سياسة لبنانيةلبنانيات

خلاف بعبدا والسرايا ظهر الى العلن فتعطل تشكيل حكومة جديدة

الاضرابات تشل كل القطاعات وتنعكس سلباً على المضربين والمواطنين

الخلاف السياسي تصاعد وظهر الى العلن، وجرى تبادل الحملات بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر. وانعكس ذلك على العلاقات بين السرايا الحكومية وقصر بعبدا. فقد اصدر مكتب الرئيىس نجيب ميقاتي بياناً اشار فيه: «منذ ايام يتم التداول باخبار وتسريبات منسوبة الى رئاسة الجمهورية، او الى بعض من يدورون في فلكها، تتناول شخص دولة الرئيس ومهمة تشكيل الحكومة، واستطراداً العلاقة بين فخامة الرئيس ودولة الرئيس. في هذا السياق اوضح انه يوم الثلاثاء من الاسبوع الفائت، وفي اطار مهمته بتشكيل الحكومة والتعاون مع فخامة الرئيس في هذا لصدد، اتصل مكتب الرئيس ميقاتي بمدير المراسم في القصر الجمهوري نبيل شديد، وطلب موعداً فتم ابلاغ المتصل: «سنعود اليكم بعد قليل». وحتى الان لم يتصل احد. لا بل على العكس تم تسريب اخبار عن وساطة قام بها احد الوزراء، وقد نفاها الوزير نفسه. كما تردد عن جواب سلبي للرئيس عون وهذا غير صحيح».
وتابع البيان يقول: «وبالتزامن صدر بيان عن نشاط فخامة الرئيس يشير الى انه يتابع تشكيل الحكومة. فمع من كان يتابع». وقال بيان ميقاتي ان التشكيلة التي قدمها هي نتيجة قناعة بالمعطيات المتوفرة ومواقف الكتل والنواب والقيادات والشخصيات السياسية، وهي الاطار المناسب للبحث مع فخامته. وقال ايضاً ان الاساءات المتكررة الى رئاسة مجلس الوزراء تمتد على الصعيد الوطني والى شخص دولته، وتمثل انحطاطاً على مستوى التخاطب، وتسيء للجميع على المستوى الوطني.
هذه هي الاجواء السياسية المعطلة بين المسؤولين، فكيف يمكن التفاؤل بتشكيل حكومة جديدة. لقد بات واضحاً من خلال هذه المواقف ان حكومة تصريف الاعمال ستبقى الى نهاية العهد، على امل ان تتكثف الجهود لانتخاب رئيىس جديد للجمهورية.
هذا الانهيار السياسي يقابله انهيار اداري بعد ان عطلت الاضرابات المتنقلة، من موظفي القطاع العام، الى الجامعة اللبنانية الى خبراء الارصاد الجوية الى موظفي وزارة المالية الى اخر المعزوفة، بحيث لم يبق قطاع واحد يعمل. وكان القرار برفع رواتب القضاة دون غيرهم من موظفي القطاع العام، هو الشرارة التي اشعلت كل هذه الاضرابات. ويطالب المضربون بالمساواة بين الجميع.
الرئيس نبيه بري دخل على خط الاضرابات، فتابع الاوضاع العامة والشؤون المعيشية، لا سيما قضية الرواتب، وخصوصاً التمييز القائم بين فئة واخرى من موظفي القطاع العام. ولفت الى ان هذا التفاوت سيؤدي الى انهيارات اكبر من الانهيار المالي والاقتصادي، وستكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية لا تحمد عقباها. ودعا بري الى تصحيح هذا الامر وتجميده اذا لزم قبل فوات الاوان.
وتوالت التعليقات على اضراب القطاع العام. ويقول الخبراء هذا الاضراب يضر بالمضربين قبل غيرهم. فالاموال التي تدخل الى الخزينة تأتي من المعاملات، وهي اليوم متوقفة بسبب الاضراب. وقد نصل الى وقت تصبح فيه الدولة عاجزة عن دفع رواتب الموظفين المضربين. واذا ارادت تلبية طلبات الموظفين فسنطر الى طبع العملة، وبذلك تزيد نسبة التضخم. لذلك لجأ وزير العمل الى الطلب بالعمل يومين في الاسبوع، ويجب الاخذ بعين الاعتبار ان الاضراب شل المرفأ، وتوقف الاستيراد والتصدير وتتكدس المواد في الحاويات، وهذا ينعكس على التجار ويكلفهم مبالغ كبيرة، سيضطر المستهلكون الى دفعها من خلال زيادة الاسعار على المستهلك.
والازمة الكبرى التي تواجه المواطنين الى جانب ازمة الرغيف المتصاعدة، رغم التصريحات المعاكسة، هي ازمة الكهرباء، بحيث بتنا نتقدم رويداً رويداً نحو العتمة الشاملة. فالبنك الدولي لن يدفع لاستجرار الغاز من مصر والطاقة الكهربائية من الاردن، لأن وزارة الطاقة لم تنفذ بنداً واحداً من الشروط المطلوبة، من رفع الاسعار الى ازالة التعدي عن التيار، الى الهيئة الناظمة الى غيرها. كذلك فان المفاوضات مع العراق لتمديد العقد بتزويد لبنان بالغاز اويل وزيادة الكمية لم تصل الى نتيجة، بسبب تقاعس وزارة الطاقة عن تأمين المال اللازم.
هذه هي الحياة التي يعيشها اللبناني في ظل منظومة لا تحرك ساكناً لمعالجة الكوارث الساقطة على رؤوس المواطنين. فهل يسقط لبنان بالضربة القاضية على ايدي هذه المنظومة؟ فعين الدول على الشعب اللبناني الذي يعاني كل هذه الويلات، وهي ارأف به من المسؤولين عنه. فسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو دعت امس الطبقة السياسية الى احترام المهل الدستورية وانتخاب رئيىس للجمهورية في الموعد المحدد بالدستور، وترسيم الحدود البحرية على ان ينشط المجلس النيابي فيقر القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي، ومتابعة انفجار مرفأ بيروت وايصال الحق الى اصحابه وتحديد المسؤوليات. فهل من سميع او مجيب؟ وهل يدرك اهل السياسة ان عليهم مسؤوليات يجب تحملها بصدق بعيداً عن المصالح الخاصة والاسراع في تشكيل حكومة تضبط كل هذه الويلات؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق