مع عودة السفراء الخليجيين عادت الحركة السياسية تنشط على ابواب الانتخابات

التحرك الرسمي قائم في كل الاتجاهات ولكن الحلول لاي ازمة لا تزال بعيدة المنال
مع اقتراب موعد الانتخابات، ومع عودة سفراء دول الخليج العربي الى لبنان عاد النشاط يدب في الحياة السياسية العامة، رغم الازمات القاتلة التي تلاحق اللبنانيين يوماً بعد يوم. وتتكثف الاتصالات لتزيد المعركة الانتخابية حماوة. فالانتخابات هذه المرة تختلف كثيراً عن السابق، لانها تجري بين تيارين متناقضين تماماً. الاول هو تيار المنظومة التي تتمسك بالوضع القائم. فهي قابضة على البلد بكل مفاصله ومتجذرة بشكل يصعب اقتلاعها. والتيار الاخر هو تيار التغيير والعودة الى السيادة الكاملة والحرية الناجزة، بعدما افتقدهما لبنان بفعل سياسات خاطئة قادته في دروب لا علاقة له بها. وكان من الممكن ان يحدث التغيير على صعوبة المعركة، لو ان قوى المعارضة وقوى ثورة 17 تشرين والسياديين وحدوا مواقفهم وشكلوا لوائح مشتركة، وتنازلوا عن انانياتهم في سبيل ما ينادون به، وفي سبيل المصلحة الوطنية، فالاكثرية الصامتة التي تتلقى انعكاسات العبء الاكبر من الوضع الحالي تتوق الى ايام زمان، يوم كانت البحبوحة ورغد العيش، بعيداً عن مشاكل المنطقة ومناكفاتها، ولكنها عاجزة عن فعل اي شيء. اذاً هل يحدث التغيير في ظل هذا الوضع المهترىء، ربما ولكن ليس بالحد المطلوب، ومع ذلك يبقى الامل قائماً.
تميز يوم امس بحركة لافتة قام بها سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري، فزار المرجعيات الدينية بدءاً من دار الافتاء حيث استقبله المفتي دريان في زيارة بروتوكولية وودية. ثم انتقل الى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى حيث استقبله الشيخ الخطيب. ومن هناك الى دار الطائفة الدرزية حيث اجتمع الى الشيخ ابو المنى، وبعد الظهر زار بكركي والتقى البطريرك الراعي الذي رحب بعودة العلاقات اللبنانية – الخليجية. في المساء اقام السفير بخاري افطاراً جمع الى الرئيس ميقاتي رؤساء الجمهورية السابقين ورؤساء الحكومات السابقين وعدداً من رجال السياسة وسفراء الدول العربية والاجنبية وفي مقدمتهم سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا وسفيرة فرنسا آن غريو. وكذلك دعي الى الافطار عدد من وجوه المجتمع.
على الصعيد الرسمي عقد الرئيس نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات ابرزها مع ممثلي الشركات المستوردة للادوية وتناول البحث بصورة خاصة كيفية تأمين الادوية وفي طليعتها ادوية السرطان المفقودة منذ مدة، بحيث تهددت حياة المرضى بالخطر. منذ تشكيل هذه الحكومة واستلامها مهماتها ونحن نسمع عن اجتماعات ووعود تتناول بصورة خاصة المواضيع التي تهم الناس اكثر من غيرها، وفي طليعتها الادوية والكهرباء. وتطلق التصاريح والوعود بحلول قريبة، الا ان شيئاً لم يتحقق حتى الساعة. فالادوية مقطوعة وان وجد دواء ما فان سعره يفوق قدرة المواطن الشرائية. قالوا ان الادوية المصنعة محلياً هي البديل، وان ثمنها اقل بكثير من ثمن الادوية المستوردة. ولكن تبين انه حتى الادوية المصنعة محلياً يختفي بعضها من الاسواق اما اسعارها فلا تقل عن اسعار الادوية المستوردة، اي ان المشكلة لا تزال قائمة وهي تستفحل يوماً بعد يوم.
وما يقال عن الادوية ينطبق على الكهرباء. لقد وعدونا باستجرار الغاز من مصر والتيار الكهربائي من الاردن في مهلة اقصاها نهاية 2021، ثم تبدل الموعد الى شباط فاذار وها نحن في نيسان، ولا بوادر حل لهذا الموضوع، ولم يطل مسؤول واحد على الناس ليخبرهم عن اسباب هذا التأخير. فكأن الانسان في لبنان لم يعد له قيمة في نظر المنظومة ولا يستحق ان يعرف ما يجري.
واذا تناولنا الازمات المعيشية والغلاء الجنوني فيكاد الحديث لا ينتهي عن جشع واطماع بعض التجار والمحتكرين والمافيات وغيرهم بحيث بات سعر الخضار يفوق بتقلباته اسعار الدولار التي لا يتصورها عقل. كل ذلك يجري تحت اعين المسؤولين ولا تحرك جدياً لحل، بحيث باتت حياة المواطنين شبه مستحيلة. ومهما تحدثنا عن هذه المواضيع لا نستطيع ان نلم بكل الحقيقة نظراً لتشعبها وتفاقمها يوماً بعد يوم. فهل يمكن ان ننتظر حلولاً في المستقبل القريب او حتى البعيد؟