نشاط دبلوماسي لافت يقابله شلل داخلي والشغور الرئاسي ينتظر غزة
تلقت اسرائيل ضربة هي الاعنف منذ هجوم حماس في السابع من تشرين الاول الماضي، استطاعت حماس تدمير منزل كان يختبىء فيه 21 ضابطاً وجندياً اسرائيلياً فقضوا جميعاً، الامر الذي اثار الداخل الاسرائيلي وعلت الاصوات تطالب برحيل نتانياهو، لانه فشل في حماية الاسرائيليين. اما هو فاكد تمكسه بمواصلة الحرب لاسباب باتت معروفة من الجميع، وهي الحفاظ على بقائه في السلطة. ولم يقتصر التصعيد على غزة، بل انه امتد وبعنف الى الحدود الجنوبية اللبنانية فشن الجيش العدواني غارات كثيفة شملت عدداً من القرى الجنوبية، واتبعها بالقصف المدفعي والصاروخي، واوقع ضحايا بين السكان الجنوبيين كما دمر منازل، فرد حزب الله على هذه الاعتداءات بعنف وقصف للمرة الثانية قاعدة ميرون واصابها اصابات مباشرة.
هذا العنف المتصاعد لم يؤثر على التحرك الدبلوماسي الناشط، في محاولة لوقف الحرب على الحدود الجنوبية وتنفيذ القرار الدولي 1701، وكذلك العمل على تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، لاعادة انتخاب رئيس للجمهورية. اذ لا يمكن لبلد ان يسير بصورة طبيعية بدون رأس. فالظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد تحتم وجود رئيس وحكومة فاعلة. اما اللجنة الخماسية التي تحركت في الايام الاخيرة، فلم يجتمع سفراؤها كما كان متوقعاً وارجأوا اجتماعهم الى وقت لاحق، قد يكون الاسبوع المقبل، الا انهم واصلوا لقاءاتهم منفردين مع الفاعليات السياسية اللبنانية وفي هذا الاطار، زار امس سفيرا السعودية ومصر منفردين رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتركزت المحادثات على الوضع الامني في الجنوب وعلى اعادة فتح المجلس ودعوة النواب الى انتخاب رئيس للجمهورية. بعد اللقاء تحدث السفير المصري فقال تناولنا مجمل الاوضاع في المنطقة وما يحدث من تطورات، وتأثيرها وتفاعلها على المنطقة وعلى دولها، خصوصاً على مصر ولبنان. وقد استمعت الى تقويمات دولته ورؤىته للمستقبل وطرحت عليه ايضاً تقويمنا، وتناولنا ايضاً مسألة الشغور الرئاسي ودور اللجنة الخماسية وخريطة عملها في المستقبل. وعن تأجيل موعد سفراء اللجنة الخماسية مع الرئيس بري قال: ان لقاء اليوم هو فرصة للتأكيد ان الموقف في الخماسية موقف واحد وموحد. وامس التقيت الرئيس ميقاتي ونقلت له الرسالة عينها. وحول ضرورة فصل الملف الرئاسي عما يجري في قطاع غزة قال: من طبيعة الامور ان اي دولة في العالم يجب ان يكون لها رئيس، وفي الظروف المشددة والحرجة يتطلب اكثر من هذا الامر، وبالتالي نحن نرى ان ما يحصل في المنطقة، وما يواجهه لبنان من تحديات يستوجب الاسراع في اتمام هذا الاستحقاق، وهو انتخاب رئيس في اسوع وقت ممكن.
كذلك كان مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين على اتصال مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للبحث في الوضع اللبناني. ومعلوم ان الولايات المتحدة عينت هوكستين ممثلاً لها في اللجنة باعتبار انه يعرف جيداً الوضع.
في السياق تابع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اتصالاته في نيويورك، حيث يشارك في اجتماع مجلس الامن الذي يبحث الوضع في المنطقة وبالتحديد الحرب على غزة. ولهذه الغاية التقى مع نظيره الفرنسي ستيفان سيغورنه ودعاه لزيارة لبنان. وشكر لفرنسا وضعها لبنان دائماً على جدول اولويات سياستها الخارجية اضافة الى المتابعة الشخصية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقضايا لبنان. كما رحب باي دور ممكن ان تلعبه فرنسا لخفض التصعيد في الجنوب، والتطبيق الشامل والمتوازن لقرار مجلس الامن الدولي 1701، مؤكداً جهوزية لبنان لحل متكامل، يوفر الامن والاطمئنان ويعيد الاراضي التي ما زالت محتلة وينهي الخروقات والاستفزازات، ورحب باستعداد فرنسا لمساعدة الجيش اللبناني ودعمه وبمهمة اليونيفيل في حفظ الاستقرار في الجنوب.
وفي بيروت استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وزير الخارجية الاسباني مانويل الباريز بوينو. وشكر ميقاتي الدور الذي تقوم به اسبانيا وما تقوم به الكتيبة الاسبانية العاملة في اطار القوات الدولية (اليونيفيل) وقائدها الجنرال ارولدو لاثارو، وجدد التزام لبنان بالقرار الدولي 1701. وقال ان اسبانيا اقترحت دعوة عاجلة لعقد مؤتمر دولي للسلام، ودعت الى حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين.
اذاً الحركة الدبلوماسية ناشطة ومكثفة على عكس حركة الداخل حيث الكتل النيابية والفاعليات السياسية لا تقوم باي نشاط لمواجهة هذا الشلل القاتل. فعسى ان تنجح الجهود الدبلوماسية باقناع اللبنانيين بالمرشح الثالث، الذي تؤيده جميع الاطراف. الا ان الامور مجمدة على ما يبدو الى ما بعد حرب غزة رغم اقتناع الوسطاء بضرورة فصل الرئاسة عن الحرب في المنطقة.