إسرائيل وحماس تبديان بوادر استعداد لهدنة جديدة
يتوجه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الأربعاء إلى مصر لبحث وقف إطلاق نار في غزة، بعدما أبدت إسرائيل استعدادها للموافقة على هدنة جديدة لقاء إطلاق سراح رهائن.
ومع مضي أكثر من شهرين على اندلاع الحرب، يصدر طرفا النزاع مؤشرات انفتاح على هدنة جديدة بعدما أتاحت هدنة سابقة استمرت أسبوعاً إطلاق سراح 105 رهائن من قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح 240 معتقلاً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
وفي هذا السياق يتوجه هنية برفقة «وفد قيادي» من الحركة إلى مصر حيث يعقد عدداً من اللقاءات أبرزها مع مدير المخابرات المصرية عباس كامل للبحث في «وقف العدوان والحرب تمهيداً لصفقة تبادل بين الأسرى وإنهاء الحصار على قطاع غزة، على ما أفاد مصدر في حماس وكالة فرانس برس.
في المقابل، أعلن الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الثلاثاء أن «إسرائيل مستعدة لهدنة إنسانية جديدة ومساعدة إنسانية إضافية للسماح بإطلاق سراح الرهائن».
وانطلقت شرارة الحرب في 7 تشرين الأول (أكتوبر) بهجوم غير مسبوق شنّته حماس داخل إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، أوقع نحو 1140 قتيلاً، غالبيتهم من المدنيين، كما اقتيد نحو 250 رهينة إلى القطاع، وفقاً للسلطات الإسرائيلية، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة.
ورداً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل «القضاء» على حماس وبدأت هجوما واسع النطاق تسبب بدمار هائل في قطاع غزة. وأوقع القصف 19667 قتيلاً على الأقل، نحو 70 في المئة منهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لحكومة حماس الثلاثاء.
مفاوضات في الكواليس
وكانت هدنة أولى استمرت من 24 تشرين الثاني (نوفمبر) وحتى الأول من كانون الأول (ديسمبر) أتاحت الإفراج عن 80 رهينة كانوا محتجزين في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو خلال لقاء مع عائلات الرهائن الثلاثاء أنه أوفد مؤخراً «مرّتين مدير الموساد إلى أوروبا لتنشيط مسار الإفراج عن الرهائن» المحتجزين لدى حماس وفصائل فلسطينية مسلّحة أخرى.
وقال «واجبنا هو إعادتهم جميعاً».
ويبدو أن مفاوضات أخرى تجري في الكواليس، إذ أفاد موقع أكسيوس أن إسرائيل عرضت عبر قطر التي لعبت دور الوسيط في المفاوضات التي أفضت إلى الهدنة السابقة، وقف القتال لمدة أسبوع على الأقل في إطار صفقة جديدة لإطلاق سراح عشرات الرهائن.
وتطالب حماس بوقف المعارك كشرط مسبق لأي تفاوض بهذا الشأن.
وشددت حركة الجهاد الإسلامي الضغط الثلاثاء بنشرها مقطع فيديو قالت إنّه لرهينتين على قيد الحياة تحتجزهما في غزة، داعية إلى تسوية تسمح لهما بالعودة إلى إسرائيل.
من جهة أخرى، تتواصل مفاوضات شاقة الأربعاء في الأمم المتحدة حيث يعجز مجلس الأمن منذ الإثنين عن إصدار قرار يدعو إلى تعليق الأعمال القتالية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وكان من المقرر التصويت على مشروع القرار الإثنين، لكنه تم إرجاء العملية للمرة الثالثة إلى الأربعاء، فيما يبحث أعضاء المجلس عن صيغة تسمح لهم بتجنب مواجهة طريق مسدود جديد، بعد فيتو أميركي سابق.
وبعدما كان النص يدعو في نسخته الأصلية إلى «وقف عاجل ودائم للأعمال الحربية»، بات يكتفي بالدعوة إلى «تعليق» المعارك.
أزمة إنسانية
ميدانياً، واصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأفادت مصادر في حكومة حماس الأربعاء عن قصف إسرائيلي على رفح وخان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط) تسبب بسقوط 11 قتيلاً على الأقل بحسب تقديرات أولية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه «يوسع نطاق عملياته ويعمقها» في خان يونس.
كما أعلن الجيش العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية في ضواحي مدينة غزة، وتدمير أنفاق لحماس وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذها مؤخراً.
وأفاد الجيش الأربعاء عن مقتل جندي، ما يرفع حصيلة القتلى في صفوفه منذ بدء العمليات البرية في غزة في 27 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 133 عسكرياً.
ويعاني القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي مطبق منذ التاسع من تشرين الأول (أكتوبر)، من أزمة إنسانية خطيرة إذ باتت معظم مستشفياته خارج الخدمة فيما نزح نحو 1،9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من سكانه، من شمال القطاع إلى جنوبه هرباً من الدمار والقصف، وفق الأمم المتحدة.
وأفاد تقرير لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة صدر الأربعاء أن نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الشديد أو الحاد وأن 90% منهم يحرمون بانتظام من الطعام ليوم كامل.
وبالرغم من دخول 127 شاحنة مساعدات وبضائع إلى القطاع الثلاثاء من خلال معبري رفح مع مصر وكرم أبو سالم في شمال إسرائيل، إلا أن هذه الإمدادات لا تكفي إطلاقاً لتلبية أبسط حاجات السكان.
وذكر التقرير أن 10% فقط من المواد الغذائية الضرورية حالياً دخلت إلى قطاع غزة خلال الأيام الـ70 الأخيرة.
وحذر متحدث باسم اليونيسف الثلاثاء من أنه «بدون مياه الشرب والطعام والمرافق الصحية التي لا يوفرها سوى وقف إطلاق نار إنساني، فإن وفيات الأطفال نتيجة الأمراض قد تتخطى عدد الذين قتلوا في القصف».
«لا ماء ولا طعام»
وفي رفح، المدينة الواقعة على الحدود مع مصر والتي يحتشد فيها عشرات آلاف النازحين الفارين من الشمال، قال نزار شاهين الفتى البالغ 15 عاماً لوكالة فرانس برس «لا ندري أين نذهب. اليوم ليس هناك مياه ولا طعام، ليس هناك شيء».
ويتزايد القلق من اتّساع نطاق النزاع في الشرق الأوسط.
ففي شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان، أصيب عنصران من جنود الاحتياط بجروح طفيفة في إطلاق نار من جنوب لبنان، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي الذي أكّد أنّه قصف مواقع لحزب الله.
وفي اليمن، توعد الحوثيون المدعومون من إيران بمواصلة هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر «دعماً لغزة».
وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الثلاثاء من أن هذه الهجمات «تهدد التدفق الحر للتجارة وتعرض البحارة الأبرياء للخطر»، خلال اجتماع عبر الفيديو مع وزراء وممثلين من 43 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، «لمناقشة التهديد المتزايد للأمن البحري في البحر الأحمر».
ا ف ب