الهدنة تتعثر والحرب تتواصل من غزة الى الجنوب اللبناني وانتخاب رئيس في ادراج المجلس النيابي

على الرغم من بعض التصريحات المتفائلة باحتمال التوصل الى اتفاق على هدنة، يتم خلالها وقف اطلاق النار وتبادل اطلاق الاسرى بين حماس والعدو الاسرائيلي، فان الوقائع على الارض توحي بان التباعد لا يزال قائماً، وكل طرف يتهم الطرف الاخر بالعرقلة. وفي غضون ذلك يستمر الجيش الاسرائيلي في شن الغارات على خان يونس ورفح مستهدفاً بشكل خاص المستشفيات، زاعماً ان قادة حماس موجودون فيها. كذلك يواصل بنيامين نتانياهو تحديه للعالم باسره، وخصوصاً الولايات المتحدة، مؤكداً انه سيهاجم رفح، سواء ايده الاميركيون ام لا، وبذلك هو يعرض اسرائيل لعزلة دولية، كما يقول الرئيس الاميركي جو بايدن. ونظراً لربط الجبهة الجنوبية اللبنانية بحرب غزة، يستمر العدو الاسرائيلي في شن الغارات الجوية المكثفة مستهدفاً القرى والبلدات الجنوبية فيدمر المنازل ويسقط الضحايا. ويوم امس، ولاول مرة منذ اندلاع القتال شن غارة جوية على البقاع الغربي وبالتحديد منطقة الصويري واستهدف سيارة على الطريق واصاب سائقها بجروح. وتبين في وقت لاحق ان المصاب عامل سوري في قطاع البناء وبترت يداه وساقاه، ونقل الى احد مستشفيات المنطقة. وكان هذا العامل ينقل معلبات ومشروبات غازية من سوبرماركت في الصويري الى الصائمين، وهذا جزء من عمله الذي يعتاش منه. اما السيارة المستهدفة فيملكها صاحب السوبرماركت. وقد فشلت الجهود الطبية في انقاذ حياته اذ ما لبث ان فارق الحياة. وكانت اسرائيل قد استهدفت منطقة بعلبك مرة جديدة ودمرت احد المنازل.
وهكذا استمرت الحرب في الجنوب اللبناني تاركة تداعيات مكلفة وقاتلة. فهي تلحق بالاقتصاد اللبناني خسائر فادحة تقدر بمليارات الدولارات، وتعطل الحياة وتزرع القلق على المستقبل. فطلاب الجنوب تاهون لا يدرون كيف يكون مصير الامتحانات الرسمية وانعكاسها عليهم، خصوصاً وان تحصيلهم العلمي لم يكن منتظماً وارتبط بالوضع القائم في الجنوب. ويخشى ان يؤثر هذا الوضع على الموسم السياحي المقبل وقد اصبح الحديث عنه يتردد لدى المعنيين.
على الصعيد السياسي لا يزال انتخاب رئيس للجمهورية هو الاهم بالنسبة الى البلاد. وحدهم المسؤولون السياسيون يتصرفون وكأن الامر لا يعنيهم. وعلى الرغم من تجميد الحركة بهذا الشأن الى ما بعد الاعياد، تعالت اصوات من هنا وهناك، محملة المجلس النيابي وخصوصاً الرئيس نبيه بري المسؤولية باستمرار الشغور في قصر بعبدا، على مدى سنة ونصف السنة، ويطالبونه بفتح ابواب المجلس وتطبيق الدستور. لقد سكت السياسيون وعلا صوت القادة الروحيين. فالبطريرك الراعي يكاد لا يمر يوم الا ويتحدث فيه عن الشغور الرئاسي، محملاً النواب المسؤولية ومطالباً بتطبيق الدستور. وقد جمع منذ ايام ممثلين عن مختلف الاحزاب السياسية المسيحية للتداول في وثيقة يجري اعدادها، بعد دراسة معمقة ودقيقة، لا تعني المسيحيين وحدهم، بل جميع اللبنانيين الذين ستعرض عليهم بجميع فئاتهم، وهي تتعلق بالسيادة والمصلحة الوطنية العليا على حد ما جاء في بعض التصريحات.
المطران الياس عودة هو الاخر لا يوفر مناسبة الا ويتحدث فيها عن ضرورة تطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية. وفي عظة الاحد امس قال كيف تدار دولة بلا رئيس؟ الكل يدعي تسهيل العملية الانتخابية وينادي بضرورة اتمامها، فمن يعرقل اذاً؟ واذا كان جميع النواب مقتنعين بذلك فلمَ لا يذهبون الى المجلس النيابي وينتخبون رئيساً بحسب مقتضى الدستور، دون شروط ودون تفسير لمواد الدستور او تأؤيل بحسب المصالح. طبقوا الدستور ولا تدعوا احداً يعبث بمصير البلد.
بدوره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قال: لقد طال الشغور الرئاسي وما زلنا نتوسم خيراً بالجهود والمساعي الخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية. فالتسويف والتأخير في انتخاب رئيس هو مشروع انتحار، بل هو الانتحار بعينه، وهذا مرفوض شرعاً وقانوناً وسياسة، ويتحمل مسؤوليته كل من لا يقوم بواجبه الوطني والسياسي. واضاف لا ولن نرضى السير في مشاريع لا يحكمها العقل والحكمة والمنطق السليم، لحساب مصالح شخصية ضيقة يضيع لبنان بسببها… نطالب المجلس النيابي بان يقوم بواجبه الدستوري الاساسي، ويبادر الى انتخاب رئيس للجمهورية يكون رأس الدولة حقاً.
اننا نعوّل اليوم على اللجنة الخماسية التي تعمل جاهدة لانتخاب رئيس للجمهورية، وستستأنف عملها بعد عطلة الاعياد، فعسى ان تحمل معها مشروعاً متكاملاً يراعي مصلحة البلد بالدرجة الاولى ويقتنع به جميع الاطراف.