تراجعت الهدنة وعاد التصعيد من غزة الى الجنوب وبقيت المشاكل اللبنانية قيد الانتظار
العين على اجتماع المجلس النيابي الاربعاء المقبل لمناقشة صفقة المليار يورو فهل تتوحد المواقف؟
تراجعت الامال بالتوصل الى هدنة في غزة، والاتفاق على اطلاق الرهائن، وعادت اسرائيل الى التصعيد وبدأت بمخططها لاجتياح رفح وتسخين الجنوب اللبناني. هذا الوضع كانت له تداعياته على لبنان . فبعدما ساد التفاؤل بان يفتح هدوء الجبهة في الجنوب الباب امام حلول للمشاكل القائمة، وخصوصاً انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وتنفيذ القرار 1701 كاملاً، عدنا الى الانتظار القاتل.
من الواضح ان الخارج، وبالتحديد الدول التي تهتم بلبنان، لا يزال يواصل مساعيه، لانهاء الفراغ الرئاسي، وخصوصاً اللجنة الخماسية التي لم تتوقف عن دفع المسؤولين اللبنانيين الى القيام بواجبهم الدستوري، ودعوة المجلس النيابي لعقد جلسة مفتوحة بدورات متتالية، الى ان يتم انتخاب رئيس. عبر تطبيق الدستور، الا ان البدع التي طلعت بها بعض الكتل النيابية، مثل عقد حوار يسبق الانتخاب، ليست سوى ذرائع القصد منها عدم انتخاب رئيس. وكأنها مرتاحة الى الوضع القائم حالياً، الحكومة شبه مغيبة لا دور لها وهي على كل حال نصف حكومة، ولا تحظى بثقة المجلس النيابي ومهمتها تصريف الاعمال، وحتى هذه فانها لا تنفذها كما يجب ان تكون. واما رئيس المجلس فقد امسك بالدور الديبلوماسي، الذي هو اصلاً من مهمة وزير الخارجية، كما انه يقوم ايضاً بدور السلطة التنفيذية فكل الشخصيات التي تزور لبنان تتفاوض معه مباشرة في غياب رئيس الجمهورية. هذا وستجتمع اللجنة الخماسية يوم الاربعاء المقبل في السفارة الاميركية في عوكر لمتابعة البحث، ولكن لا ينتظر صدور اي جديد عنها.
هذا الواقع المخالف للاصول الدستورية والقانونية دفع بعض الخارج الى التدخل بفعالية. وعاد الحديث عن دوحة جديدة على غرار اتفاق الدوحة الذي انهى ازمة سياسية في حينه، وأمن انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. وكشف ان دعوة وجهت الى رئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط لزيارة قطر وان دعوات مماثلة سترد قريباً الى عدد من السياسيين اللبنانيين، تمهيداً لعقد اجتماع يخرج باتفاق على الشخص المناسب الذي يرضي الاطراف كافة لتولي الرئاسة. واستناداً الى هذه الشائعات عاد الحديث ايضاً عن قرب انتخاب رئيس للجمهورية. ولا عجب في اعتماد هذا الحل، بعدما اثبت المجلس النيابي انه اعجز من ان يقوم بدوره وهذه ليست سابقة. لقد كان السياسيون اللبنانيون بحاجة دائماً الى من يمسك بايديهم ويدلهم على مصلحة بلدهم، بعدما اعمت المصالح الخاصة بصرهم وبصيرتهم.
ويواصل الوفد النيابي الموسع زيارته الى الولايات المتحدة، والتقى عدداً من المسؤولين في البيت الابيض، وفي مقدمتهم مستشار الرئيس بايدن لشؤون الطاقة اموس هوكستين ومسؤولين في وزارة الخارجية ووزارة المالية واعضاء في الكونغرس وكان الموقف واحداً «اذهبوا وانتخبوا رئيساً للجمهورية» ومعه يبدأ الحل لكل المشاكل التي يواجهها البلد، وخصوصاً القرار 1701.
على صعيد ازمة النزوح يعقد المجلس النيابي جلسة يوم الاربعاء المقبل لمناقشة صفقة المليار يورو التي يحاول الاتحاد الاوروبي من خلالها ابقاء النازحين السوريين في لبنان، انقاذاً لمصالح دوله، دون التطلع الى قدرة لبنان على تحمل هذا العبء الثقيل جداً. ويأمل اللبنانيون ان تخرج هذه الجلسة بموقف موحد يحمله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى مؤتمر بروكسل اواخر هذا الشهر، يكون رداً ورفضاً لمحاولات الاوروبيين تحميل لبنان عبء النزوح. كذلك سيجتمع ميقاتي يوم الخميس المقبل ببعض اعضاء الوفد السوري للرئيس بشار الاسد الى مؤتمر القمة العربية في البحرين لبحث اعادة النازحين الى بلدهم والتنسيق حول هذه القضية. وتترافق هذه التطورات مع جهود بدأت البلديات القيام بها للمساعدة على فرز السوريين الذين دخلوا بصورة غير شرعية ولا يملكون وثائق رسمية ولا اجازات عمل، تمهيداً لترحيلهم ويقوم الامن العام بدور فعال في هذا المجال.
الامل الاخير ان تهدأ الجبهة الجنوبية، لتفتح الباب امام الحلول اللازمة لكل هذه المشاكل، ليستعيد لبنان دوره الذي كان اللبنانيون يفاخرون به، قبل السقوط في هذه الهاوية السحيقة.