سياسة لبنانيةلبنانيات

زحمة مبادرات تتقاطع وتتقابل والمصالح الخاصة تسد كل الطرق الى الحلول

الملفان اللذان يشغلان لبنان واللبنانيين حالياً، وهما الحرب المشتعلة في الجنوب والفراغ الرئاسي المخيم على البلاد منذ ما يقرب السنتين، واللذان يسدان الطريق امام اي تقدم في معالجة الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، لا يزالان على حالهما. انهما يصطدمان بتصلب الافرقاء الذين يرفضون التنازل ولو خطوة واحدة لمصلحة البلد.

فعلى صعيد الحرب في الجنوب كانت الانظار مشدودة الى لقاءات النورماندي، وقبلها مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن لوقف اطلاق النار في غزة، علها تنعكس على الوضع في لبنان فيتوقف القتال، الا ان رفض الحكومة الاسرائيلية وقف اطلاق النار ورفض حماس السير بالمبادرة قبل جلاء الموقف الاسرائيلي المراوغ اديا الى تعثر المبادرة. كذلك صدرت دعوات لوقف القتال خصوصاً بعد معركة النصيرات في غزة التي سقط بنتيجتها مئتان وسبعون شهيداً حتى الساعة، ومئات الجرحى، الا ان شيئاً لم يتبدل. هذه الدعوات شملت الحدود اللبنانية بعدما بات الوضع مقلقاً للغاية، بحيث يتوقع ان تنزلق الامور الى حرب شاملة ستكون نتائجها وخيمة للغاية. ولكن المنظمة السياسية سدت اذانها واغمضت اعينها ورفضت انتخاب رئيس يعيد المؤسسات الى العمل وهي متمسكة بمصالحها الخاصة على حساب مصلحة الشعب والوطن. وعلى هذا الاساس تبدو الحلول كلها شبه مستعصية، ما لم يعد الكل الى لغة العقل والمنطق، وتغليب المصلحة العامة. ماذا صدر عن قمة بايدن ماكرون بخصوص لبنان؟ في الظاهر لا شيء، الا اذا كانت هناك قرارات لم يعلن عنها، وسيجري العمل عليها، لان الوضع بدأ يسرق الاضواء عما يدور في غزة، لانه في حال اشتعال النار اكثر ستدخل المنطقة كلها في حرب شاملة تعود نتائجها بالضرر على الجميع. وهذا ما يخطط له نتانياهو وحكومته العنصرية.

على صعيد الفراغ الرئاسي ورغم كل ما قيل عن ان انتخاب رئيس للجمهورية منفصل عن الحرب في غزة، فان ذلك لا يبدو صحيحاً. باعتبار ان احداً من الاطراف التي يفترض فيها تسهيل الامر لم يقدم خطوة واحدة الى الامام. فقد غرق لبنان في المبادرات، بدءاً من الزيارة الاولى لموفد الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان وحتى الزيارة السادسة الاخيرة بقيت كلها بلا نتيجة. ثم تولت المهمة اللجنة الخماسية التي ضمت الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر والتي قام اعضاؤها السفراء الخمسة في لبنان بجولات واتصالات مع جميع الافرقاء السياسيين المعنيين بالاستحقاق الرئاسي، ثم مبادرة الحزب التقدمي الاشتراكي وقد تولى رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط ترؤس وفد اجرى زيارات ولقاءات مع الجميع وحتى الساعة لم يظهر شيء، رغم ان المبادرة مستمرة، وفي ذلك مغامرة حقيقية ان يتولى رئيس الحزب في بداية حياته السياسية مهمة بهذه الصعوبة، ليس معروفاً بعد ان كانت ستؤدي الى نتيجة. ويوم امس بدأ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مبادرة اعلنها من بكركي بعد لقائه البطريرك الماروني، الذي يكاد لا يمر يوم الا ويدعو الى سد الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية. وقال باسيل بعد اللقاء سنتواصل مع الجميع لطرح ورقة افكار محددة اذا التزمنا بها تكون لدينا فرصة جدية لجلسات انتخاب فعلية. تقوم بجهد للتوافق على رئيس توافقي بناء على شرطين: بناء الدولة وحماية لبنان. وهؤلاء الاشخاص موجودون اذا كنا نريد انتخاب رئيس. هذا ولا ننسى مبادرة كتلة الاعتدال الوطني التي قدمت مقترحات، لاقت تأييداً عند بعض الاطراف، الا ان تراجع البعض عن مواقف كانوا قد اعلنوها، جعل المبادرة تتعثر الا انها لم تتوقف.

اذاً هناك زحمة مبادرات ومحاولات لاقناع النواب بانتخاب رئيس للجمهورية، وهناك ضغوط خارجية لم تتوقف وكان اخرها الزيارة التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى الفاتيكان واجتماعه بوزير الخارجية الفاتيكاني الكاردينال بارولي وبامين سر الدولة. وكان موضوع اللقاء الوضع في لبنان. كل ذلك ولكن حتى الساعة لا نتائج ايجابية وهذا يدل على عدم رغبة بعض الاطراف في ان يكون للبنان رئيس يرعى مصالحه ويضعه على سكة الخلاص. فالى متى الانتظار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق