غابت السياسة في عطلة عيد الفصح وارتفع صوت المدافع من غزة الى الجنوب اللبناني
طغت الاجواء الاحتفالية الدينية التي جرت في عطلة عيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، على ما عداها، باستثناء النشاط الحربي الذي حافظ على وتيرته المتصاعدة، من غزة الى الجنوب اللبناني. ولم تحترم الآلة العسكرية الاسرائيلية المناسبة الدينية، بل زادت من وتيرة هجماتها موقعة المزيد من الضحايا والتدمير.
في غزة استمرت الاشتباكات عنيفة بين حماس وجيش العدو الاسرائيلي، الذي استهدف المنازل ودمرها على رؤوس اصحابها، دون ان يفرق بين طفل وامرأة ومسلح. لقد ساوى بين الجميع في ارتكاب جرائمه، معطلاً مفاوضات السلام التي كانت تجري في القاهرة وقطر، مما دفع الداخل الاسرائيلي الى تنظيم التظاهرات الصاخبة التي طالبت برحيل حكومة نتانياهو ودعت الى انتخابات مبكرة.
ولم يختلف الوضع في الجنوب اللبناني، اذ كثف جيش العدو غاراته الجوية والقصف المدفعي مسقطاً المزيد من الضحايا ومدمراً المنازل، وواصل استهدافه لعناصر حزب الله الذي رد بالاسلحة المناسبة على مراكز العدو وتجمعاته، محققاً فيها اصابات مباشرة. هذ الجو المقلق دفع قائد اليونيفيل الجنرال لازارو الى وصف الوضع بالمقلق جداً، وحذر من ان توسيع القتال ستكون له عواقب خطيرة جداً. في هذا الوقت كانت الاتصالات الدبلوماسية جارية في محاولة للجم التصعيد ومنع اشتعال حرب اقليمية تشمل المحاور والساحات كلها. ولذلك دعت الولايات المتحدة الى تهدئة الوضع على الحدود الجنوبية اللبنانية، فيما يواصل مستشار الرئيس بايدن اتصالاته لانهاء الوضع المتأزم دبلوماسياً.
اما النشاط السياسي فغاب عن الساحة الداخلية اللبنانية، وخصوصاً انتخاب رئيس للجمهورية. وبدا ان جميع القوى السياسية المعنية بهذا الاستحقاق موالاة ومعارصة قابلة بهذا الشغور المدمر. فقوى الممانعة على موقفها الذي اعلنته منذ اليوم الاول لبدء فترة الاستحقاق الرئاسي. لقد رشحت رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وهي متمسكة به، وقد رفضت التخلي عنه وملاقاة الطرف الاخر للاتفاق على مرشح يرضي الجميع. اما المعارضة فيبدو انها هي مشاركة في تحمل مسؤولية الشغور الرئاسي، اذ انها استسلمت للامر الواقع ولم تقم بالمواجهة اللهم الا بالتصاريح التي لا تغني. فهي مفككة مشرذمة، فشلت في توحيد موقفها مع انها تحظى بتأييد عدد من النواب يفوق ما تحظى به الممانعة. لقد نال مرشحها 59 صوتاً مقابل 51 لمرشح الممانعة، ولو تابع المجلس الدورات الانتخابية كما ينص الدستور لكان مرشح المعارضة قد فاز. ورغم ذلك فهي مستسلمة ولا تواجه، وهذا ما دفع البابا فرنسيس الى ان يخص لبنان بعظته يوم عيد الفصح، لم يذكر السياسيين بل قال انه يفكر بالشعب اللبناني الذي يعاني من جراء تعطيل المؤسسات، وتدهور الاقتصاد، والحرب الدائرة على الحدود الجنوبية. لذلك يعتقد ان الشغور الرئاسي سيطول اكثر، طالما ان ليس على الساحة قوى تعمل وتواجه في سبيل تأمين ظروف مناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية. لقد غاب السياسيون عن القيام بدورهم، فتحرك رجال الدين الذين تطرقوا في عظاتهم الى ضرورة انهاء هذا الوضع الشاذ، من البطريرك الماروني بشاره الراعي، الى المطران الياس عودة، الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذين يلتقون عند المطالبة باعادة تكوين السلطة واطلاق المؤسسات، وهذا يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية. نعم لقد فقد اللبنانيون الثقة بهذا الطقم السياسي كله من موالاة ومعارضة، وادركوا ان لا امل باي حل على ايديهم ولذلك هم يتطلعون الى الخارج وفي الطليعة اللجنة الخماسية التي ستواصل تحركها بعد عطلة عيد الفطر على امل ان تقنع من بيدهم الحل بالتراجع عن مواقفهم المتصلبة، من اجل مصلحة الوطن وتسهيل تنفيذ الاستحقاق الرئاسي.