بعد عشرين عاماً من تعثر الجهود لعلاج الزهايمر، يبدي الباحثون تفاؤلاً مشوباً بكثير من الحذر بعد إعلان الشركة الناشئة «إيه سي إيميون»، التي تطور علاجاً ضد هذا المرض بالاشتراك مع فرع لمجموعة الأدوية العملاقة السويسرية «روش»، عن توصلها إلى «نتائج مشجعة» بخصوص مشروع دواء له.
سجل مشروع دواء لمكافحة الزهايمر نتائج واعدة قد تشكل تقدماً بارزاً وسط تعثر الجهود المبذولة منذ حوالي عشرين عاماً بحثاً عن علاج لهذا المرض. لكن العلماء يعتبرون أنه من المبكر جداً إبداء أمل مفرط.
وأعلنت رئيسة الشركة الناشئة «إيه سي إيميون» التي تطور علاجاً ضد الزهايمر بالاشتراك مع فرع لمجموعة الأدوية العملاقة السويسرية «روش»، متحدثة لوكالة الأنباء الفرنسية أن “«هذه النتائج… مشجعة بصورة خاصة وتمثل سابقة على أكثر من صعيد».
وتعمل المجموعتان على تقويم فعالية ما توصلت إليه أبحاثهما، بعدما أعلنتا في نهاية آب (أغسطس) عن نتائج أولية إيجابية ما زال يتعين نشرها بالتفصيل ومراجعتها بشكل مستقل.
وإن كان الإعلان مثيراً للاهتمام، فلأن الجزيئة «سيمورينماب» موضع الأبحاث تتبع خيطاً قلما تم تقصيه في سياق البحث عن علاج لمرض الزهايمر، وهو مجال تتعاقب فيه المحاولات الفاشلة منذ نحو عشرين عاماً.
فيتركز عمل هذه الجزيئة على القضاء على لويحات تشكلها بعض البروتينات المعروفة بـ «أميلويد بيتا» في دماغ المصابين، وهي واحد من العاملين الأساسيين لمرض الزهايمر إذ تضغط على الخلايا العصبية.
لكن هذا الخيط من الأبحاث قلما أعطى نتائج حتى الآن، باستثناء علاج توصلت إليه شركة بايوجين المتخصصة في معالجة الأمراض العصبية، وأذنت به السلطات الصحية الأميركية هذه السنة من غير أن يكون هناك إجماع حول فائدته العلاجية.
ويتركز اهتمام العديد من المختبرات منذ سنوات عدة على معالجة العامل الثاني المسبب لمرض الزهايمر، وهو السلوك الشاذ لبروتينات أخرى تعرف ببروتينات «تاو» موجودة في الخلايا العصبية، حيث تتكتل لدى مرضى الزهايمر إلى أن تؤدي إلى موت الخلية.
لا علاج عجائبياً
وأعطي هذا العلاج لمدة عام تقريباً لمصابين في حالة متقدمة نسبيا من مرض الزهايمر. وفي نهاية المرحلة، أفادت المجموعتان أن تراجع القدرات الإدراكية لدى الذين تلقوا العلاج كان أقل بالنصف تقريباً من الذين تلقوا دواء وهمياً.
وهي أول مرة يتم الإعلان فيها عن مثل هذه النتيجة الإيجابية لمشروع علاج يستهدف بروتينة «تاو»، بعد سلسلة من التجارب الفاشلة من ضمنها مشروع آخر لمجموعة بايوجين هذه السنة.
لكن عالم البيولوجيا العصبية لوك بويه المتخصص في الأمراض المرتبطة ببروتينات «تاو»ً، علق متحدثا لوكالة الأنباء «من الواجب لزوم حذر شديد، من الواضح أن هناك جانباً إعلامياً، رغبة في إصدار إعلان طنان» ولو أنه «قد يكون هناك حقاً أمر» إيجابي.
تحفظ
ولا تزال الأبحاث مجرد تجربة مبكرة في المرحلة الثانية ولا تشمل سوى عدد محدود من المرضى. ولتأكيد مفاعيل العلاج، ينبغي الانتقال إلى المرحلة الثالثة مع احتمال إجراء الاختبار على آلاف الأشخاص.
ويوضح بويه مبرراً تحفظه أن العديد من المشاريع التي تركزت على بروتينات «أميلويد بيتا» أعطت نتائج جيدة في المرحلة الثانية، قبل أن تخيب الآمال في المرحلة التالية.
لكن السبب الأساسي لتحفظه هو أن نتائج عقار «سيمورينماب» تبقى متباينة. فالاختبارات الإدراكية أفضل لدى المرضى الذين تلقوا الدواء، لكن هناك تفاوت في ما يتعلق بالسلوك في الحياة الحقيقية، أو ما يعرف بتدهور القدرات الوظيفية.
ولخصت عالمة البيولوجيا العصبية فلورنس كلافاغيرا الوضع لوكالة الأنباء الفرنسية بالقول «هذا واعد وبصراحة إيجابي، لكنه لم يصل إلى مستوى العلاج».
وفي ما يتعلق بكيفية تفسير هذا التباين في النتائج، ذكرت كلافاغيرا على غرار “إيه سي إيميون” نظرية تقول إن تراجع القدرات الوظيفية يستغرق وقتا حتى تظهر مفاعيله، مشيرة إلى أنه قد يتم إحداث فرق بعد بضعة أشهر على ضوء تواصل التجارب للعلاج.
لكن ليس هناك في الوقت الحاضر ما يؤكد على ذلك. وحتى لو أثبت علاج «سيمورينماب» فاعليته، من غير الواقعي أن نأمل بظهور علاج عجائبي يشفي بمفرده المصابين بالزهايمر.
وحذرت كلافاغيرا «ينبغي مستقبلاً المزاوجة بين المقاربتين، علاج مضاد لتاو وعلاج مضاد لبيتا» مضيفة «في جميع حالات الإصابة بالزهايمر، نجد البروتينتين المسببتين للمرض».
فرانس24/ أ ف ب