لودريان اجرى يوماً طويلاً من المشاورات والنتيجة: لا رئيس ولا انتخابات؟
لا يزال رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو يدير ظهره لكل النداءات الدولية، بما فيها الولايات المتحدة، ويواصل هجومه على رفح، مرتكباً المجزرة تلو الاخرى في همجية لا مثيل لها، فيما الامم المتحدة تقف موقفاً لا يتسم بالجدية والحزم اللازمين لايقافه عند حده. وتستمر الغارات الجوية متنقلة بين رفح ومناطق اخرى في غزة وصولاً الى الجنوب اللبناني الذي يدفع اهله ثمناً باهظاً نتيجة جرائم العدو، ان في المنازل التي دمر منها المئات او الاراضي التي اصبحت غير صالحة بفعل القنابل الفوسفورية. فضلاً عن الضحايا الذين يسقطون يومياً. وبالطبع يرد حزب الله على هذه الاعتداءات بقوة تفاجىء العدو وتتكبد المستوطنات والمراكز العسكرية في المناطق المقابلة خسائر فادحة. ويبدو ان الحرب طويلة وان انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لا يزال بعيداً.
سياسياً كان امس يوماً طويلاً في جولات الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان على المسؤولين والاحزاب والكتل النيابية. بدأ جولته بزيارة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الذي قال ان الذين يرفضون الحوار برئاسة بري هم الذين يعطلون الانتخاب، ثم انتقل لودريان الى عين التينة مقر اقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال في نهاية اللقاء انه يكرر تمسكه بمبادرته لانتخاب رئيس للجمهورية، مكرراً الدعوة ومن دون شروط مسبقة للتشاور حول موضوع واحد، هو انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم الانتقال الى القاعة العامة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس بدورات متتالية من ضمن قائمة تضم عدداً من المرشحين، حتى تتوج المبادرة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا التصلب في الموقف لم يسبق ان صدر مثله عن الرئيس بري: فهو طالما كان يدور الزوايا ويجد حلولاً للمشاكل القائمة اما تمسكه اليوم بطرحه دليل واضح على ان الظروف لم تنضج بعد وعلى اللبنانيين الانتظار الى ان تتم تسوية مشاكل المنطقة ومن بينها لبنان وعندها يتم انتخاب رئيس للجمهورية.
بعد ذلك استقبل لودريان في قصر الصنوبر كتلة التجدد ثم كتلة الاستقلال وعدداً من المستقلين على مائدة غداء. وكان بحث في الوسائل الممكنة لانتخاب رئيس للجمهورية. وبعد الظهر انتقل الى الصيفي حيث التقى رئيس الكتائب سامي الجميل بحضور نواب الحزب الياس حنكش وسليم الصايغ ونديم الجميل. بعد اللقاء قال النائب سامي الجميل كانت جولة مريحة، اكدنا له فيها اصرار حزب الكتائب على انتخاب رئيس باسرع وقت، واستعدادنا لتسيهل هذه المهمة. وطالب الجميل ببعض الضمانات وهي تتمحور حول نقطتين اساسيتين الاولى: هل هناك التزام من الرئيس بري بالدعوة لجلسة مفتوحة بدورات متتالية بغض النظر عن نتائج الحوار؟ اما الضمانة الثانية فتتمثل بحضور نواب الممانعة الجلسة، لان بري يمكن ان يدعو الى جلسة يقاطعها النواب ولا يؤمنون النصاب، وعملياً نكون قد عدنا الى نقطة الصفر. وقال ان الاسم الذي سينتج عن هذه العملية يجب ان يكون حيادياً، اذ لا مكان لان يفرض احد رئيساً على اللبنانيين. وانطلاقاً من هنا نحن ايجابيون بكل ما يطرح علينا وسنتعاطى بايجابية ونحصل على الضمانات اللازمة للمضي قدماً. وتابع يقول لن نستسلم او نسلم البلد لحزب الله فنحن صلبون في موقفنا ولن نسمح بان تكون الدولة في السنوات الست المقبلة جزءاً من محور ايران وحلفائها وتصبح جزءاً من محور ممانع تحت العقوبات والحصار.
بعد ذلك انتقل لودريان الى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشاره الراعي وتم التداول في القضايا اللبنانية، وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية. وكان لقاء بعد ذلك في معراب بين لودريان ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي قال بعد الاجتماع: لن نقبل بمنح رئيس المجلس النيابي صلاحيات ليست له وبان يمر كل استحقاق به حكماً. ونحن اول المدافعين عن صلاحيات الرئاسة الثانية بما يسمح به الدستور. واضاف ان محور الممانعة يريد معرفة هوية الرئيس قبل جلسة الانتخاب وهذا غير وارد، وهم لم يقبلوا بالخيار الثالث فيما نحن ابدينا كل استعداد. ان سمي حواراً او تشاوراً لن نقبل بالاعراف ولودريان قال ان بري كان ايجابياً لذا فليتفضل ويدعو الى جلسة.
وحذر لودريان خلال لقاءاته من نهاية «لبنان السياسي» فلننس كلمة حوار والمرشح الثالث هو الحل. ولكن هل يقبل الثنائي الشيعي بالمرشح الثالث. اذا كان الجواب ايجابياً يصبح من السهل انتخاب رئيس. غير ان المؤشرات لا تدل على ذلك. ومهمة لودريان جمع الاراء ورفع التقرير الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سيلتقي الرئيس الاميركي جو بايدن في السادس من الشهر المقبل في فرنسا وبالطبع سيطرح ماكرون موضوع لبنان وازماته المتعددة من الجنوب الى الفراغ الرئاسي. فهل تثمر كل هذه اللقاءات ام ان الحلول تنتظر التسوية النهائية لمشاكل المنطقة.