السطلة تقطع الانترنت وانتقادات غربية بعد سقوط قتلى خلال الاحتجاجات
أضرم محتجون في طهران ومدن إيرانية عدة النيران في مركزين ومركبات للشرطة اليوم حيث تتواصل لليوم السادس الاضطرابات التي اندلعت إثر وفاة شابة خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق، كما افادت وكالة «رويترز».
وتوفيت مهسا أميني (22 عاماً) الأسبوع الماضي بعدما ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها بسبب ارتدائها «ملابس غير لائقة». ودخلت في غيبوبة خلال احتجازها. وقالت السلطات إنها ستفتح تحقيقاً للوقوف على سبب الوفاة.
وأطلقت وفاة أميني العنان لغضب عارم بين السكان وأدت لاندلاع أسوأ احتجاجات تشهدها إيران منذ عام 2019. وتركزت معظمها في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها الأكراد في إيران، لكنها امتدت أيضاً إلى العاصمة وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء الجمهورية الإسلامية. واستخدمت الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين.
عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء عن تضامنه وشعبه مع النساء الإيرانيات فيما أفادت تقارير بمقتل تسعة أشخاص في الجمهورية الإسلامية، منذ اندلاع الاحتجاجات المنددة بوفاة مهسا أميني بعد أن احتجزتها «شرطة الأخلاق».
وفي خطابه أمام الجمعية العامة من على منبر الأمم المتحدة بعد وقت قصير على كلمة نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، حيا بايدن المتظاهرين وأكد دعمه لإحياء الاتفاق النووي مع طهران. وقال الرئيس الأميركي: «نقف إلى جانب شعب إيران الشجاع والإيرانيات الشجاعات، والذين يتظاهرون اليوم دفاعاً عن أبسط حقوقهم».
وكان الغضب الشعبي في الشارع قد انفجر بعد إعلان السلطات الجمعة وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاماً وهي من منطقة كردستان في شمال غرب إيران والتي كانت أوقفت في 13 أيلول (سبتمبر) في طهران بحجة ارتداء «ملابس غير محتشمة». ويقول ناشطون إن مهسا، واسمها الكردي زينة، قد تعرضت لضربة على الرأس خلال احتجازها، وهو أمر تنفيه السلطات الإيرانية التي أعلنت فتح تحقيق في الحادثة.
وأظهرت أشرطة فيديو تم تداولها بكثافة على منصات التواصل أن من بين المحتجين نساء خلعن الأوشحة عن رؤوسهن وعمدن الى إلقائها في نيران أشعلت في الطريق، بينما عمدت أخريات إلى قص شعورهن بشكل قصير في تحرك رمزي. كما سمعت هتافات بين المتظاهرين في طهران: «لا للحجاب، لا للعمامة، نعم للحرية والمساواة».
تقطع في خدمات الإنترنت
ومساء الأربعاء، واجه العديد من مستخدمي الإنترنت في إيران صعوبات في التواصل عبر الشبكات الاجتماعية. وذكر مرصد «نتبلوكس» لمراقبة انقطاعات الإنترنت ومنظمة هنجاو وسكان محليون أن السلطات فرضت قيوداً على الإنترنت.
كما أبدى ناشطون قلقهم من أن يكون قطع الإنترنت تكراراً لما حدث في الاحتجاجات على رفع أسعار الوقود في 2019 عندما قطعت الحكومة الإنترنت للسيطرة على الاحتجاجات التي قُتل خلالها 1500 شخص.
وقال سكان ومرصد «نتبلوكس» أيضاً إن إيران حدت الأربعاء من قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقي إنستاغرام وواتساب المملوكين لشركة «ميتا بلاتفورمز»، وهما اثنان من آخر منصات التواصل الاجتماعي المتبقية في البلاد. ولم ترد الشركة على طلب للتعقيب في حينه.
«الموت للدكتاتور»
وخرجت مظاهرات في مدن عدة ولا سيما في شمال إيران، ليل الأربعاء لليلة الخامسة على التوالي، وأفاد نشطاء عن وقوع اشتباكات في مدن من بينها أورميا وسردشت.
وفي جنوب البلاد، أظهرت تسجيلات مصورة يعتقد أنها بتاريخ الأربعاء، متظاهرين وهم يضرمون النار بصورة عملاقة على جانب مبنى للجنرال قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الذي قتل في ضربة أميركية بالعراق في 2020.
كما أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية بأن رقعة الاحتجاجات امتدت إلى 15 مدينة، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وفرقت حشوداً جمعت قرابة ألف شخص.
وقالت مجموعة «آرتيكل 19» الحقوقية ومقرها لندن إنها تشعر «بقلق بالغ إزاء تقارير عن الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب الشرطة وقوات الأمن الإيرانية» ومنها استخدام الذخيرة الحية.
وذكرت وكالة «إرنا» للأنباء أن المتظاهرين عطلوا حركة المرور في بعض المناطق وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات ومركبات الشرطة، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة وردّدوا شعارات مناهضة للنظام.
وشملت الاحتجاجات طهران ومدناً أخرى بما فيها مشهد في شمال شرق البلاد، وتبريز في الشمال الغربي، وأصفهان في الوسط وشيراز في الجنوب، وفق إرنا. وهتف المتظاهرون «الموت للدكتاتور»، و«نساء، حياة، حرية»، وفق أشرطة الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي رغم القيود التي فرضت على الإنترنت وفق مرصد مراقبة الشبكة «نيتبلوكس».
انتقادات غربية
وألقى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية صباح الأربعاء خطاباً في طهران لم يتطرق فيه إلى وفاة أميني ولا إلى الاحتجاجات. لكن من على منبر الأمم المتحدة، أشار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى وفاة نساء من السكان الأصليين في كندا وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووحشية تنظيم «الدولة الإسلامية» تجاه نساء من أقليات دينية.
وفي نيويورك، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي: «يجب أن يتنبه القادة الإيرانيون إلى أن الناس غير راضين عن الاتجاه الذي سلكوه»، مضيفاً: «يمكنهم التخلي عن طموحهم بالحصول على أسلحة نووية. يمكنهم التوقف عن قمع الأصوات داخل بلادهم. يمكنهم وقف أنشطتهم المزعزعة للاستقرار».
بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه طلب من رئيسي في اجتماع معه الثلاثاء على هامش انعقاد الجمعية العام للأمم المتحدة، إظهار «احترام لحقوق المرأة».
وتعد هذه الاحتجاجات في إيران الأخطر منذ اضطرابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 بشأن ارتفاع أسعار الوقود. وبدأت المظاهرات الجمعة في محافظة كردستان الإيرانية، مسقط رأس أميني، حيث أعلن المحافظ إسماعيل زاري كوشا الثلاثاء مقتل ثلاثة أشخاص في «ظروف مشبوهة» وفي إطار «مخطط للعدو».
ويرى الباحث في مركز «إيريس» دافيد ريغوليه روز المتخصص في الشأن الإيراني، أن المظاهرات «تشكل خضة مهمة» في إيران، مضيفاً أنه «من الصعب التكهن بكيفية انتهائها، لكن هناك عزلة تامة بين السلطات العالقة عند (…) الثورة الإسلامية ومجتمع أكثر علمانية».
فرانس24/ رويترز
مقتل أحد أعضاء قوة الباسيج الإيرانية طعناً في مشهد
افادت وكالة «رويترز» نقلاً عن وكالتين إيرانيتين للأنباء اليوم أن «أحد أعضاء منظمة الباسيج شبه العسكرية الموالية للحكومة قُتل طعناً في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد أمس، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي لقوات الأمن التي قُتلت في الاضطرابات التي اندلعت على مستوى البلاد إلى ثلاثة».