استحقاقات كبيرة ضحية الانانيات والمصالح الخاصة… فلا رئيس جديد للجمهورية ولا حكومة
افرجت القوى الدولية عن التنقيب فتم الترسيم بين لبنان واسرائيل وتحرك مع سوريا وقبرص
اسبوع حافل بالاحداث المهمة على الصعيد اللبناني يدرك العالم كله حجم تداعياتها على الوضع الكارثي الذي يدمر البلد، وحدها المنظومة اياها لا تشعر سوى بمصالحها وكيفية تأمين استمراريتها في الهيمنة على مفاصل الدولة والتحكم بالمواطنين والامعان في قهرهم وتجويعهم. فهناك الترسيم البحري، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية ونحن في الاسبوع الاخير من عمر العهد، وهناك تشكيل حكومة تجنب البلاد الفوضى السياسية التي يهددون بها متوعدين باكثر منها.
على صعيد ترسيم الحدود، يصل يوم غد او بعد غد الى بيروت الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، حاملاً نسخة اميركية عن الاتفاق موقعة من الادارة الاميركية وسيسلمها الى رئيس الجمهورية تمهيداً لتوقيع الاتفاق قبل نهاية الشهر في الناقورة. ولولا الوضع الدولي الملبد بالحرب الروسية على اوكرانيا، لما حصل هذا الاتفاق. فالدول الكبرى المتحكمة بالقرارات الدولية، تعاني من نقص في الطاقة بسبب العقوبات على روسيا، هذا الواقع دفعها للافراج عن التنقيب في مناطق جديدة، فتحرك ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل وبجدية تامة وضغوط كبيرة تم التوصل الى هذا الاتفاق، وسيليه ترسيم بين لبنان وسوريا ولبنان وقبرص وستبدأ المحادثات بهذا الشأن خلال الاسبوع الجاري، اذ سيزور سوريا وفد برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب يرافقه وزيرا الخارجية والاشغال واللواء علي ابراهيم المدير العام للامن العام وبعض المسؤولين. كما يزور بيروت وفد قبرصي لبحث تصحيح الترسيم البحري بين البلدين.
بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية، يعقد المجلس النيابي جلسة قبل ظهر اليوم لهذه الغاية نتائجها معروفة سلفاً وهي لن تختلف عن الجلسات السابقة، الفائز فيها الاوراق البيضاء ومن ثم التعطيل، في غياب كامل للمسؤولية التي تترتب على ممثلي الشعب، الذين لا يعملون لمصلحة ناخبيهم، بل يفتشون عن مكاسبهم ومصالحهم الخاصة.. اي عذر للنواب الذين يعطلون انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلافاً لكل القوانين والاعراف، ويقودون البلد الى الفراغ القاتل؟ هل يرون ان لبنان لا يزال قادراً على تحمل يوم واحد من الفراغ، وهو يرزح تحت ازمات كارثية تعتبر الاشد في العالم؟ والمجالس النيابية هي جزء من هذه المنظومة، تعاقبت على السلطة التشريعية ولم يسبق لها ان لعبت الدور المنوط بها. فهي لم تراقب السلطة التنفيذية يوماً ولم تحاسبها، بل ما ان تصل الى ساحة النجمة حتى تدير ظهرها للذين اختاروها لتمثيلهم، وتهتم بمصالحها. وعلى كل حال لا يمكننا ان نلومها، لاننا نحن المسؤولون الذين لا نحاسبها، ونعيد انتخابها دورة بعد اخرى، لو كان المجلس النيابي اليوم يمثل الشعب حقاً لدخل البرلمان ولا يبارحه الا بعد ان ينتخب رئيساً للجمهورية ينقذ البلد.
واما بالنسبة الى الحكومة، ورغم الازمات الكارثية المحدقة بالشعب، فان المنظومة تتلهى بوزير من هنا واخر من هناك، وتتمسك بهذا دون ذاك، المهم من يؤمن لها مصالحها. وهنا وجه الاستغراب. كيف يقبل وزير بان يكون دمية في يد من سماه، أإلى هذا الحد رخصت الكرامات. ان الوزير الذي يعين على رأس هذه الوزارة او تلك، يتحرر من كل الارتباطات، حتى من مصالحه الخاصة، ويصبح مسؤولاً مطلقاً عن شؤون وزارته. ولكن الحال تختلف عندنا في لبنان، ولن نقول اكثر من ذلك. والتسلط السياسي على بعض الحقائب والتمسك بها واعتبارها ملكية خاصة، هو امر معيب ومخالف لكل القوانين، خصوصاً اذا فشل الوزير في اداء مهمته واثبت عدم كفاءة وجدارة في تولي المنصب. ولكن بما ان المنظومة لا تريد رجالاً يعملون، بل اتباع ينفذون، وصلنا الى هذه الحالة المزرية التي دمرت البلد ولا تزال، فكفوا عن مناكفاتكم ولتكن الاولوية لخدمة البلد والشعب، والا ارحلوا.
من المسؤول عن كل ما يجري من ويلات، ومن يستطيع انقاذ البلد واخراجه من جهنم الذي غرق فيه؟ بالطبع هناك مسؤول وهو قادر على تغيير هذه الاوضاع وقلبها رأساً على عقب، ولكنه مصاب بالخمول وواقع تحت سيطرة المنظومة… باختصار انه الشعب الذي يملك بين يديه كل المفاتيح. ولكنه لا يتحرك. هناك صعوبات كبيرة ستعترضه ومطبات وعقد قاسية، ولكن تحرير الاوطان يحتاج الى مثابرة ودفع اثمان تكون باهظة احياناً، ولكن في النهاية يصل الانسان الجدي الى غاياته، ويؤمن للبلد مستقبلاً افضل. فمتى يدرك الشعب هذا الواقع ومتى يلتقط كل الاورق الرابحة التي هي ملك له، فيهب الى التغيير لا بالاسم بل بالفعل؟ اننا ننتظر.