سياسة لبنانيةلبنانيات

اجتماعات مكثفة من باريس الى بيروت والنتائج مؤجلة الى ما بعد انتهاء حرب غزة

خفت التهديدات المتبادلة بين ايران واسرائيل، وعادت الانظار تتجه الى غزة وجنوب لبنان الذي لم تهدأ جبهته، لا بل انها تتصاعد يوماً بعد يوم فتزداد الغارات الجوية التي تستهدف المنازل والسيارات والبنى التحتية مخلفة اضراراً فادحة في الارواح والممتلكات. ويرد عليها حزب الله بما يناسب من الاسلحة، ويستهدف بصورة خاصة المراكز العسكرية والمنشآت التجسسية التي يحاول العدو نشرها قرب الحدود. وتفيد التقارير ان الوضع بات خطيراً للغاية، وان العدو الاسرائيلي يستعد لشن هجوم واسع على لبنان، وهذا ما اقلق دول الغرب، وخصوصاً فرنسا خوفاً من ان يشمل التصعيد ساحات اخرى تصبح الامور معها خارج السيطرة.

انطلاقاً من هذا الواقع المقلق وجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الدعوة الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الذي التقاه في نهاية الاسبوع لاكثر من ثلاث ساعات تخللها غداء عمل شارك فيه العماد جوزف عون قائد الجيش، الذي لبى دعوة قائد الجيوش الفرنسية للبحث في حاجات الجيش عسكرياً واقتصادياً. لقد تناولت محادثات ماكرون ميقاتي الملفات اللبنانية الساخنة، من انتخاب رئيس للجمهورية الى الوضع الخطير والمقلق على الحدود الجنوبية، الى ازمة النازحين التي باتت تشكل خطراً على الوجود اللبناني، لا يقل عن خطر الحرب الاقليمية شاملة. المحادثات وصفت بالايجابية فاعربت فرنسا عن تأييدها لتحرك اللجنة الخماسية، ودعت اللبنانيين لتقديم التنازلات والعمل بجدية لانتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، لانه مفتاح الحلول لكل الازمات. واعلن ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان زار الولايات المتحدة والتقى اموس هوكستين وتناول البحث الازمة اللبنانية المتعدددة الوجوه، ولكن ما يهم الغرب تنفيذ القرار 1701 واعادة الهدوء الى الجنوب، وانتخاب رئيس للجمهورية. لذلك حضر لودريان جانباً من اللقاء وعلم ان ماكرون اتصل برئيس المجلس نبيه بري واطلعه على المحادثات ودعاه لزيارة فرنسا.

الجزء البارز من هذا الاجتماع كان اللقاء مع العماد جوزف عون، الذي قدم عرضاً مسهباً عن حاجات الجيش العسكرية والاقتصادية وضرورة زيادة عديده، بنحو سبعة الى ثمانية الاف جندي، ليتمكن من الانتشار على طول الخط الازرق بالتعاون مع اليونيفيل، بعد ان تهدأ جبهة غزة. الا ان المقلق جداً هو ربط الحرب في الجنوب بازمة غزة التي لا يبدو ما يؤشر الى ان الاتفاق بشأنها اصبح قريباً. وهذا يعني ان جميع الحلول للازمات اللبنانية المتعددة مؤجلة الى اشعار اخر، لا احد يعرف كم سيطول. والمشكلة الكبرى ان لا مؤشرات على قرب الاتفاق بين اسرائيل وحماس. فهل يستطيع لبنان مع ما يعانيه من ازمات قاتلة الاستمرار في الصمود؟

ان الملف اللبناني هو حالياً بيد الولايات المتحدة التي تعهد الى فرنسا بان تعمل عليه، وبالتعاون مع مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين، الذي هو على اطلاع واسع بالملف اللبناني. وقدم اقتراحاً لوقف لحرب في الجنوب والعمل على تطبيق القرار 1701 كاملاً، الا ان ربط التهدئة بوقف حرب غزة، دفعه الى التريث بانتظار ان تسنح الفرصة.

اما الوضع بالنسبة الى رئاسة الجمهورية فلا يختلف كثيراً. لقد تحرك سفراء الدول الخمس في اللجنة التي تهتم بشؤون لبنان، واكملوا جولتهم على الكتل النيابية وعقدوا في نهايتها اجتماعاً لتقويم النتائج وسينقلونها الى الرئيس بري هذا الاسبوع. الا ان جميع هذه التحركات تبقى بلا نتيجة، طالما ان الارادة الداخلية للوصول الى حل لا تزال غير متوفرة ويمكن القول بناء على ما تقدم ان لا حلول في المدى المنظور لاي من المشاكل القائمة، وان الوضع الحالي سيحافظ على وتيرته التصاعدية الى امد غير منظور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق