الانهيار الشامل لا يحرك المجلس النيابي لانتخاب رئيس والعين اليوم على موقف التيار الوطني الحر
الدولة كلها من رأس الهرم الى اخر منصب اداري معطلة بالكامل والشعب وحده يدفع الثمن
لا الضغوط الداخلية والخارجية، ولا انهيار الدولة ومؤسساتها، ولا الوضع المعيشي الكارثي، ولا الواجب الوطني والدستوري ولا اي شيء اخر، لم تنجح في حمل النواب على القيام بواجبهم تجاه وطنهم وتجاه الشعب الذي انتخبهم، والتوجه الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، لتعود المؤسسات كلها تعمل وتنتشل البلد مما هو غارق فيه. فهم يتصرفون وكأن الامر لا يعنيهم. وان الانتقاد اللاذع في بعض الاحيان الذي يوجه اليهم لا يؤثر فيهم ويديرون له الاذن الصماء. من المتعارف عليه ان الانسان اذا عهد اليه بمهمة معينة واخفق في القيام بها، يفصل ويذهب الى منزله. فمن يحاسب النواب الذين لا يقومون بواجبهم. انه الشعب بالطبع ولكنه لا يحاسب اكراماً لهذا الزعيم او ذاك. خصوصاً وان المحاسبة يحين اوانها كل اربع سنوات مرة، فينسى الناخب القهر الذي عانى منه طوال هذه المدة ويتوجه الى صندوق الاقتراع ليجدد البيعة لمن باعوه. لذلك فالامل مفقود في اي اصلاح، لان التغيير يجب ان يبدأ من الناس، فان لم يغيروا تعاطيهم مع هذه المنظومة فان الامور ستبقى على حالها. نحن لا نقول ان العملية سهلة. فهذه الطبقة المتحكمة، متجذرة ومسيطرة على كل مفاصل الدولة، وقبعها ليس بالامر السهل ولكن الارادة والتصميم والمثابرة توصل الى الهدف.
ماذا سيجري اليوم في ساحة النجمة؟ وكيف سيتصرف النواب؟ ان كل المؤشرات تدل على ان المسرحية الفولكلورية التي دأب المجلس النيابي على عرضها اسبوعياً ستتكرر. لا انتخاب ولا رئيس ولا حسّ بالمسؤولية الوطنية. غير ان العيون شاخصة على نواب التيار الوطني الحر. لأن موقفهم في جلسة اليوم يكشف مستقبل العلاقة بينهم وبين حزب الله. فان طرحوا اسماً وصوتوا له فهذا يعني انهم مستمرون في المعركة، رغم علمهم الاكيد بأن العلاقة باقية مهما كانت التطورات. فكلا الطرفين يحتاج احدهما للاخر ولكن التيار يحاول ان يتدلل لنيل المزيد من المكاسب. اما اذا صوتوا بورقة بيضاء، فهذا يعني انهم يريدون عودة العلاقات الى طبيعتها بسرعة، وهم بموقفهم يدعون الحزب لاخذ المبادرة واصلاح الوضع. اما المعارضة فهي باقية على تشرذمها وانقساماتها وهذا ما يفقدها قوة الحسم.
هذا باختصار الوضع النيابي اليوم. اما الوضع الحكومي الذي خرج منتصراً في معركته مع التيار الوطني الحر، فانه رغم ذلك ليس افضل حالاً. فمعظم الوزراء يعملون بعشوائية مدمرة. يصدرون قرارات ولا يلبثون ان يكتشفوا خطأها فيعودون عنها او يوقفون العمل بها. وهذا ما حصل مع وزير المال بالنسبة الى الضرائب على الرواتب المدفوعة بالدولار، او بالعملة الاجنبية الاخرى. فقد فرض عليها ضرائب غير معقولة دفعت الشركات الاجنبية الى التهديد باقفال ابوابها في لبنان والخروج منه. فاضطر الوزير الى تجميد قراره ريثما يعيد النظر فيه. فهل هكذا تؤخذ القرارات. الا يتوجب على صاحب القرار اياً يكن ان يمعن النظر فيه قبل اعلانه، والاستعانة بالخبراء والتشاور مع المعنيين قبل اي خطوة.
وما يقال عن وزير المال ينطبق ايضاً على وزير الطاقة الذي وعد بعدم رفع التعرفة قبل تأمين زيادة التغذية بالتيار الكهربائي. واعداً بتغذية من 8 الى 10 ساعات، وقبل ان يجف حبر قراراته، اقدم على رفع التعرفة وسط عتمة شبه شاملة. فهل هو يريد التحصيل من المواطنين ثمن هذه العتمة. ثم انه اصطدم برفض حاكم مصرف لبنان دفع المبلغ الذي طلبه، ووعد بنصف هذا المبلغ، فانخفضت ساعات التغذية الى 4 او 5 ساعات. ثم ان الوعد حدد منتصف كانون الاول للبدء في زيادة التغذية، ولكن الوعد طار كغيره، ولا اي زيادة في التيار، لا بل على العكس هناك تراجع الى ساعة واحدة في اليوم، واذا استعرضنا عمل الوزارات الاخرى كالاتصالات وغيرها نرى ان كلها تسيّر امور الدولة بوتيرة واحدة. ولذلك بات من الواجب الاسراع في انتخاب رئيس وتشكيل حكومة فاعلة تضع البلد على السكة الصحيحة.
وهنا لا بد من طرح السؤال الى اين يريدون الوصول بالليرة اللبنانية التي تدهورت بشكل يدعو الى الشك، والتساؤل عن الهدف من هذا الانهيار للعملة اللبنانية والتي تتدهور معها القوة الشرائية للمواطنين، فيزدادون فقراً وجوعاً. لقد اصبح المواطنون متروكين للقضاء والقدر ولا من يسأل عنهم وهذا اكبر دليل على تفكك الدولة ووصولها الى حد الانحلال. فهل من يقظة ضمير تنقذ هذا البلد ام ان هناك نية بتدميره وزواله؟ لقد اصبح كل شيء معطلاً فالفراغ يغلف القصر الجمهوري، والحكومة لا يمكنها بعد اليوم ان تجتمع، المجلس النيابي مستنكف عن القيام بواجبه وهو مرتهن لخدمة المنظومة. والقضاء معطل والادارات الرسمية متوقفة عن العمل والشعب وحده يعاني ويدفع الثمن. فهل من يد مخلصة تمتد لتنتشله من ظلم هذه الطبقة السياسية الفاسدة؟