ثلاثة ملفات مقلقة حملها العام 2024 الا ان افق الحلول لا يزال مسدوداً
ودع لبنان والعالم العام 2023 واستقبل العام الجديد باحتفالات عمت مختلف المناطق. وتناسى اللبنانيون ولو لساعات قليلة مآسي العام الفائت وعاشوا فرحة افتقدوها منذ سنوات بعيدة. وانتهت السكرة وجاءت الفكرة. فكيف يطل العام 2024؟
حمل العام الجديد معه ملفات عديدة طالما عانى منها اللبنانيون ولا يزالون، وابرزها ثلاثة: الشغور الرئاسي، والوضع المقلق على الحدود الجنوبية، والازمات الاقتصادية التي تلقي بثقلها على اللبنانيين وتحول حياتهم الى جحيم. فعلى صعيد الشغور في منصب رئاسة الجمهورية مضت خمسة عشر شهراً ولبنان بلا رئيس للجمهورية، الامر الذي زاد من انهيار الدولة وتفككها، والسبب طبعاً الانقسام العمودي بين الكتل السياسية المتصارعة، دفاعاً عن مصالحها الخاصة على حساب المصلحة الوطنية. وتكاثرت الدعوات في الاونة الاخيرة لانتخاب رئيس، وحمّل البطريرك الماروني بشاره الراعي المجلس النيابي ورئيسه المسؤولية عن الشغور القاتل، واعتبر ان عدم انتخاب رئيس هو خيانة للوطن وللمواطنين. هذه الدعوات حركت المعنيين، ونقل عن الرئيس بري قوله، انه ابتداء من مطلع العام سيبدأ باتصالات جدية واسعة النطاق لسد الفراغ. لقد اظهر التمديد لقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية، ان الانقسامات الحادة بين السياسيين هي السبب في كل هذا الانهيار. وعندما حصل التوافق استطاع المجلس النيابي وبسرعة اتخاذ قرار التمديد، الذي حمى المؤسسة العسكرية وحمى لبنان. كذلك علم ان اللجنة الخماسية المهتمة بشؤون لبنان (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) ستستأف تحركها، في محاولة لتقريب وجهات النظر واقفال الملف الرئاسي. وتؤكد مصادر مطلعة ان لبنان سيكون له رئيس للجمهورية في الربع الاول من العام الجديد. فهل تصح هذه التوقعات وهل تنجح المساعي الخيّرة في تحقيق الهدف الذي طالما شغل اللبنانيين.
اما الوضع على الحدود الجنوبية، فقد سجل في الاونة الاخيرة سخونة مقلقة، وبات الانزلاق الى الحرب امراً واقعاً. وعلى كل حال فقد اعلن الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لحزب الله، ان لبنان دخل الحرب ولن يتوقف الا اذا توقفت الحرب على غزة، وهذا ما زاد من خوف اللبنانيين وقلقهم على المصير. وقد فشلت حتى الساعة كل الوساطات التي دخلت على الخط، لتطبيق القرار الدولي 1701 من قبل كل الاطراف لانه وحده يحمي لبنان. الا ان حزب الله لا يزال يرفض البحث في تنفيذ هذا القرار الا بعد توقف الحرب على غزة. وعلم ان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ومستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة اموس هوكستين دخلا على الخط، بعيداً عن الاضواء. لاصلاح المخالفات التي ارتكبتها اسرائيل على الخط الازرق، وتثبيت الحدود اللبنانية المعترف بها، وهي ثابتة اصلاً ولا تحتاج الى اعادة ترسيم، بل تتطلب ازالة المخالفات فان نجحا في مهمتهما يكونان قد ساهما بشكل جدي في ازالة اسباب التوتر على الحدود. ويعود الاستقرار الى المنطقة.
اما الوضع الاقتصادي المتردي والذي ينعكس على حياة اللبنانيين، فهو بحاجة الى اصلاحات، فشلت حكومة تصريف الاعمال في تحقيقها، والحل في انتخاب رئيس وتشكيل حكومة فاعلة وكاملة الصلاحيات تضع لبنان على الطريق السليم. وبانتظار ذلك يتوجب على وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك، بذل اقصى الجهود، رغم ضآلة عدد المراقبين، لوضع حد لتفلت الاسعار وجشع بعض التجار الذين يتاجرون بلقمة الفقير لتحقيق اطماعهم في تكديس الثروات. هذا التفلت ظهر جلياً في فترة الاعياد اذ ارتفعت اسعار معظم السلع وبالدولار، فكانت الارباح مزدوجة. مع العلم ان موجة الغلاء الفاحش زادت من متاعب الكثيرين الذين باتوا عاجزين عن تأمين قوتهم اليومي، وهذه حالة مقلقة للغاية لانها تؤسس لانفجار شعبي كبير، خصوصاً وان حكومة تصريف الاعمال اظهرت عدم خبرة في معالجة الوضع المأساوي، وبدل ان توازي بين مطالبها وقدرة المواطنين على الاستجابة، راحت تفرض الضرائب بصورة عشوائية زادت الامور تعقيداً.
ان معالجة الملف الاول بانتخاب رئيس يؤسس لحلول لكل هذه المشاكل لانه يفتح باب المعالجة، والعيون شاخصة على المجلس النيابي ورئيسه وعلى الوساطات الخارجية التي تريد الخير للبنان.