ميقاتي في بعبدا اليوم يعيد تحريك الملف الحكومي قبل سفره الى لندن والامم المتحدة
ترسيم الحدود البحرية امل اللبنانيين الوحيد للخروج من الازمات المتراكمة
الاتصالات بين بعبدا والسرايا تتحرك اذ يزور الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعبدا اليوم للبحث في تشكيل الحكومة وفي سفر الرئيس ميقاتي الى لندن لحضور جنازة الملكة اليزابيت الثانية ومن ثم الى نيويورك لحضور الجمعية العامة للامم المتحدة. واعلن الرئيس ميقاتي ان زيارته المقبلة بعد عودته من الخارج ستكون طويلة «ولن اغادر القصر حتى تتألف الحكومة»، وهناك محاولات سياسية خجولة لاخراج ملف الحكومة وانتخابات الرئاسة الى الطاولة، لان الوضع الدقيق والمصيري الذي نمر فيه، يحتم وجود حكومة كاملة الصلاحية تتولى ادارة الملفات الملحة المتراكمة. الا ان كل الوساطات والمحاولات لم تنجح حتى الساعة. وكل طرف متمسك بمواقفه. فعسى ان تكسر الزيارت المقبلة جليد التعطيل.
وما يقال عن تشكيل الحكومة، يقال ايضاً عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهو الاخر نائم في الادراج، لان رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورغم مرور اسبوعين ودخلنا في الاسبوع الثالث، لم يوجه الدعوة الى النواب لانتخاب رئيس جديد. وتقول اوساط رئيس المجلس انه مستعد دائماً لتوجيه الدعوة متى وجد ان الظرف مهيأ للانتخاب، ولكن حتى الساعة، لا تزال الاتصالات جارية، ولا يبدو ان نجاح اي عملية انتخابية متوفر الان. ولذلك استعاض بري عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية بدعوة المجلس الى مناقشة الموازنة العامة للعام 2022، والتي اصبح اقرارها لا يثمر كثيراً لان السنة انقضت والمدة المتبقية اصبحت قصيرة.
ويتوقع النواب ان تشهد مناقشات الموازنة التي تبدأ عند العاشرة والنصف من صباح اليوم حماوة لافتة، باعتبار ان حكومة ميقاتي قدمت موازنة خالية من اي تقديمات، وبالمقابل ترتب على المواطنين اعباء يستحيل عليهم تحملها. هذه الحكومة اعتادت منذ ان دخلت السرايا، على مد ايديها الطويلة الى جيوب المواطنين، فاخذت كل ما فيها عن طريق رفع تعرفات بصورة عشوائية غير مدروسة، وتسببت بضرب الحد الادنى من الاستقرار، وبات يخشى من احداث امنية تتنقل بين المناطق. وقد بدأت طلائعها تلوح في الافق في الشمال والبقاع وغيرهما.
ولان هذه الحكومة تحمّل المودعين الخسائر الناجمة عن السياسات الخاطئة التي تمارسها المنظومة، بدأ المودعون يقتحمون المصارف، محاولين اخذ ودائعهم المنهوبة بالقوة. فالمصارف فرّطت بالامانات، وقدمتها للمنظومة التي بددتها وانفقتها على صفقات مشبوهة، لمصلحة الازلام والمحاسيب الذين بنوا ثروات كبيرة على حساب الشعب، وعندما تهددت اموالهم، سحبوها الى الخارج واطمأنوا عليها، ولو عمد المجلس النيابي السابق الى اقرار الكابيتال كونترول في حينه، لكان وضع حداً لتهريب الاموال. وهكذا افلسوا الدولة وجاءوا اليوم يحملون المودعين الخسائر في قرارات وسياسات وقحة لا يقبلها عقل. فاقتحام المصارف يتزايد وينتظر ان يتكثف بعدما فقد المواطنون الامل باستعادة جنى عمرهم.
باب الامل الوحيد اليوم الباقي امام اللبنانيين الذين لم يغادروا لبنان بعد، هو في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. فان سارت الامور على ما يرام يصبح لبنان قادراً على التحكم بثروته النفطية، وهي باب خلاصه من هذه الازمات التي يتخبط فيها. فحتى الاستعانة بصندوق النقد الدولي، عجزت الحكومة والمجلس النيابي معاً عن تحقيق الاصلاحات المطلوبة، ليحصل لبنان على ثلاثة او اربعة مليارات دولار تضعه على السكة الصحيحة. ان المصالح الخاصة التي تحتل الاولوية عند المنظومة هي التي دمرت الاقتصاد والبلد، وهي مسترسلة في التدمير، ولن نتكل على الشعب لكي يهب ويطالب بالحياة الكريمة التي حرمته منها المنظومة، لانه لم يعد في لبنان شعب يتحرك ويفتش عن كرامته. لقد اذلوه واخضعوه وبات يقبل بكل القهر والاذلال وحتى الجوع. فهنيئاً للمنظومة بهذا الشعب.