لمن الغلبة للدبلوماسية ام للحرب؟ واين الحكومة والمجلس النيابي من كل ما يحصل؟
لمن تكون الغلبة هل للحركة الدبلوماسية الناشطة ام لآلة الحرب المدمرة التي تزداد عنفاً يوماً بعد يوم، من غزة الى الحدود الجنوبية اللبنانية مروراً باليمن والعراق وسوريا؟ ولهذه الغاية يعقد اجتماع في باريس يحضره مديرو المخابرات السي اي ايه الاميركية والموساد الاسرائيلي والمخابرات المصرية ورئيس وزراء قطر، للبحث في وقف لاطلاق النار لمدة شهرين، يتخلله اطلاق اكثر من مئة اسير اسرائيلي لدى حماس، مقابل اطلاق عدد من الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية. ولكن هناك نقاط خلاف لا تزال تعرقل الاتفاق، فهل يتم التوصل الى حلها؟
تصاعد القتال على الحدود الجنوبية اللبنانية، وازداد القلق من امتداد الخطر الى حرب اقليمية مدمرة، لن تكون الغلبة فيها لاي طرف. فقد حشدت اسرائيل وفق وسائل اعلامها مئات الدبابات والفرق العسكرية على طول الحدود مع لبنان وهي تشن الغارات الجوية المكثفة والعنيفة، متجاوزة قواعد الاشتباك، وتجري التدريبات لتقوية الجاهزية، كما انها تقصف القرى والبلدات وتوقع الضحايا وتدمر المنازل. باختصار ان العدو الاسرائيلي وبالتحديد رئيس وزرائه بنيامين نتانياهو، يسعى وراء الحرب الشاملة. فمستقبله السياسي انتهى، وهو يهرب الى الامام باشعال الحرب. ولكن من هي الجهة الخارجية التي تقدم له الوقود؟
اذاً لبنان اصبح في دائرة الخطر الشديد. فماذا فعلت الحكومة وماذا فعل المجلس النيابي، لمواجهة هذه المرحلة الخطيرة. الحكومة غائبة عن الوضع. لم تعقد جلسة واحدة تبحث فيها الوضع الحدودي، ولو من باب رفع العتب وحصرت كل اهتمامها منذ تشكيلها، وقبل ان تصبح حكومة تصريف اعمال، في البحث عن ابواب جديدة تدخل منها الاموال الى الخزينة الفارغة، لا لتمويل المشاريع العمرانية واجراء الاصلاحات، بل لتنفيذ صفقات ومشاريع يغلفها الفساد المستشري في كل القطاعات، وهي في ذلك لا تجد سبيلاً الا غزو جيوب الناس، بحثاً عن ليرات متبقية فيها هذا ان وجدت، حتى ان احد السياسيين قال انها تسرق مواطنيها. وهذا ما فعلته من خلال موازنة 2024، التي لن يشعر الناس بنيرانها الا بعد ايام، عندما تبدأ بتطبيقها. لقد هدرت ودائع اللبنانيين بالتعاون بينها وبين المصرف المركزي والمصارف وافقرتهم وهي لا تزال تلاحقهم الى اخر الطريق، الى المقبرة.
اما المجلس النيابي فهو الشريك الاول في التقاعس. هل عقد جلسة واحدة لبحث الوضع في الجنوب اللبناني؟ هل فكر ان المرحلة المصيرية تستحق الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية؟ بالطبع لا. لقد عقد جلسات متتالية اقر فيها النواب الغيارى على مصلحة ناخبيهم قانون الموازنة التي وصفها احدهم بانها «مذبحة للشعب» مع العلم ان المذبحة الحقيقية هي الشغور المعشش في قصر بعبدا، منذ خمسة عشر شهراً، دون ان يبادر هذا المجلس الى انتخاب رئيس، لتعود امور الدولة تسير بشكلها الطبيعي. والمحزن اكثر عندما نرى الخارج رغم كل المشاكل، لا يزال يهتم بلبنان، فيما اهله المسؤولون يقفون متفرجين على انهيار وطنهم. اين المعارضة من كل هذا؟ ان كانت عالمة بما يحصل وغير قادرة، فلتقدم استقالتها الجماعية وترحل فتكسب ثقة الناس، وتدفع البلاد في طريق الحل وتساهم في انقاذ البلد. فلماذا لا تفعل؟ المهم ان سفراء دول اللجنة الخماسية اجتمعوا في مقر اقامة السفير السعودي وليد بخاري في اليرزة ووضعوا خطة لتحركهم، تمهيداً لاجتماع اللجنة في مطع الشهر المقبل، التي ستضع خطة لاقناع المعنيين اللبنانيين بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد تم الاتفاق من خلال الاتصالات الجارية في ما بينهم، على البحث عن الشخص الثالث الحيادي والقادر ليتولى المسؤولية في هذا الظرف المصيري الا ان الكلمة تبقى للبنانيين انفسهم. فاللجنة لم تدخل في لعبة الاسماء، بل وضعت مواصفات وتركت للمجلس النيابي اختيار الاشخاص الذين تنطبق عليهم هذه المواصفات. فهل تنجح المحاولة هذه المرة، ام يستمر التدهور الذي لامس القعر على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والسياسية والمعيشية والتربوية وغيرها؟ اللبنانيون ينتظرون.