جلستان لمجلس الوزراء هذا الاسبوع… المسافة الزمنية بينهما قصيرة ولكنها مزروعة بالالغام
من يعوض على الطلاب ضياع سنة من عمرهم؟… والذين تسببوا بالخسائر وحدهم عليهم تعويضها
جلستان لمجلس الوزراء هذا الاسبوع. المسافة الزمنية بينهما قصيرة غير انها مزروعة بالخلافات والمطبات والالغام والرفض وغيرها. المواضيع المطروحة على بساط البحث مهمة ومتعددة، غير ان تمريرها ليس سهلاً. والبداية مع القضايا التربوية واضراب معلمي المدارس الرسمية والمتعاقدين الذي ضيع عاماً كاملاً من حياة جيل يقدر بمئات الالاف. فمن يعوض على هؤلاء الخسارة الفادحة؟ ان للمضربين حقوقاً، مثلهم مثل كل اللبنانيين الذين ضاعت حقوقهم على ايدي منظومة فاسدة، تحدث العالم كله عن فسادها، ولكن هل يحق للمعلمين ان يغامروا بمصير الطلاب وحقوقهم ليحصلوا هم على ما يريدون؟ باي منطق او قانون اجازوا لانفسهم استخدام الطلاب دروعاً لتحصيل ما يدعون انها حقوقهم؟ ولو سلمنا جدلاً ان كل ما يطالبون به محق، فمن يعطي الطلاب ما لهم عند المعلمين؟ الى من يلجأون لاستعادة حقوقهم؟ هل الى الحكومة وهي غافلة عنهم منذ بداية العام الدراسي؟ هل الى القضاء؟ ان الاضراب والمطالبة بالحقوق حق مشروع كفله الدستور، ولكن ليس على حساب حقوق الاخرين. كان الاحرى بالحكومة منذ اليوم الاول للاضراب ان تتعاقد مع معلمين يقدّرون المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وترك المضربين ينعمون باضرابهم.. فهم معتاودن على العطلات المدرسية وفي طليعتها عطلة صيفية مدتها ثلاثة اشهر مدفوعة الاجر. فهل هذه الامتيازات معطاة لغيرهم؟
الملف الثاني يتعلق بالقانون الذي ينزع بعض الصلاحيات من مدعي عام التمييز ويعطيها لوزير العدل. وهذا يعني في حال اقراره وضع القضاء تحت رحمة السياسة، وهذا مخالف لمبدأ فصل السلطات، فضلاً عن ان طرحه في هذا الوقت امر مشبوه، وقد يكون الهدف منه التلاعب بمصير التحقيق القضائي في جريمة انفجار المرفأ وتضييع حقوق 220 قتيلاً قضوا تحت انقاض بيروت المدمرة. كما انه يستخدم لتعطيل عمل القاضي طارق بيطار. فتنبهوا يا اهالي الضحايا والمتضررين. ولا تسمحوا بأن تذهب حياة من قضوا هباء، خدمة لمصالح سياسية. فضلاً عن اي مساس بهذه الحقوق، سيفقد لبنان احترامه ودوره بين الامم. فالعيون كلها شاخصة في الداخل والخارج، وهي تنتظر نتيجة التحقيق لمعرفة اليد التي تسببت بواحد من اكبر الانفجارات في العالم.
ونصل الى الموازنة العامة التي تتوقع الحكومة ان يتم اقرارها يوم الخميس. الا ان المعارضة الواسعة التي قوبلت بها في الاوساط الاقتصادية والمالية والشعبية لا توحي بالايجابية. الموازنة مؤلفة من 1300 صفحة، ونحن نسأل من استطاع ان يقرأها كلها ويتعمق في درسها في مهلة قصيرة كهذه؟ لقد اعتدنا في هذا البلد على ان كل القرارات تصدر عشوائياً، وهذا ما يلوح من خلال الحديث عن الموازنة، فهي مليئة بالرسوم والضرائب في وقت يعجز المواطنون عن تحصيل لقمة عيشهم، في ظل تدهور اقتصادي ومالي غير مسبوق في العالم كله. هل سأل المسؤولون انفسهم من اين يأتي هؤلاء بالمال ليسددوا كل ما تفرضه الموازنة من ضرائب ورسوم خيالية؟ وهل سألوا ماذا قدموا هم للشعب مقابل كل هذه الاعباء التي ينزلونها فوق رؤوسهم؟
وبدعة البدع في هذه الموازنة ما يتردد عن ان الحكومة تسعى لتحميل المودعين الخسائر التي تسببت بها المنظومة، واوصلت البلاد الى هذا الوضع المزري. كلا ايها السادة ان الخسائر تسبب بها من كانوا ولا زالوا ينعمون بكل وسائل الرفاهية والبحبوحة على حساب الشعب. فخذوا منهم وخصوصاً من الذين هدروا وبددوا اموال الخزينة وعقدوا الصفقات المشبوهة وقبضوا الرشاوى بملايين الدولارات. هذه حقائق وردت في بيانات من اكبر المراجع الدولية كالبنك الدولي والمنظمات الدولية وصنفت لبنان في اخر درجات الفساد. اذاً عليكم بهؤلاء لتسددوا خسائركم، لا جيوب الفقراء الخالية والممزقة من كثرة ما مددتم الايادي اليها.
لو اردنا متابعة الكلام عن فساد المنظومة لما انتهى الحديث، فنكتفي بهذا القدر اليسير، على امل ان يعي المسؤولون ان التوجه الى جيوب المواطنين طريق خاطىء يوصل الى الهلاك. فلا بد من ان يأتي يوم يستيقظ هذا الشعب المخدر، ويهب هبة واحدة ليسترجع ما سلبته منه المنظومة. ان الخسارة يجب ان يعوضها من تسببوا بها. والمسؤولون يعرفون جيداً من هم، فلماذا لا يحاسبونهم ويسترجعون اموال الخزينة، بدل التوجه الى المؤسسات الدولية التي تفرض اقسى الشروط لتمد اليد اليهم. ولماذا لا يتحرك الشعب لاسترجاع حياة كريمة سلبوها منه. حتى في الدول الديكتاتورية التي تحكم شعبها بالحديد والنار تشهد تحركات شعبية ومواجهات في سبيل الدفاع عن الحقوق، فلماذا هذا التخاذل عند الشعب اللبناني؟