ملاحظات من الناس… ان اخذت الحكومة بها استعادت ثقة الداخل والخارج
صندوق النقد الدولي واعادة هيكلة الديون والكهرباء والمحروقات والازمة المعيشية ابرز المواضيع
في مدة قياسية لم تسجلها اي حكومة سابقة، انجزت لجنة صياغة البيان الوزاري امس البيان، على ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم عند الساعة الرابعة من بعد الظهر لاقراره بصيغته النهائية. ثلاثة ايام كانت كافية لانجاز البيان، في وقت كان يستغرق مع الحكومات السابقة اسابيع. وتسهيلاً للمهمة استعارت الحكومة من حكومة دياب ومن حكومة سعد الحريري قبلها النص المتعلق بمحاربة اسرائيل، وحق اللبنانيين في الدفاع عن ارضهم، منعاً لاي اشتباك كان يمكن ان يحصل داخل اللجنة. مع ذلك بقيت قضايا عالقة سيتم البت بها اليوم في مجلس الوزراء واهمها رفع الحصانة ومعامل الكهرباء، ومعلوم ان التيار الوطني الحر يتمسك بمعمل سلعاتا الذي تعارضه بقية الاطراف. فعسى ان تسوى الامور وتمر بخير. والمستغرب هنا لماذا هذا الهروب من رفع الحصانة، ما دام جميع المدعى عليهم من السياسيين والامنيين ابرياء؟ فالبريء يتقدم من قاضي التحقيق مرفوع الرأس ويدلي بافادته ويعود الى منزله. فلماذا كل هذا التعقيد؟
اهم ما يتضمنه البيان الوزاري استئناف الحوار مع صندوق النقد الدولي. للحصول على الاموال اللازمة التي تشكل نقطة الانطلاق في اعادة الحياة الى لبنان، الذي دفنته المنظومة في قعر جهنم، بفعل سياستها الخاطئة، والتي كانت على الدوام تبحث عن مصالحها لا مصلحة البلد والشعب. كذلك ينص البيان على اعادة هيكلة الدين بعدما احجمت حكومة حسان دياب في العام 2020 عن دفع 1،2 مليار دولار، كانت ستستحق في 9 اذار، وهو جزء من مبلغ 4،6 مليار دولار كان يتوجب سداده ذلك العام. ويتطرق البيان كذلك الى اعادة اصلاح الوضع المصرفي، وهو يركز على حماية حقوق المودعين وتنظيم السحوبات ومحاولة تثبيت سعر صرف الدولار، الذي بدأ ينخفض منذ لحظة تشكيل الحكومة، وهذا يثبت كم اساءت المنظومة الى اللبنانيين عندما امتنعت عن تشكيل حكومة على مدى ثلاثة عشر شهراً، حيث وصل سعر صرف الدولار في بعض الاوقات الى 23 الف ليرة، فهبت معه اسعار السلع بشكل جنوني وافقرت المواطنين وجوعتهم، ولم تعد تنخفض رغم انخفاض سعر الدولار.
بالطبع سيتطرق البيان الى الازمة المعيشية وازمة المحروقات التي اذلت الناس وصرفتهم عن اشغالهم، وارغمتهم على الوقوف في صفوف طويلة امتدت في بعض الاحيان كيلومترات، من اجل الحصول على ليترات قليلة من البنزين، في وقت كان التهريب والتخزين يسيران على قدم وساق دون ان تتمكن المنظومة من اتخاذ قرار بوقفهما. وتبين ان المهربين كانوا اقوى من الحكومة اما عن قصد واما عن عجز وفي الحالتين وقعت الكارثة.
الاسبوع المقبل تمثل حكومة «العزم والامل»، كما سماها ميقاتي امام مجلس النواب وتخرج بثقة كبيرة ومريحة، وعندها تبدأ المحاسبة. ان اول ما يتوجب عليها فعله تأمين التيار الكهربائي للناس، الذين كفروا بفاتورة المولد التي لامست الملايين، خصوصاً وان هناك مولدات امتنع اصحابها عن تركيب عدادات ليستمروا في نحر المواطنين ومد اليد الى جيوبهم الخالية. كما عليها ان تؤمن البنزين والمازوت لتختفي صفوف الذل من على الطرقات. وعليها ايضاً وربما اولاً لجم الاسعار التي ترتفع بعد دقائق من تحرك سعر الدولار صعوداً. واذا انخفض تبقى على ارتفاعها بحيث فاقت باشواط قدرة المواطن الشرائية.
هذه ملاحظات يرددها كل الناس في الشارع ونحن ننقلها بامانة، فهل تأخذ الحكومة بها وتستعيد ثقة المجتمعين الداخلي والخارجي، ام ان الحرتقات السياسية والرغبة في التعطيل ستبقيان مسيطرتين، فتسقط الحكومة في الامتحان، ويسقط معها لبنان الى قعر الهوة السحيقة؟ كذلك عليها ان تبقي العين على المعطلين الذين اصبحت الحرتقة ومنع التقدم نحو الحل من هواياتهم. وهؤلاء يعرفهم الداخل والخارج والعين عليهم.