إسرائيل تشن أعنف هجماتها على غزة خلال حربها على حماس
قصف الجيش الإسرائيلي المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة خلال ما وصفه بأنه أشرس قتال منذ أن بدأ غزوه البري للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل خمسة أسابيع.
في غضون ذلك ضغطت الولايات المتحدة مجددا على إسرائيل لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وأعلنت إسرائيل أن قواتها، مدعومة بطائرات حربية، وصلت يوم الثلاثاء إلى وسط مدينة خان يونس بجنوب غزة وتحاصر المدينة أيضاً. وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن مقاتليها خاضوا اشتباكات عنيفة مع الإسرائيليين.
وقال قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي الجنرال يارون فينكلمان في بيان «إننا اليوم في أشرس أيام المعارك منذ بداية العملية البرية».
وهذه أيضاً أكثر المعارك ضراوة منذ انهيار الهدنة بين إسرائيل وحماس الأسبوع الماضي. وقال فينكلمان إن القوات الإسرائيلية قاتلت أيضاً في جباليا وفي حي الشجاعية باتجاه الشرق.
وقال الجناح العسكري لحركة حماس إنه قتل أو أصاب ثمانية جنود إسرائيليين ودمر 24 مركبة عسكرية الثلاثاء. وأفاد موقع عسكري إسرائيلي على الإنترنت بمقتل اثنين من قوات الجيش يوم الثلاثاء ليصل إجمالي عدد العسكريين القتلى إلى 83 منذ بدء العملية البرية.
وقال مسؤولو الصحة في غزة إن عدداً كبيراً من المدنيين قتلوا في غارة إسرائيلية على منازل في دير البلح شمالي خان يونس.
وقال الدكتور إياد الجابري مدير مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح لرويترز إن المستشفى استقبل 45 قتيلاً على الأقل جراء القصف الإسرائيلي لمنازل ثلاث عائلات هناك.
ولم تتمكن رويترز من الوصول إلى المنطقة أو تأكيد عدد القتلى.
وأطلقت إسرائيل حملتها على قطاع غزة المكتظ بالسكان رداً على هجوم شنه مقاتلو حماس في السابع من تشرين الأول (اكتوبر) على بلدات إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، وفقاً للإحصاء الإسرائيلي.
وتحقق الشرطة الإسرائيلية في مزاعم ارتكاب جرائم جنسية، وقالت وزارة العدل الإسرائيلية إن «الضحايا تعرضوا للتعذيب والإيذاء الجسدي والاغتصاب والحرق أحياء وتمزيق الأوصال». وتنفي حماس بشدة مزاعم الاعتداء الجنسي أو التشويه من قبل أعضاء جناحها المسلح.
وقال المكتب الإعلامي لحماس يوم الثلاثاء إن عدد القتلى الفلسطينيين جراء الهجمات الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول (اكتوبر) تجاوز 16248، منهم 7112 قاصراً و4885 امرأة، مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا مدفونين تحت الأنقاض.
ولم يتسن حتى الآن التحقق من أرقام المكتب الإعلامي من خلال وزارة الصحة في غزة.
ضغط أميركي على إسرائيل
منذ انهيار الهدنة، تنشر إسرائيل خريطة على الإنترنت لإعلام سكان غزة بالأجزاء التي يجب إخلاؤها من القطاع. وتم وضع علامة على الحي الشرقي لمدينة خان يونس يوم الاثنين، وهو موطن لمئات الآلاف من الأشخاص، الذين هرب كثيرون منهم سيراً على الأقدام.
ويقول سكان غزة إنه لم يعد هناك مكان آمن يذهبون إليه، حيث إن البلدات والملاجئ المتبقية مكتظة بالفعل بينما تواصل إسرائيل قصف المناطق التي تطلب من الناس الذهاب إليها.
وفي مستشفى ناصر الرئيسي في خان يونس، تدفق الجرحى في سيارات إسعاف وسيارات عادية وشاحنة مسطحة وعربة يجرها حمار بعد ما وصفه ناجون بأنه غارة استهدفت مدرسة تستخدم مأوى للنازحين.
وداخل أحد الأقسام بالمستشفى كان الجرحى، وبينهم أطفال صغار، يشغلون كل شبر تقريباً على الأرض التي تناثرت عليها بقع الدماء وهرع المسعفون من مريض إلى آخر بينما كان أقاربهم ينتحبون.
وحمل طبيب جثة هامدة لصبي ليضعها في زاوية بينما تباعدت ذراعاها على الأرض حيث سالت الدماء.
وكانت هناك فتاتان صغيرتان تتلقيان العلاج بينما لا يزال الغبار يغطيهما من جراء انهيار المنزل الذي دفنت فيه أسرتهما. وقالت إحداهما وهي تبكي «والداي تحت الأنقاض… أريد أمي، أريد أمي، أريد عائلتي».
ووسط الانتقادات الدولية المستمرة لمحنة غزة، أكدت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، الثلاثاء أن على إسرائيل بذل المزيد من الجهد للسماح بدخول الوقود وغيره من المساعدات إلى القطاع والحد من الأذى الذي يلحق بالمدنيين.
وعلى الرغم من تزايد عدد القتلى، قالت واشنطن إن إسرائيل تبدي الآن بعض الانفتاح على الدعوات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي «مستوى المساعدات التي يجري إدخالها ليس كافياً. يجب أن يرتفع وقد أوضحنا ذلك لحكومة إسرائيل».
ونقل الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء عن ناجين وشهود أن مسلحي حركة حماس تناوبوا على اغتصاب نساء ومثلوا بجثثهن خلال هجومهم على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (اكتوبر).
وقال خلال حفل لجمع تبرعات لأغراض سياسية في بوسطن «إنه أمر مروع».
ونددت حماس في بيان عبر قناتها على تيليغرام بتصريحات بايدن ووصفتها بأنها اتهامات كاذبة وقالت إنه ينضم إلى جهود إسرائيل الرامية للتستر على جرائم الحرب في غزة التي ارتكبت بدعم أميركي.
وقالت في البيان «نستنكر بشدة تبني الرئيس الأميركي بايدن مزاعم صهيونية تحاول اتهام مقاومينا الأبطال زوراً بارتكاب عنف جنسي واغتصاب… تكرار هذا الكذب المفضوح سلوك صهيوني يهدف للتغطية على جريمة حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي يمارسه جيش الاحتلال» بدعم وأسلحة أميركية.
وفي القدس، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى مزاعم الاغتصاب وغيره من الانتهاكات خلال اجتماع مع عائلات الرهائن يوم الثلاثاء، في مواجهة وصفها بعض الحاضرين بأنها كانت مليئة بالغضب من طريقة تعامل الحكومة مع الموقف.
وقال نتانياهو في مؤتمر صحفي «سمعت قصصاً مزقت قلبي… سمعت وسمعتم أيضاً، عن اعتداءات جنسية وحالات اغتصاب وحشي ليس لها مثيل».
وتقول إسرائيل إن عدداً من النساء والأطفال ما زالوا في أيدي حماس. وخلال فترة توقف القتال، أعادت حماس أكثر من 100 رهينة بينما بقي 138 محتجزاً.
واتهم بايدن حماس بالمسؤولية عن انهيار الهدنة الأسبوع الماضي، قائلاً «رفض الحركة المسلحة إطلاق سراح الشابات المتبقيات هو ما أدى لانهيار هذا الاتفاق».
وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بالمسؤولية عن فشل المفاوضات.
ورداً على سؤال في وقت متأخر من يوم الثلاثاء عما إذا كانت حماس هي الجماعة الوحيدة التي تحتجز رهائن أميركيين في غزة، قال بايدن «حسناً، هناك آخرون… لن أتحدث أكثر عن الأمر. لن نتراجع».
وقال أسامة حمدان القيادي في حماس يوم الثلاثاء إنه لن تكون هناك مفاوضات أو تبادل للمحتجزين حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبشكل منفصل، فرضت الولايات المتحدة حظرا على منح تأشيرات للمتورطين في أعمال عنف بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل بعد مناشدات لها لبذل المزيد من الجهود لمنع هجمات المستوطنين اليهود على الفلسطينيين.
وأدان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الثلاثاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) يوم الأربعاء بأن شابين فلسطينيين صغيرين قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي في طوباس بالضفة الغربية.
وذكرت الوكالة «استشهد مواطنان وأصيب ثلاثة آخرون برصاص الاحتلال خلال مواجهات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت فجر اليوم الأربعاء مخيم الفارعة وبلدة طمون جنوب طوباس».
رويترز