افتتاحية

عودوا الى منازلكم فأنتم لستم على قدر المسؤولية

انعقدت امس الاربعاء اول جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلف العماد ميشال سليمان. وكما كان متوقعاً لم يتم انتخاب احد، اذ ان الجلسة كانت لجس نبض الكتل النيابية ومعرفة ميولها واتجاهاتها. وتحجج الكثيرون بان الموضوع لم ينضج بعد، وهو يحتاج الى مزيد من الدرس.
الم تكن الاشهر السابقة كافية لاجراء هذه المشاورات والاتصالات لتظهير القناعات والاقدام على انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
ويتساءل اللبنانيون لماذا نحن نختلف عن كل بلدان العالم؟ ولماذا لا نستطيع ان نمرر استحقاقاً واحداً في موعده فنعطي صورة حضارية عن بلدنا وننتشله مما يتخبط فيه من ازمات متلاحقة، بفعل الخلافات التي تعصف بالطبقة السياسية المهيمنة على البلد بقدرة قادر، وسط غياب كلي لرأي الشعب الغارق في سبات عميق، لا احد يعرف متى يستفيق منه.
قبل اشهر حل استحقاق الانتخابات النيابية، وعبثاً حاول السياسيون التوصل الى قانون انتخاب تجرى الانتخابات على اساسه، فالخلافات التي عصفت بينهم حالت دون ذلك، فما كان منهم الا ان عمدوا الى التمديد لانفسهم متربعين على مقاعد مجلس النواب دون اي محاسبة او مساءلة.
ونحن نسأل السادة النواب انهم موجودون في مراكزهم بفعل وكالة شعبية انتهت مدتها فجددوها دون العودة الى من وكلهم. فهل هم واثقون من ان الشعب لا يزال يؤيد بقاءهم، وقد امضوا مدة نيابتهم دون ان يقدموا شيئاً لهذا الشعب الذي انتخبهم باستثناء رزمة قوانين لم تكن مدروسة فاساءت الى الاغلبية الساحقة من الشعب اللبناني؟
ونسأل رجال القانون والدستور هل ان بقاء النواب في مراكزهم بارادتهم، وليس بالارادة الشعبية، هو شرعي وقانوني ودستوري، خصوصاً وان الاسباب التي تسمح للنواب بالتمديد لانفسهم، هذا اذا كانت هناك اسباب تبرر ذلك، لم تكن متوفرة مطلقاً. فالبلد لم يكن في حالة حرب يوم حل موعد الانتخابات، ولم يكن هناك ما يستوجب التمديد؟
ان شرعية وجود النواب الذين مددوا لانفسهم مشكوك فيها، وطالما ان الامر كذلك فهل ان الرئيس الذي سينتخبونه سيكون شرعياً؟
ان على رجال القانون ان يجيبوا على هذه الاسئلة الخطيرة وعلى اساس الجواب، يجب سلوك الطريق القويم وتصحيح الوضع الاعوج. والشعب الصامت على كل هذه التجاوزات يتفرج على خلافات النواب ورجال السياسة والاحزاب وهو لا يتوقع منهم شيئاً. فالى متى هذا الصمت والسكوت على التلاعب بمصيره ومستقبله؟ والى متى سيبقى يتلقى الضربات؟
فريق من اللبنانيين دون ان نسمي 14 و8 اذار، اذ انها اصبحت تسميات لا معنى لها، كثر في داخله المرشحون، وكل واحد يقول انه الاقوى وان حظوظه بالنجاح كبيرة جداً. غير ان الحقيقة ضائعة ولا يبدو في الافق ان هناك مرشحاً يستطيع ان يجتاز كل هذه الالغام ويصل الى قصر بعبدا. وهناك فريق اخر يشترط في الرئيس كذا وكذا، اي ان يلبي طلباته بعيداً عن اي مصلحة وطنية. المهم مصلحته الخاصة.
المقاومة تقول انها تريد رئيساً يحافظ عليها ويحمي مصالحها، وغير ذلك لا تقبل بأي مرشح. ونحن نقول ان اي رئيس يصل الى سدة الحكم لا يمكنه الا ان يحمي المقاومة، لانها جزء من قوته، شرط ان تلتزم المقاومة نفسها بالرئيس والدولة، فتخضع للقوانين اللبنانية وتطبق الدستور، فتنضم الى الجيش وتلتزم بقرار الدولة صاحبة الحق الحصري في تقرير الحرب والسلم، ومتى تأمن ذلك تنتفي الاسباب التي تحول دون انتخاب رئيس.
هذا العرض السريع لواقع الحال يؤشر الى ان انتخاب رئيس جديد للبلاد صعب جداً لان الخلافات كبيرة، ولذلك فان فخامة الفراغ هو المؤهل للفوز حتى الساعة، ونأمل ان تحصل اعجوبة في البلد فيتم الاتفاق على شخص يتمتع بالكفاءة والنزاهة والعزم، فيتولى الحكم ويعيد البلاد الى سكة الحلول للازمات المستعصية. ولكن هل نتأمل؟ الجواب يعرفه الجميع. ومن اين يأتي الامل ونحن نرى نواباً تصرفوا خلال جلسة انتخاب الرئيس بخفة لا تليق بمن يدعون تمثيل الشعب. فنبشوا القبور واساءوا الى الشهداء ودلوا على المستوى الذي وصلت اليه الطبقة السياسية. ونكتفي بالقول لهم عيب انكم لستم على قدر المسؤولية فاستقيلوا وعودوا الى منازلكم فاذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا.

«الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق