الإمارات تعيد فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات من اغلاقها
أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة الخميس فتح سفارتها في دمشق بعد سبع سنوات من قطع علاقاتها مع سوريا على خلفية الاحتجاجات ضد النظام التي اندلعت في العام 2011 وتم قمعها بالقوة قبل اندلاع نزاع دام في البلاد.
وتتزامن هذه الخطوة مع مؤشرات حول مساع جارية لإعادة تفعيل العلاقات بين سوريا وبعض الدول العربية، قبل ثلاثة أشهر من قمة عربية تعقد في تونس، علماً أن جامعة الدول العربية علقت عضوية سوريا فيها منذ العام 2011.
ودعمت الإمارات في سنوات النزاع الأولى المعارضة السورية ضد النظام.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس عن رفع العلم الإماراتي على مقر السفارة الواقعة في حي أبو رمانة الراقي في وسط دمشق، بعد وقت قصير من وصول مدير المراسم في وزارة الخارجية والمغتربين حمزة الدواليبي الى مقر السفارة وعدد من الدبلوماسيين العرب الموجودين في دمشق.
وأعلنت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نقلته وكالة أنباء الإمارات «وام» الخميس «عودة العمل» في سفارتها في دمشق. وأوردت أن «القائم بالأعمال بالنيابة باشر مهام عمله من مقر السفارة في الجمهورية العربية السورية الشقيقة اعتباراً من اليوم».
وذكرت الوزارة أن هذه الخطوة «تؤكد حرص حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى مسارها الطبيعي بما يعزز ويفعل الدور العربي في دعم استقلال وسيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية ودرء مخاطر التدخلات الإقليمية في الشأن العربي السوري».
وطلبت دول مجلس التعاون الخليجي، وبينها الإمارات، في شباط (فبراير) 2012 من سفرائها مغادرة دمشق، متهمة إياها بإرتكاب «مجزرة جماعية ضد الشعب الأعزل»، في إشارة الى قمع الاحتجاجات الشعبية بالقوة.
وتجمّع عشرات الصحافيين وبينهم فريق من فرانس برس اليوم أمام مقر السفارة الإماراتية، من دون أن يتمكنوا من الدخول اليها لمواكبة الافتتاح الرسمي. وانهمك عمال قبل الافتتاح في وضع اللمسات الأخيرة على شعار السفارة على الجدران الخارجي.
ونقلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات عن مصادر دبلوماسية عربية في دمشق أن «عدد الدبلوماسيين الإماراتيين الذين أوفدتهم أبوظبي الى دمشق اثنان بينهما القائم بالأعمال عبد الحكيم النعيمي».
«لا توافق عربياً»
وفي 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، أي بعد نحو ثمانية أشهر من بدء الاضطرابات في سوريا، علّقت الجامعة العربية عضوية سوريا فيها وفرضت عليها عقوبات سياسية واقتصادية، مطالبة الجيش السوري بـ «عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين المناهضين للنظام».
وقدمت دول خليجية عدة في سنوات النزاع الأولى دعماً واسعاً للمعارضة السورية السياسية منها والمسلحة. إلا أن وتيرة الدعم تراجعت تدريجياً بعدما خسرت الفصائل المعارضة غالبية مناطق سيطرتها، منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في العام 2015 دعماً للقوات الحكومية. وباتت الأخيرة تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد.
وتستضيف تونس في نهاية شهر آذار (مارس) المقبل دورة جديدة للقمة العربية التي لم يتضح بعد ما إذا كانت ستتم دعوة سوريا إليها.
وأوضح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي في مؤتمر صحافي في القاهرة الاثنين أنه «لا يوجد توافق عربي حول مسألة إعادة النظر بشأن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية».
وسبق افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق سلسلة خطوات، أبرزها زيارة مفاجئة أجراها الرئيس السوداني عمر البشير الى سوريا قبل عشرة أيام، كانت الأولى لرئيس عربي الى دمشق منذ اندلاع النزاع في آذار (مارس) 2011.
كما أجرى رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك نهاية الأسبوع الماضي محادثات في القاهرة، خلال زيارة نادرة لمسؤول سوري أمني بارز إلى مصر بعد اندلاع النزاع.
أول رحلة الى تونس
وبعد انقطاع لنحو ثماني سنوات، غادرت الخميس أول رحلة سياحية من سوريا الى تونس على متن طائرة تابعة لشركة «أجنحة الشام» الخاصة تقلّ نحو 160 شخصاً.
وقال معتز طربين، مدير مكتب دامسكو للسياحة والسفر المشارك في تنظيم الرحلة، لفرانس برس «إنها أول رحلة منذ العام 2011 لإطلاق الخط بيننا وبين تونس».
ورجّح مدير التطوير في «أجنحة الشام» للطيران أسامة ساطع لفرانس برس أن تبدأ شركته رحلاتها الأسبوعية إلى تونس في الربيع المقبل.
وتؤشر هذه الخطوات المتلاحقة إلى بدء انفتاح عربي على سوريا بعدما قطعت دول عربية عدة علاقاتها معها أو خفّضت تمثيلها الدبلوماسي فيها.
إلا أنه ليس واضحاً ما اذا كانت دول عربية أخرى، وخليجية خصوصاً، ستلحق بركب الإمارات. وتنتقد الدول الخليجية، وخصوصاً السعودية، التحالف بين سوريا وايران.
وفي موقف لافت، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على «تويتر» مطلع الأسبوع أن «السعودية وافقت الآن على إنفاق الأموال اللازمة للمساعدة في إعادة إعمار سوريا بدلاً من الولايات المتحدة».
وتسبب النزاع منذ اندلاعه بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
ا ف ب