سياسة لبنانيةلبنانيات

قضية النزوح على نار حامية الا ان العقد التي تعترضها تبعد الحل في الوقت الحالي

النزوح السوري هو حالياً موضوع اللحظة. فقبل ظهر اليوم يعقد المجلس النيابي جلسة على جانب من الاهمية تتعلق بوجود حوالي مليوني ونصف المليون سوري على ارض لبنان، مما يشكل تهديداً وجودياً للبلد. وكان الرئيس نجيب ميقاتي قد طلب من الرئيس بري الدعوة الى عقد هذه الجلسة، اثر الضجة التي اثارها العرض الاوروبي بتقديم مليار يورو الى لبنان، مقابل منع النازحين من ارتياد البحر والتوجه الى الدول الاوروبية، الامر الذي اثار مختلف الفاعليات اللبنانية. ووصف هذا العرض بانه رشوة للحكومة لتبقي السوريين في لبنان.

على مدى اليومين الماضيين انشغلت الاوساط السياسية والنيابية بهذه القضية المعضلة وجرت اتصالات بين مختلف الكتل لتوحيد المواقف، والخروج بتوصية ملزمة للحكومة تتعلق بالحفاظ على مصلحة البلد. وقد تشكلت لجنة ضمت ممثلين عن مختلف الكتل النيابية، عملت على وضع توصية تردد انها من تسعة بنود، وتطالب الحكومة بان تنهي هذه القضية في غضون سنة، وان تطلب من المانحين تقديم الهبات للسوريين على ارضهم وهذا يشجعهم على العودة. والان كل العيون شاخصة الى ساحة النجمة لمعرفة ما سيصدر عن المجلس النيابي، بعدما ساهمت ازمة النزوح في توحيد المواقف. ولا يعرف ما اذا كان النواب سيرفضون المليار يورو، ام ان يشترطوا لقبوله الا يكون مرتبطاً بشروط، وهذا بعيد، لان ما من جهة تقبل بان تدفع المليارات دون مقابل.

على كل حال ان ما يجري لا يوحي بامكانية الوصول الى حل، لان القضية اخذت بعداً دولياً، ودخلت عليها قوى كثيرة غير متفقة في ما بينها، مما يبعد اي امكانية للحل، خصوصاً وان سوريا المعنية اساساً بدأت تستغل الموقف، وهي تطالب الدول الاوروبية والولايات المتحدة برفع العقوبات عنها، وتحويل الاموال اللازمة لاعادة الاعمار، حتى يستطيع النازحون العودة كما تقول. هذه واحدة من العقد الكثيرة التي تعترض اي حل. ولذلك فان الجهود التي تبذل في هذا المجال، لا يتوقع ان تثمر في الوقت الراهن، بانتظار الظروف الدولية المؤاتية. وبما ان الاضعف في اي مشكلة هو الذي يدفع الثمن، فان الخسائر كلها ستقع على رؤوس اللبنانيين.

الخطة التي بدأت الحكومة تطبقها، وقد تأخرت كثيراً في الاهتداء اليها، ربما تكون الوسيلة الانجع لضبط الفلتان والتخفيف من حدة الخسائر، وهي تقوم على تطبيق القوانين على النازحين، وهذا ما بدأته بالفعل. وتلاحق الاجهزة الامنية المخالفين، فمن لا يملك اوراقاً رسمية للاقامة يرّحل، ومن لم يحصل على اجازة عمل لا يستطيع ان يقوم باي نشاط. وكذلك عملت القوى الامنية على اقفال مئات المحلات غير الشرعية العائدة لسوريين، وفرضت رسوماً مالية قانونية على المقيمين الى غير ذلك. هذه التدابير مع الحزم في تطبيقها تدفع الذين جاءوا الى لبنان تحت غطاء النزوح، بهدف الافادة الاقتصادية، سيعودون الى سوريا تلقائياً، عندما يجدون ان ابواب الرزق مقفلة بوجههم.

الامن العام ينظم رحلات عودة طوعية وامس بالذات عاد ما بين مئتي وثلاثمئة نازح، في قافلتين انطلقتا باشراف الامن العام الذي اصدر بياناً دعا فيه الراغبين بالعودة الى تقديم طلبات الى مراكز الامن العام. صحيح انها خطوة جيدة وتفتح ثغرة صغيرة جداً في جدار هذه الازمة ولكن ماذا يشكل هذا العدد الصغير مع وجود اكثر من مليوني ونصف المليون. انها كمن يريد ان يعبىء البحر في حفرة صغيرة. الا ان الخطوة بحد ذاتها مرحب بها.

على كل حال اذا استمرت الحكومة في تنفيذ الاجراءات المشار اليها وبجدية وحزم، فان جزءاً كبيراً من الفلتان الحاصل والذي يؤثر على حياة اللبنانيين، يمكن ضبطه والتخفيف من اضراره فعسى الا يكون مصير هذه الخطة كمصير غيرها. اما انتظار مؤتمر بروكسل وغيره فهي علاجات مخدرة لن توصل الى فكفكة العقد التي اشرنا اليها. ولكن لا يجوز باي حال من الاحوال خسارة الدعم الاوروبي للبنان في المجالات الاخرى فدول الاتحاد الاوروبي صديقة والبقاء على علاقة جيدة معها دون الاضرار بالمصلحة الوطنية ضروري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق