هل تنسحب هدنة غزة على الجنوب اللبناني ام تستغل اسرائيل الفرصة لتنفذ تهديداتها؟
غابت السياسة وتصدرت اخبار الجبهات واجهة الاحداث، اذ تابع العدو الاسرائيلي غاراته المدمرة على غزة مستهدفاً بنوع خاص مستشفياتها، زاعماً انه يلاحق عناصر حماس وقادتها وهو يزعم انهم مختبئون داخل هذه المراكز الطبية، فسقط عدد من الضحايا بين قتيل وجريح. كذلك كانت الجبهة على الحدود الجنوبية اللبنانية مشتعلة وتشهد غارات جوية وقصفاً مدفعياً استهدف كالعادة معظم القرى الحدودية، ومدمراً عدداً من المنازل وقد رد حزب الله على هذه الاعتداءات باطلاق وابل من الصواريخ مستهدفاً عدداً من مراكز العدو في الجليل الغربي والاعلى ومناطق اخرى.
الحدث الابرز تمثل في قرار مجلس الامن القاضي بوقف فوري لاطلاق النار، واطلاق الرهائن. ويأتي هذا القرار بعد خمسة اشهر من الحرب المدمرة، استخدمت فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين «الفيتو» الذي عطل التوصل الى هدنة. الا ان هذا القرار مر باكثرية اربعة عشر صوتاً وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت ولم تستخدم الفيتو هذه المرة، الامر الذي اغضب نتانياهو فالغى زيارة لموفد اسرائيلي الى واشنطن كان قد طلب حضوره الرئيس الاميركي جو بايدن، لبحث قضية الهجوم على رفح. هذا الموقف صعّد الخلاف بين الولايات المتحدة واسرائيل التي تحدت واشنطن صاحبة الفضل عليها. وهذه اول مرة يحصل فيها هذا الامر في تاريخ العلاقات الاميركية – الاسرائيلية.
ما هي تداعيات قرار مجلس الامن التاريخي وهل ان اسرائيل التي اعتادت على عدم التقيد بالقرارات الدولية ستلتزم به؟ ثم ماذا عن الجبهة اللبنانية، هل ان الالتزام بالهدنة في غزة سينعكس عليها، ام ان اسرائيل ستستغل الفرصة لتصعيد الموقف، وتنفذ تهديداتها بابعاد حزب الله عن الحدود، ولتتمكن من اعادة سكان المستوطنات الشمالية الى منازلهم؟ التساؤلات حول هذا الموضوع كثيرة والجواب عليها رهن بالتطورات الميدانية. في هذا الوقت يواصل مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين اتصالاته سعياً لتحقيق الهدوء والتوصل الى حل يعيد الامن والسلام الى هذه المنطقة.
على الصعيد السياسي توقفت كل الانشطة الرامية الى تأمين انتخاب رئيس للجمهورية، الى ما بعد عطلة الاعياد، الفصح المجيد والفطر السعيد. وتردد ان اللجنة الخماسية ستستأنف تحركها بعد هذه العطلة، وقد وعدت بانها عائدة بخريطة طريق وخطة عمل، في محاولة جدية لاقناع اللبنانيين بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، اذ لا يمكن لبلد ان ينهض بدون قيادة. فمركز الرئاسة شاغر والحكومة هي نصف حكومة ومستقيلة وباقية لتصريف الاعمال، وقد تجاوزت صلاحياتها مراراً وهي تتعرض يومياً للانتقاد. كما انها لا تحرك ساكناً باتجاه الاصلاح. وهناك مشاريع كثيرة بحاجة الى حكومة فاعلة وفي طليعتها وضع خطة تعافٍ جدية، واعادة هيكلة المصارف، اذ لا يمكن للاقتصاد ان ينطلق بدون مصارف. وعلى الرغم من هذا الانهيار المتمادي والمتمدد، لا زال من بيدهم الحل والربط ممتنعين عن القيام باي خطوة تضع حداً لهذا التدهور. فالمجلس النيابي مقفل والنواب في عطلة طويلة، فمتى يحين زمن السلام والعودة الى العمل الجدي؟