هوكشتاين غادر تاركاً جواً من التفاؤل فهل يعود قريباً بالاتفاق النهائي؟
الجيش جمع الرؤساء الثلاثة ولكن تشكيل حكومة جديدة لم يعد وارداً قبل نهاية العهد
غادر الوسيط الاميركي في قضية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، اموس هوكشتاين الاراضي اللبنانية عبر الناقورة الى الاراضي المحتلة، تاركاً جواً من التفاؤل بقرب توقيع اتفاق يحرر الثروة النفطية البحرية للبنان. وكان قد عقد اجتماع في القصر الجمهوري ضم الى الرئيس ميشال عون الرئيسين بري وميقاتي ونائب رئيس المجلس النيابي الياس ابو صعب، واللواء عباس ابراهيم، كما حضر عن الجانب الاميركي السفير هوكشتاين والسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا واعضاء الوفد المرافق.
استمر اجتماع القصر ساعة كاملة خرج بعدها المجتمعون ليجمعوا على اشاعة اجواء التفاؤل. وتوقع هوكشتاين ان يتم التوقيع على الاتفاق النهائي خلال اسابيع. واكد انه عائد الى لبنان قريباً. وكذلك ابدى الرئيس ميقاتي تفاؤله ووصف الاجتماع بانه كان جيداً وايجابياً. وقال ابو صعب ان الاجواء كانت مريحة ولا وجود للمشاركة باي حقل مع العدو. وهكذا فانه كان شبه اجماع على وصف اللقاء بالناجح. وعلم ان الموقف اللبناني كان موحداً وثابتاً وهو تمسك بحقل قانا كاملاً وبالخط 23، مؤكداً انه موقف نهائي لا رجوع عنه، لانه يحفظ حقوق لبنان ويحمي ثروته. كما اكد الجانب اللبناني تمسكه بجميع البلوكات العائدة له كاملة دون اي خرق. كذلك تردد ان الجانب الاسرائيلي وافق على ان يكون حقل قانا للبنان ولكنه طالب بتعديلات على الخط 23، بحيث يستفيد من مساحة محددة الا ان الجانب اللبناني رفض ذلك. واخيراً طالب لبنان بالسماح للشركات الاجنبية وفي طليعتها شركة توتال البدء بالتنقيب فور توقيع الاتفاق.
اذا كل شيء كان يوحي بالتفاؤل، وبقرب التوصل الى حل نهائي. ولكن السؤال الان هل ان هذا الانجاز سيتم قبل نهاية العهد الحالي، ام يترك للعهد المقبل؟ كذلك يخشى ان تدخل العراقيل على الخط، فتعطل كل شيء. المرحلة دقيقة وهي تحتاج الى الهدوء والتعقل، ليتمكن لبنان من الوصول الى حقوقه.
وكان سبق اجتماع القصر احتفال في ثكنة شكري غانم في الفياضية بعيد الجيش، حضره الرؤساء الثلاثة عون وبري وميقاتي، القى خلاله الرئيس عون كلمة انتقد فيها عدم تشكيل حكومة جديدة وابدى خشيته من ان ينسحب التعطيل على انتخاب رئيس للجمهورية. ومهما يكن من امر فان الجيش، المؤسسة الوحيدة الصامدة والجامعة والثابتة في مواقفها رغم كل الصعوبات، استطاع ان يجمع المسؤولين بعد فترة طويلة من التباعد. غير ان اللقاء لا يوحي بلقاءات اخرى تعقبه، من اجل التداول في تشكيل حكومة جديدة. وهذا يعني ان ملف التشكيل طوي نهائياً في الفترة المتبقية من هذا العهد.
وتعلق مصادر مطلعة على الدعوات لتشكيل حكومة جديدة، فتصفها بانها لزوم ما لا يلزم. وسألت هل سبق ان شكلت حكومة في لبنان وحضّرت بيانها الوزاري ومثلت امام مجلس النواب لنيل الثقة في ثلاثة اشهر؟ ان تشكيل الحكومات يستغرق اشهراً طويلة وصل في بعض المرات الى 12 شهراً. فكيف يتحدثون عن حكومة جديدة في غضون ثلاثة اشهر ولمدة ثلاثة اشهر؟ ان كل كلام عن هذا الموضوع لم يعد مناسباً. حتى تفعيل حكومة تصريف الاعمال لم يعد وارداً قبل نهاية العهد. فالامور باقية على حالها حتى نهاية تشرين الاول المقبل، موعد مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا.
طبعاً هذا الوضع سيدفع ثمنه غالياً الشعب اللبناني الغارق في بحر من الازمات لا تنتهي، بدءاً من ازمة الرغيف التي سقطت كل الوعود بقرب حلها، خصوصاً وان المتاجرين بلقمة الفقير يسرحون ويمرحون ولم يدخل واحد منهم السجن، رغم انهم معروفون بالاسماء. وهناك ازمة الكهرباء التي تزداد شدة وسوءاً يوماً بعد يوم، وازمة مياه في بلد الينابيع الغزيرة والمسؤولية الضائعة، وتبقى ازمة الدواء المستفحلة تهدد حياة المواطنين، بسبب انقطاع معظم الادوية، وان وجدت فان اسعارها اصبحت فوق قدرة المرضى على شرائها. انها ازمات مدمرة وقاتلة والحلول غائبة الا في تصريحات المسؤولين، وهم يثبتون يوماً بعد يوم انهم غير مسؤولين وليسوا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم.