ينطلق جمهور وعشاق الفن السابع الثلاثاء في رحلة جديدة عبر السينما العالمية مع افتتاح مهرجان كان في نسخته الـ77، التي ستمتد من 14 حتى 25 أيار (مايو)، بحضور نخبة من صناع السينما في العالم من مخرجين وممثلين ومنتجين أيضاً. ويتنافس في هذه الدورة 22 فيلماً لمخرجين كبار، أبرزهم فرانسيس فورد كوبولا الذي يعود لهذا العرس السينمائي بفيلمه الضخم المثير للجدل «ميغالوبوليس». وتسجل هذه النسخة حضوراً عربياً لعل أهمها أول مشاركة للسعودية بفيلم «نورة» ضمن «نظرة ما».
يجدد مهرجان كان اللقاء مع المهتمين بالسينما العالمية وعشاقها في نسخته الـ77 المقرر تنظيمها بين 14 و25 أيار (مايو). وهي دورة تجري في ظروف غير عادية يمر فيها العالم نتيجة الحرب في أوكرانيا وفي غزة أيضاً فيما أظهرت كل محاولات المجتمع الدولي فشلها حتى الآن في طي هذه المرحلة البالغة التوتر والانتقال لأخرى في أجواء من السلم والتعاون.
وهذا الوضع يفسر الاختيار الذي استقر عليه المهرجان في تبني ملصق رسمي، مقتبس من فيلم «رابسودي في أغسطس» للمخرج الياباني الكبير أكيرا كوروساوا، كشعار للدورة يحمل الكثير من الرمزية بلغة بصرية شاعرية، تحيلنا إلى حد ما إلى واقعنا الدولي، وتحرض فينا هذه الحاجة للوحدة إنسانياً الآن وقبل أي وقت.
الملصق الرسمي لمهرجان كان في نسخته 77
وفيلم «رابسودي في أغسطس» الذي تم عرضه خارج المنافسة في مهرجان كان السينمائي 1991، تشجع فيه جدة، من ضحايا قصف ناغازاكي في 1945، أحفادها وابن أخيها الأميركي على الإيمان بالحب والنزاهة كوسيلة لمكافحة الحرب، مع ما يرافق ذلك من لمسات حنان في نقل القيم الجميلة من جيل لجيل.
«يهدف هذا الملصق إلى الاحتفال بالفن السابع بكل استعجاب. لأنه يقدم صوتاً للجميع، فالسينما تسمح بالتحرر. ولأنه يتذكر الجراح، يحارب النسيان. ولأنه يشهد على المخاطر، يدعو للوحدة. لأنه يهدئ الصدمات… يؤكد مهرجان كان من جديد قناعة مفادها أن السينما هي ملاذ عالمي للتعبير والتشارك. مكان تكتب فيه إنسانيتنا بقدر ما تكتب فيه حريتنا»، وفق ما جاء في بيان للمنظمين.
أفلام عديدة في المنافسة ومخرجات قليلة
يتنافس في هذه الدورة على مستوى المسابقة الرسمية 22 فيلماً من مدارس واتجاهات ودول مختلفة، أبرزها فيلم «ميغالوبوليس» للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، الذي يعود للمهرجان بعد 45 عاماً من حصوله على سعفته الذهبية الثانية في 1979 عن فيلم «أبوكاليبس ناو» (القيامة الآن). ونال المخرج العملاق الأميركي أول سعفة ذهبية له عن فيلمه «محادثة» عام 1974.
وبلغت ميزانية «ميغالوبوليس» 120 مليون دولار من المال الخاص للمخرج بدون دعم أي جهة في هوليوود. ويضم طاقم الممثلين المتداول عبر الصحافة لهذا الإنتاج الضخم، أسماء بارزة بينها آدم درايفر وجون فويت ولورنس فيشبرن وشيا لابوف وداستن هوفمان.
واكتشف جمهور الفن السابع العرض التشويقي لهذا الفيلم الضخم، وكان مركزاً في شريط دعائي لا تتجاوز مدته دقيقتين، وقفت عنده الصحافة العالمية بشكل موسع، أولا لأهمية المخرج وثانياً للتطلعات التي يعلقها الجمهور على هذا العمل الذي أسال الكثير من الحبر. ويتناول تدمير مدينة ضخمة تشبه نيويورك ومحاولة إعادة إعمارها من قبل مهندس معماري وفق رؤية حديثة ووجهت بمقاومة خاصة من رئيس بلدية المدينة.
مخرجون كبار على مضمار سباق السعفة الذهبية
وإضافة لفرانسيس فورد كوبولا، يوجد على مضمار السباق لنيل السعفة الذهبية مخرجون كبار كالفرنسي جاك أوديار الحائز على السعفة الذهبية عام 2015، الذي يعود إلى البساط الأحمر بفيلم «إميليا بيريز»، وهو يمزج التشويق بالنوع الغنائي على خلفية عالم الاتجار بالمخدرات وتهريبها في المكسيك، من بطولة النجمتين سيلينا غوميز وزوي سالدانيا.
ومن الأفلام التي قد تقول كلمتها في هذا المهرجان أيضاً «المتدرب» للمخرج السويدي من أصل إيراني علي عباسي. وبحسب ما نشرته وسائل الإعلام، فالعمل «يغوص في أعماق الإمبراطورية الأميركية من خلال سرد مشوق، راسماً صعود الشاب دونالد ترامب إلى السلطة من خلال صفقة مع المحامي اليميني المؤثر روي كوهن، إلى جانب استكشاف العديد من جوانب الفساد والخداع التي رافقت جهود ترامب لبناء أعماله العقارية في نيويورك خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي».
ويدخل المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ المنافسة أيضاً بفيلم «الأكفان»، وهو فيلم حداد من بطولة ديان كروغر وفانسان كاسيل. كما يقدم المخرج الروسي المقيم خارج بلده كيريل سيريبرينيكوف الدائم المشاركة في مهرجان كان فيلمه «ليمونوف» المأخوذ من كتاب للفرنسي إيمانويل كارير.
ويقتصر حضور المخرجات في مسابقة هذه السنة على أربع منهن، علماً أن الرقم القياسي للنساء اللواتي شاركن بأفلامهن في المسابقة بلغ سبعاً في النسخة السابقة لعام 2023، وعادت السعفة الذهبية لإحداهن وهي المخرجة الفرنسية جوستين ترييه عن فيلمها «تشريح جثة».
اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية
تضم لجنة تحكيم مهرجان كان هذه السنة 4 رجال و4 نساء من الممثلين والمخرجين البارزين، ترأسها مخرجة فيلم «باربي» الأميركية غريتا غيرويغ، وأعضاؤها هم الممثلون: الفرنسي عمر سي ومواطنته إيفا غرين، والأميركية ليلي غلادستون، والإيطالي بيارفرانشيسكو فافينو، والمخرجان الياباني هيروكازو كور إيدا والإسباني خوان أنطونيو بايونا، وكاتبة السيناريو والمصورة التركية إبرو جيلان.
إلى جانب هؤلاء، حظيت المخرجة اللبنانية نادين لبكي بشرف عضوية لجنة التحكيم في لجنة المسابقات الرسمية. وقالت لبكي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: «أنا طبعاً فخورة ومسرورة بأن أكون بين كل هذه الأسماء المهمة في عالم السينما»، مضيفة: «حضور لبنان في لجنة تحكيم مهرجان كهذا، على الرغم من كل ما يعانيه من مصاعب، يجعلني أشعر بالوطنية والفخر».
المشاركة العربية: السينما السعودية تحقق «إنجازاً تاريخياً»
حققت السينما السعودية «إنجازاً تاريخياً»، حسب وصف الصحافة المحلية، بضمان مشاركتها في النسخة الـ77 من المهرجان ضمن المسابقة الموازية «نظرة ما»، بفيلم «نورة» لمخرجه توفيق الزايدي، وهو أول فيلم روائي طويل له.
وقالت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي جمانا راشد الراشد: «يشكل اختيار فيلم «نورة» للمشاركة ضمن مهرجان كان السينمائي اعترافاً بثراء السعودية بالمواهب السينمائية، كما يعكس الدور المحوري لمؤسستنا في دعم هؤلاء المبدعين».
أول مشاركة للسعودية
وتحضر مصر في مسابقة «أسبوع النقاد» بفيلم «رفعت عيني للسماء» من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير. وفي المسابقة عينها يتنافس ضمن «العروض الخاصة» فيلم «البحر البعيد» للمخرج المغربي سعيد حميش. كما يشارك مواطنه نبيل عيوش في «العرض الأول» بفيلم «الكل يحب تودة».
كما اختيرت المخرجة المغربية أسماء المدير الفائزة بجائزة أفضل فيلم من «نظرة ما» 2023 ضمن لجنة المسابقة لهذا العام.
وسيكون اسم غزة حاضراً في المهرجان ضمن «العروض الخاصة» بـ«جميلة غزة» للمخرجة الفرنسية يولاند زوبرمان عن فلسطينيين متحولين جنسياً يعيشون في تل أبيب.
كوكبة من النجوم
وبالإضافة إلى عشرات الآلاف من رواد المهرجان، يُتوقع هذا العام حضور كوكبة من نجوم السينما، من بينهم مبتكر سلسلة «ستار وورز» جورج لوكاس الذي سيحصل على سعفة ذهبية فخرية، ديمي مور وإيما ستون، سيلينا غوميز، آدم درايفر، ريتشارد غير، إضافة إلى عراب هوليوود فرانسيس فورد كوبولا الساعي للفوز بثالث سعفة ذهبية له بفيلم «ميغالوبوليس».
وبات كل شيء جاهزاً لرحلة جديدة مع السينما العالمية، ستستغرق أسبوعين، سيكتشف خلالها الحاضرون للمهرجان أعمالاً سينمائية، فاتنة لا محالة، من توقيع أبرز صناع الفن السابع عالمياً. ليبدأ رسمياً السباق نحو الظفر بسعفة 2024.
فرانس24