تصعيد مقلق في الجنوب يقابله تحرك جدي للجنة الخماسية فاين تقف المنظومة؟

سقطت الهدنة التي كان عدد من الدول يعمل عليها لتأمين وقف لاطلاق النار في غزة، والافراج عن الاسرى والرهائن. واشتد القتال والغارات الجوية في رفح وانعكس ذلك تصعيداً في الجنوب اللبناني واطاحت الاشتباكات وتبادل القصف بالمسيرات والصواريخ والمدفعية كل ما وصف انه قواعد الاشتباكات، وراح القصف يتوسّع حتى وصل العدوان الى ضواحي صيدا والبقاع. ورد حزب الله بالمثل ووصل الى طبريا، واستخدم مسيرات تطلق صواريخ فأربك العدو. هذا التصعيد اثار موجة من القلق، لانه رغم كل التصريحات التي تؤكد ان الاشتباكات مضبوطة، وان لا اسرائيل ولا حزب لله يريدان الحرب، فان حادثة مفاجئة قد تلهب الجبهات وتتمدد لتشمل كل لبنان، وتجمد كل المحاولات لاحلال الهدوء، والبدء بالبحث عن حلول للازمات اللبنانية المتعددة وفي طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية.
وسط هذه الاجواء الملبدة اطلّت اللجنة الخماسية بخريطة طريق، فتحت ثغرة في جدار ازمة الرئاسة، اذ اعلنت انها ستعمل على تشجيع المشاورات بين الكتل النيابية، والذهاب الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس في جلسة مفتوحة متعددة الدورات. وبما ان لا خير يرجى من هذه الطبقة السياسية، راح كل طرف يفسرها على طريقته ووفق مصالحه. فالبعض رحب ولكن بشروط، والبعض الآخر شكك، والفريق الثالث لم يبد اهتماماً وكأن المبادرة لا تعنيه. وجاء تصريح رئيس المجلس نبيه بري لجريدة «الشرق الاوسط» يثير التساؤلات لدى البعض. لأنه نسب ما صدر عن اللجنة الخماسية اليه، وقال ان اللجنة تبنت طرحه فدفع ذلك بعض النواب الى السؤال هل يقدم بري الضمانات بأنه سيدعو الى جلسة مفتوحة بدوارت متعددة، في حال لم تتوصل المشاورات الى اتفاق على اسم محدد يرضي جميع الاطراف؟
وعلى الرغم من هذه البلبلة، فإن اللجنة حركت المياه الراكدة وهي جادة في طرحها، خصوصاً وانها تلقت الدعم من القمة العربية التي عقدت في البحرين، والتي دعت الاطرف اللبنانيين الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. واجراء الاصلاحات قبل الوصول الى الانهيار الكامل. على كل حال واياً تكن التعليقات فان اللجنة جادة في تحركها، وستبدأ هذا الاسبوع بالاتصالات اللازمة، فيتوزع السفراء على الكتل النيابية اختصاراً للوقت والوقوف على رأيها من هذا الطرح. وعلى هذا الاساس يزور السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو الرئيس بري لاطلاعه على نتائج ما توصلت اليه اللجنة. وللتدليل على جدية اللجنة فانها حددت نهاية الشهر الجاري ليتم انتخاب رئيس. فهل تصفو النيات ويتخلى الجميع عن انانيتهم ومصالحهم الخاصة ويلبون نداء الشعب والبلد؟ ان المنطقة كما هو واضح على ابواب شرق اوسط جديد، وهناك مفاوضات تجري بين عدد من الدول من اجل رسم مستقبل المنطقة. وبما ان المفاوضات المتعلقة بهذا الشأن منوطة برئيس الجمهورية، لذلك يجب الاسراع في انتخاب رئيس يتولى المهمة، والا يصبح لبنان خارج هذه الحركة المصيرية، ويفقد دوره. فهل تعي هذه الطبقة السياسية هذا الواقع؟ نحن لا نعني فريقاً دون الآخر بل على جميع اعضاء المجلس النيابي المئة والثمانية والعشرين نائياً، ان يغلبوا المصلحة الوطنية على كل ما عداها، هذا فضلاً عن ان بقاء لبنان بلا رئيس يبعد الحلول للجبهة الجنوبية ويزيد من خطر الانزلاق الى الحرب. فرئيس الجمهورية معه وحده تجري المفاوضات لتطبيق القرار 1701.
بإختصار الحاجة الى انتخاب رئيس باتت ملحة للغاية، فاما ان تتحقق واما السقوط الى قعر الهاوية وسيدفع الجميع الثمن.