سياسة لبنانيةلبنانيات

لولا الانتخابات لكان قانون الكابيتال كونترول مرّ برفع الاصابع في المجلس النيابي

بأي ضمير يعفي كاتب هذا القانون المنظومة ويحمّل المودعين معظم الخسائر؟

عاد رئيس الحكومة من قطر حيث اجرى محادثات مكثفة وقال انه سيزور عدداً من الدول العربية، مؤكداً على العلاقات الجيدة التي ترغب بها الحكومة مع هذه الدول، وخصوصاً دول الخليج العربي. وفور عودته واجهته اللجان النيابية باسقاط مشروع الكابيتال كونترول اليتيم الاب والام والذي لم يتبناه اي طرف، لكثرة السيئات التي تضمنها، واهمها تحميل المودعين 60 مليار دولار من الخسائر، فبأي ضمير كتب هذا المشروع وكيف يبرىء منظومة عاثت فساداً على مدى سنين، فبددت ونهبت وعقدت الصفقات المشبوهة، حتى افلست الخزينة، واوصلت المواطنين الى الجحيم فيعفيها من المسؤولية، ويحمل المودعين الخسائر؟
دأبت هذه المنظومة منذ ان تحكمت بكل مفاصل الدولة على مد اليد الى جيوب الناس، مستغلة صمتهم وعدم تحركهم للدفاع عن حقوقهم، فاستسهلت الامر وسارت على هذا المنوال، وقد استطاعت ان تخفض قيمة الودائع بالاعيبها عشرات مليارات الدولارات. لقد عمد البنك المركزي الى اصدار تعاميم مجحفة بحق المودعين، فكانت في كل معاملة تقتطع جزءاً من ودائعهم. فالمواطن الذي وثق بالمصارف وعهد اليها بجنى عمره ضاعت كل امواله، ولم يعد له ما يسدد به حاجاته، وتحكمت به المصارف ولاقاها المصرف المركزي، فطار الدولار ارتفاعاً وبقيت التعاميم تحتسب على اساس سعر منخفض هو السعر الرسمي. وفيما وصل سعر الدولار الى 34 الف ليرة بقيت المصارف تحتسبه على اساس 3900 ليرة ثم رفعت المبلغ الى 8000 فاطاحت كل هذه التدابير اموال المودعين. وكان الهدف تخفيف العبء على المنظومة والضغط على الناس.
هكذا اسقط مشروع قانون الكابيتال كونترول. ويبدو ان النية كانت تهدف الى اسقاطه، اولاً من خلال الصيغة التي وضع بها، والتي لا يقبلها عقل او منطق، وثانياً من خلال اختلاف النواب حوله، وربما هو خلاف مفتعل لتطييره. قانون الكابيتال كونترول كان متوقعاً ان يقر قبل اكثر من سنتين ونصف السنة، الا ان ممثلي الشعب، (النواب) رفضوا ذلك ووضعوه في الادراج، مفسحين المجال امام المتنفذين والمتمولين من المنظومة لتهريب اموالهم الى الخارج. وهكذا كان وبلغت الاموال المهربة عشرات المليارات. والهاءً للمودعين شنوا حملات، هم انفسهم، ضد تهريب الاموال وشاركوا كلهم فيها ووعدوا باستعادتها لابعاد الشبهة عنهم. الا ان الاعيبهم كانت مكشوفة ولم تقنع احداً. فلماذا لم يقر هذا القانون يومها، ولماذا نام في الادراج طوال هذه السنوات؟ ثم ماذا ستفعل الحكومة مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط اقرار الكابيتال كونترول لمتابعة المفاوضات. هذا القانون كان من الممكن ان يمر على علاته ويصدق عليه النواب، كما مرت قوانين اخرى غيره وفي طليعتها قانون الايجارات الذي يشرد اكثر من مليون مواطن، وهو عصي على التطبيق، وغصت المحاكم بالاف الدعاوى مع العلم ان الحكومة لم تقم بما هو مطلوب منها لجهة انشاء الصندوق المخصص لدعم المحتاجين – كان من الممكن ان يمر لولا ان الزمن هو زمن انتخابات والنواب يخشون المحاسبة.
بعد هذه الفوضى وهذا التخبط والارباك في تسيير امور الدولة، كيف يمكن الوثوق بهذه الطبقة السياسية التي فشلت على كل الصعد، وكانت موضع تنذر في الدول العربية والمجتمع الدولي وقد اغرقت شعبها بالازمات المستعصية واخرها ما يعاني منه المواطنون لجهة الارتفاع الجنوني في اسعار المحروقات واي حل يطرح على الطاولة، تكون العيون مصوبة من خلاله على جيوب الناس. فهل يتنبه الشعب لما يجري، والفساد المستشري وسوء الادارة والتخلي عن المسؤولية، فيعمد الى تصحيح هذا الوضع من خلال الانتخابات التي اصبحت على الابواب، فيحكم ضميره ومصلحته قبل مصلحة الزعيم، الذي يخاطبه مرة كل اربع سنوات ويتودد اليه، حتى اذا اعلنت النتائج، اختفى تماماً؟ صراحة ان الامل ضعيف في التغيير بسبب تقاعس هذا الشعب الذي فشلت كل المساوىء بحقه في تحريكه ودفعه الى ان ينتفض. فهل يفعلها هذه المرة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق