عون: عدم تشكيل الحكومة سببه معركة سياسية وخلق تقاليد جديدة لم نألفها من قبل
الراعي: خنقوا فرحة العيد بحكومة فكانت ردة فعل الشعب المحقة بالتظاهر غضباً
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الميلاد على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، كابيلا القيامة، عاونه فيه المطارنة حنا علوان، ورفيق الورشا وسمير مظلوم وبولس الصياح، المونسينور دومينيك لبكي ولفيف من الكهنة، بمشاركة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير والقائم بأعمال السفارة البابوية المونسنيور اينان سانتوس، وخدمت القداس جوقة أرزة لبنان، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعقيلته اللبنانية الاولى السيدة ناديا، وحشد من الوزراء والنواب والقى البطريرك الراعي عظة قال فيها:
«من الرعاة والمجوس انطلقت عادة تقديم الهدايا في عيد الميلاد. وكان شعبنا اللبناني ينتظر هدية العيد: حكومة جديدة بعد انتظار سبعة أشهر كاملة، تخرجه من قلق المعيشة والأزمة الاقتصادية المتسببة بتفكك العائلة والحياة الزوجية وتدني الأخلاق وسقوط معظم شبابنا ضحايا المخدرات ومروجيها المحميين. ونعرف أن هذه كانت رغبتكم، فخامة الرئيس، ورغبة المحبين حقاً للبنان وشعبه ومؤسساته. فكان أن أصحاب القلوب الفارغة من الحب والمشاعر الإنسانية، والولاء للوطن والإخلاص للشعب، خنقوا فرحة العيد وهذه الرغبة في القلوب. فكانت أول من أمس ردة فعل الشعب المحقة التي انطلقت بمظاهرات كعلامة غضب ورفض للسياسة اللامسؤولة والمهترئة بالأنانية والفساد والمكاسب غير المشروعة وبالجنوح نحو تعطيل مسيرة الدولة. وقد دعوتم منذ يومين، فخامة الرئيس، إلى التمسك بالرجاء ورفض اليأس، فلا بد لهذه الظلمة من أن تنجلي ونحن نؤمن بذلك، فعند ميلاد ابن الله في ظلمة الليل الحالك، أشرق من السماء نور الخلاص كشمس الظهيرة، وتمت نبوءة أشعيا: «الشعب السائر في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، والجالسون في أرض الموت وظلاله أشرق عليهم النور» (أش1:9). ومع ذلك نعرف وجعكم واستياءكم أنتم الذين أعلنتم في خطاب القسم أن «الأهم، في مسؤوليتكم الأولى، إطمئنان اللبنانيين إلى بعضهم البعض وإلى دولتهم بأن تكون الحامية لهم، والمؤمنة لحقوقهم وحاجاتهم، وأن يكون رئيس الجمهورية ضامن الأمان والاطمئنان».
وقال: «الفرح المعلن للبشرية بميلاد الإله إنسان، يعني عودة بهاء الإنسانية إلى كل إنسان، لكونه مخلوقاً على صورة الله. إنها الأنسنة الجديدة التي لا تتعايش مع الكبرياء والتسلط والحقد والانانية والبغض والظلم والتعذيب وفساد القلب وموت الضمير بخنق صوت الله في أعماق الإنسان. فإذا عاد الإنسان إلى إنسانيته، دخلت الأنسنة السياسة فيتوقف السياسيون عن ابتزاز مؤسسات الدولة وسلب مالها العام وهدره، وعن قهر المواطنين وحرمانهم حقوقهم، ويجعلون الدستور وحده قاعدة الحكم. ودخلت اقتصاد فلا يتحول سوء استعماله لاستغلال الإنسان ورفع شأن المادة على حساب كرامته وحقوقه، ولجعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقراً. وإذا عاد الإنسان إلى إنسانيته دخلت الأنسنة الوزارات والإدارات العامة فترتدع عن السرقة والرشوة والهدر، وتتحرر من الفساد والمفسدين وطغيان السياسيين والمذهبيين. ودخلت القضاء فيحكم بالعدل والانصاف متحرراً من الإغراءات المالية والتدخلات السياسية والحزبية. ودخلت الأنسنة الإعلام ومختلف وسائل التواصل الإجتماعي، فتكف عن بث سم الكذب والمأجورية وانتهاك الكرامات والافتراء وتوجيه الإساءات. ودخلت المجتمع فينبذ الخلافات والنزاعات وانحطاط القيم، ويعزز جو الألفة والتضامن والترابط».
خلوة
وكان عون وصل الى الصرح البطريركي في بكركي عند التاسعة والنصف صباحاً وكان في استقباله المطرانان حنا علوان وبولس الصياح، وتوجه فوراً الى صالون الصرح الكبير حيث كان في استقباله الراعي والكاردينال صفير وعدد من المطارنة، وخلال التقاط الصور التذكارية بادر الراعي الرئيس عون بالقول: «اللبنانيون كانوا ينتظرون ان تكون العيدية حكومة» فأجابه الرئيس عون: «عدم التشكيل سببه معركة سياسية ويبدو ان هناك تغييراً في التقاليد والأعراف».
ثم عقدت خلوة بين عون والراعي في المكتب الخاص للأخير، استمرت قرابة النصف ساعة، وقبيل توجهه للمشاركة في قداس الميلاد قال عون للاعلاميين في كلمة مقتضبة: «نعيش أزمة تأليف الحكومة، صلوا لكي تحل الصعوبات. يبدو أن البعض يخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نألفها سابقا ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها».
وسام وأيقونة
وفي ختام القداس، قدم الراعي لعون وسام مار مارون، وهو الوسام الأرفع في الكنيسة المارونية، تقديراً لعطاءاته.
كذلك منحه واللبنانية الأولى السيدة ناديا، الأيقونة الإلهية للعائلة المقدسة، لمناسبة اليوبيل الذهبي لزواجهما.
بعد ذلك توجه عون والراعي إلى صالون الصرح لتقبل التهاني بالعيد.