تصعيد دامٍ عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية ودعوات دولية للتهدئة
شهد جنوب لبنان وشمال إسرائيل تصعيداً دامياً الأربعاء نتج عنه مقتل تسعة أشخاص على الأقل جراء غارات جوية شنّتها إسرائيل على جنوب لبنان، بعد مقتل جندية في شمال الدولة العبرية جراء صاروخ أطلق من الجانب الآخر من الحدود، وسط دعوات دولية لتفادي اتساع رقعة التوتر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندية جراء إصابة قاعدة عسكرية بصاروخ أُطلق من لبنان. وردّ بغارات أودت بثمانية أشخاص بينهم سبعة مدنيين.
وشكّلت هذه الضربات تصعيداً في مستوى التوتر عبر الحدود التي تشهد منذ أكثر من أربعة أشهر، تبادلاً يومياً للقصف بين حزب الله وإسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال الجيش في بيان إن السيرجنت عومر سارة بينجو (20 عامًا) قتلت «نتيجة إطلاق (صاروخ) من الأراضي اللبنانية على قاعدة في شمال إسرائيل».
وعلى رغم أن القصف وقع صباح الأربعاء، لم تكن أي جهة قد أعلنت مسؤوليتها عنه حتى ليل اليوم ذاته.
وبعد ظهر امس، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ «موجة واسعة من الغارات داخل لبنان»، مشيراً الى أن مقاتلاته استهدفت سلسلة من «الأهداف الإرهابية لحزب الله» في بلدات عدة بجنوب لبنان.
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام، الرسمية في لبنان، أن ثلاثة أشخاص من العائلة نفسها هم امرأة سورية وطفلان يبلغان عامَين و13 عاماً قتلوا جراء غارة استهدفت منزلاً في بلدة الصوانة، ما أدى الى تدميره بشكل كامل.
وأشارت الوكالة الوطنية الى أن غارة عدشيت طاولت مبنى من طبقات عدة، ما أدى لسقوط قتيل وهو مقاتل من حزب الله وإصابة عشرة أشخاص، مؤكدة أن القصف «خلّف دماراً كبيراً في المؤسسات التجارية والمحال والمنازل والسيارات».
ونعى حزب الله أحد عناصره جراء غارة في بلدة عدشيت، ثم نعى مقاتلا آخر في غارة منفصلة.
وليل الأربعاء، قتل أربعة مدنيين جراء غارة في مدينة النبطية.
وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس إن «أربعة مدنيين من عائلة واحدة بينهم سيدتان قتلوا جراء الغارة الإسرائيلية» على شقة سكنية في مبنى في مدينة النبطية، في حصيلة جديدة.
وبحسب المصدر الأمني، فإنه «لا علاقة لسكان الشقة المستهدفة بحزب الله».
وأشارت الوكالة الوطنية الى أن الغارة نفّذتها طائرة مسيّرة.
حزب الله يتوعد بالرد
وطاولت الضربات الأربعاء بلدات عدة بينها الصوانة وعدشيت وصليا والشهابية، يبعد بعضها عن الحدود مسافات تصل الى 25 كيلومتراً.
وفي وقت سابق الأربعاء، توعّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين بأن «العدوان الذي حصل اليوم في الجنوب اللبناني والذي استشهد جراءه عدد من المدنيين والأطفال لا يمكن أن يمر دون رد».
وجاءت الضربات بعد ساعات من قصف من الجانب اللبناني أدى إلى إصابة سبعة أشخاص في شمال إسرائيل، بحسب خدمة الإسعاف «نجمة داود الحمراء».
وشاهد مصور من فرانس برس مسعفين وجنوداً إسرائيليين يجلون جريحاً بمروحية عسكرية من مستشفى في صفد.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بعد لقائه قادة عسكريين قرب الحدود اللبنانية إن «الحملة المقبلة لإسرائيل ستكون هجومية للغاية وسنستخدم كل الأدوات والقدرات لدينا».
وأضاف في بيان «نحن نكثّف الضربات طوال الوقت وحزب الله يدفع ثمنًا باهظًا بشكل متزايد».
ومنذ اليوم التالي للهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تشهد الحدود اللبنانية-الإسرائيلية تبادلاً يومياً للقصف.
ويعلن حزب الله استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و«إسناداً لمقاومتها»، ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف «بنى تحتية» للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.
وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قال في خطاب الثلاثاء «عندما يقف العدوان على غزة ويقف إطلاق النار في غزة، سيقف إطلاق النار في الجنوب».
وأضاف «هوّلوا وهدّدوا وافعلوا ما تريدون، حتى شنّ الحرب (على لبنان) لن يوقف هذه الجبهة».
ومنذ بدء التصعيد، قتل 252 شخصا بينهم 177 عنصراً من حزب الله و37 مدنياً، ضمنهم ثلاثة صحافيين، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس. وفي إسرائيل، أحصى الجيش مقتل عشرة جنود وستة مدنيين.
«مسار دبلوماسي»
وترافق التوتر الأربعاء مع دعوات لتجنّب اتساع رقعة المواجهة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين «ما زلنا نعتقد أن هناك مسارًا دبلوماسيًا للمضي قدمًا وسنواصل الدفع قدمًا لمحاولة حلّ هذه القضية دبلوماسياً».
وأضاف «لا نزال قلقين من التصعيد في لبنان. أحد أهدافنا الأساسية منذ بداية هذا النزاع هو ألّا نراه يتوسّع».
وأكدت الأمم المتحدة ضرورة وقف «التصعيد الخطير» للعنف.
وقال المتحدث باسم أمينها العام ستيفان دوجاريك «التصعيد الأخير هو بالفعل خطير ويجب أن يتوقف».
وأشار الى أن قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) رصدت «تحولًا في تبادل إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والمجموعات المسلحة في لبنان» شمل «استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق» الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان.
بدوره اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أن الوضع «خطير لكنه لم يبلغ نقطة اللاعودة».
وقال أمام الجمعية الوطنية إن «فرنسا منخرطة في حلّ النزاع خصوصًا لتجنب التصعيد وحرب جديدة في لبنان».
ووفق مصادر دبلوماسية، قدّم الوزير خلال زيارة مؤخراً الى إسرائيل ولبنان، خطة للتهدئة تقوم على وقف الأعمال القتالية على جانبي الحدود وانسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة تراوح بين عشرة الى 12 كيلومتراً من الحدود والتطبيق الكامل للقرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي عام 2006 لوضع حدّ لحرب بين الجانبين استمرت زهاء شهر.
ا ف ب