدماتها لجميع المواطنين».
أول حكم إعدام
ونفذت السلطات الإيرانية الخميس أول عملية إعدام مرتبطة بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة أشهر، وكانت بحق رجل أدين بجرح عنصر من قوات الباسيج، وفق وسائل إعلام رسمية.
وقالت وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية الرسمية إن «محسن شكاري، مثير الشغب الذي قطع شارع ستار خان (بطهران) في 25 أيلول (سبتمبر) وطعن عنصراً من الباسيج في كتفه الأيسر، أعدم صباح الخميس» في العاصمة الإيرانية.
يأتي ذلك في إطار حملة أمنية شرسة في مواجهة اضطرابات واحتجاجات تعم البلاد.
وتمثل تلك الاحتجاجات، التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاماً) في 16 أيلول (سبتمبر)، أحد أكبر التحديات التي تواجه الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها عام 1979.
وذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن من أعدمته السلطات يدعى محسن شيكاري، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
وتواصل السلطات قمع الاحتجاجات، وأشاد الحرس الثوري يوم الاثنين بالقضاء لموقفه الحازم وشجعه على إصدار أحكام سريعة وحاسمة على المتهمين بارتكاب «جرائم ضد أمن الأمة والإسلام».
فرانس24/ أ ف ب/ رويترز