أبرز الأخبارسياسة عربية

تعليق المساعدات للاجئين السوريين ورقة ضغط على المعارضة

بينما تتواصل المواجهات على الارض السورية، وتتعدد اطرافها، توقف المتابعون عند حدثين بارزين، يعتقد محللون انهما مؤشران على استمرار التغيير في الموقف الدولي من ذلك الملف.

الحدث الاول، الاعلان الدولي بالتوقف عن تقديم المساعدات الاعاشية للاجئين السوريين في دول اللجوء. وهو الاعلان الذي تقول بعض المصادر انه جاء كنوع من الضغط على الدول الغنية من اجل التبرع، عقب نضوب تلك التبرعات ووصولها الى حد التلاشي. بينما ترى مصادر اخرى انه يهدف الى الضغط على المعارضة ذاتها.
اما الحدث الثاني فيتمثل بالخطة الاممية التي عرضها المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا والتي تأتي ضمن اطار السعي لوقف المواجهات في مدينة حلب.
وفي هذا السياق تعددت الاجتهادات، فمن يرى ان تلك الخطة المقترحة تهدف الى ارضاء الجانب التركي، ومن يرى انها تهدف الى حماية بعض الاطراف المشاركة في المواجهات. ومهما يكن الامر بخصوص ذلك الملف، بدا واضحاً ان التركيز عاد من جديد الى الساحة السورية، ولكن ليس بالطريقة التي يفهم منها انها دعم للمعارضة التي يصفها الغرب بانها «متوازنة»، والتي بدا واضحاً انها في طريقها الى التلاشي امام التنظيمات المتطرفة التي باتت هي الاقوى، والاغنى، والاكثر تسليحاً، والتي تقع ضمن اطار التركيز الاعلامي.

سيارة مفخخة
ميدانياً، تناقلت التقارير ما يفيد بمقتل احد القياديين في تنظيم «جيش الإسلام» ويدعى أحمد فرحان اللحام، وذلك بانفجار سيارة مفخخة في بلدة الضمير بريف دمشق، كما قتل شخص آخر كان موجوداً في مكان الانفجار الذي حدث بسوق شعبية. ويعتبر اللحام من أبرز قادة المعارك التي خاضها الثوار في منطقتي القلمون والغوطة الشرقية بريف دمشق، وأنه من أوائل المنشقين عن جيش النظام في بلدة الضمير التي تضم مناطق عسكرية مهمة مثل مطار الضمير العسكري.
كما قتل ستة عناصر من فصائل المعارضة المسلحة في اشتباكات مع جيش النظام على أطراف مدينة داريا بريف دمشق، بينما قصف الطيران المروحي ببراميل متفجرة بلدة خان الشيح، وسط نزوح واسع لأهالي الغوطة الشرقية باتجاه ضاحية قدسيا الخاضعة لسيطرة النظام. وفي الاثناء، تجددت المعارك في حي العباسيين بالعاصمة ما ادى الى اغلاق طريق حمص الدولي. وواصل النظام قصف مدينة الرستن. وشهدت مدينة حمص نشاط قنص ادى الى سقوط عدد من القتلى.
وبينما استهدف الثوار اللواء 82 في بلدة الشيخ مسكين بريف درعا، شن النظام غارات على مدن إنخل وداعل وطفس المجاورة.
وتبادل النظام وتنظيم «الدولة الإسلامية» النزاع على مطار دير الزور العسكري، قصفت طائرات النظام قرى موحسن والخريطة والتبني.

تجميد المعارك
في الاثناء، وعلى وقع معارك ضارية تتواصل في محافظة حلب بين الجيش السوري والمعارضة المسلحة، بحث الموفد الأممي إلى سوريا ستيفان دي مستورا في غازي عنتاب التركية مع قيادات عسكرية وسياسية معارضة سبل تجميد المعارك.
وقال قيس الشيخ، رئيس مجلس قيادة الثورة وهو تحالف يضم عشرات الفصائل المقاتلة بينها الإسلامية والعلمانية، ان الخطة التي عرضها السفير دي ميستورا لم تكن مكتوبة ولا تحتوي على كل الاليات والضمانات المطلوبة.
أما الناطقة باسم الموفد الدولي جولييت توما فقالت ان «خطة دي مستورا قيد البحث حالياً ولا نعلم حدودها الجغرافية».
الشيخ اضاف: «إن دي مستورا بحث معنا إمكانية تطبيق خطته على الأرض بدءاً من حلب ثم إلى مناطق أخرى حال نجاح التجربة».
وقالت مصادر في المعارضة السورية ان بعض الفصائل رفضت شروط دي مستورا والبعض وافق عليها، مشيرة إلى مدى الانقسام الموجود داخل المعارضة سواء في الداخل أو الخارج. واعتبرت المصادر ان المبادرة أصبحت الآن في يدي المعارضة المسلحة والتي تقضي بوقف إطلاق النار في حلب لمدة ستة أشهر ويبقي كل طرف علي ما هو عليه وهذه الفترة قابلة للتمديد.
ورأى محللون في تحرك دي مستورا توسيعاً للشقاق بين الفصائل المقاتلة، حيث وافقت بعض الفصائل على الاجتماع معه مثل جيش المجاهدين وحركة نور الدين زنكي والجبهة الإسلامية ومجلس قيادة الثورة ومنها من رفض بعد إصرار دي مستور الانفراد بكل فصيل في معزل عن الآخرين.

لقاء للاطلاع
من جانبه أعلن «مجلس قيادة الثورة» في بيان «أن اللقاء لا يعني بأية حال من الأحوال الموافقة على مبادرة المبعوث الأممي، وإنما تم عقده من أجل الاطلاع على ما تتضمنه المبادرة».
فقد تساءل العقيد «خالد المطلق» نائب رئيس المجلس العسكري في دمشق عن مبررات اختيار حلب دون غيرها؟ متهماً المبعوث بالعمل على «تجزئة المجزأ».
وفي وقت لاحق، رفض المبعوث الاممي إلى سوريا تلميحات إلى ان الهدنة المقترحة في مدينة حلب بشمال البلاد ستفيد الرئيس بشار الاسد قائلا انها انطلاقة نحو عملية سياسية وحيوية للسماح بدخول المساعدات.
من جهته، وفي تصريحات نقلتها وكالة رويترز قال دي ميستورا «ان المقترح ليس وقفاً لاطلاق النار مثلما هو الحال في حمص، وانما وقف لنار بحكم حاجة المعارضة إلى الشعور بالراحة»، واكد ان خطة للامم المتحدة لها هدف واحد «وقف القتال وجلب المساعدات ووقف هذا الصراع. ويبدأ ذلك من حلب».
وقال «اننا ننظر إلى العديد من الاحوال والعديد من الجوانب من اجل طمأنة الجميع لان كل الاطراف لديها مشكلة ثقة» مضيفاً ان نائبه سيسافر إلى دمشق ليحاول كسب تأييد حكومة الاسد.
وقال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المدعوم من الغرب الذي اجتمع مع دي ميستورا في اسطنبول – الاحد – ان أية خطة هدنة تحتاج إلى ان تكون جزءا من استراتيجية أشمل تتضمن عزل الاسد من السلطة.

نقطة انطلاق
وقال دي ميستورا «ان التجميد نقطة انطلاق، وحجر بناء في العملية السياسية» مضيفاً ان سقوط حلب سيخلق لاجئين اضافيين يصل عددهم إلى 400 ألف لاجىء. ووصف مدينة حلب بانها «أيقونة»، وانها مزيج للثقافات والأديان، ليست لسوريا والشرق الاوسط وحسب وانما للعالم أجمع. وانها اذا سقطت فستكون مأساة».
ميدانياً، أعلن الجيش السوري تقدمه على جبهة البريج باتجاه مساكن هنانو شمال شرق حلب، وسيطرته على منطقة مناشر الحجر والمجبل ومحيطه. وأوضح متحدث عسكري ان «الجيش نصب كميناً لمجموعة من المسلحين أثناء محاولتهم التسلل من حي الوعر باتجاه قرية المزرعة بحمص موقعاً قتلى وجرحى في صفوفهم».
في سياق آخر، اعتبر رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة ان تعليق المساعدة الغذائية لحوالي 1،7 مليون نازح سوري هو بمثابة «امر بالإعدام» موقع بموافقة الأسرة الدولية.
وقال البحرة في مؤتمر صحافي في كوبنهاغن «انه اقرب الى امر بالاعدام لجعل 1،7 مليون شخص يموتون جوعاً خصوصاً في فترة الشتاء القاسي».
واضاف ان «ستين بالمئة من هؤلاء نساء واطفال ونحن كسوريين لا نفهم كيف يمكن للاسرة الدولية ان تترك 1،7 مليون شخص يموتون جوعاً امام اعينها».
وكان برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة اعلن الاثنين تعليق برنامجه للمساعدات الغذائية التي تتم بواسطة قسائم شراء لمئات الاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ظروف بائسة في الاردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر، مبرراً ذلك بنقص الاموال. غير ان مصادر غير رسمية قالت ان قراراً باعادة المعونات جزئياً قد اتخذ.

حملة تبرعات
وسبق الاعلان عن العودة الجزئية اطلاق حملة تبرعات على شبكات التواصل الاجتماعي لجمع مبلغ 64 مليون دولار الضروري لاستئناف المساعدة الغذائية باسرع وقت ممكن لـ 1،7 مليون لاجىء سوري.
من جهة اخرى، رأى البحرة ان تطبيق خطة المساعدة لتجهيز وتدريب المعارضين السوريين المعتدلين الممولة من قبل الولايات المتحدة يحتاج الى اشهر. واضاف ان الامر يتطلب ايضاً ان يجد الجيش السوري الحر المعارض مصادر دعم جديدة.
وقال «يفترض ان يبدأ في نهاية شباط ( فبراير)  او نهاية آذار (مارس) مما يترك الجيش السوري الحر لفترة طويلة جداً بمستويات الدعم الحالية». وأضاف «يجب ان يجدوا وسيلة لزيادة الجزء المخصص للمساعدة والتجهيز من البرنامج بسرعة».

ا. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق