اشتباكات الحدود الجنوبية اللبنانية لامست الخطوط الحمر فهل اتخذ القرار بدخول الحرب؟
هل سقطت التطمينات التي تتردد دائماً بان الوضع العسكري على الحدود الجنوبية مضبوط، ويتطور وفق قواعد محددة، لا يخرج المتقاتلون عنها؟ فقد شهدت الجبهة هذه في اليومين الماضيين تصعيداً كبيراً قال المراسلون الذين يتابعون سير المعركة، ان القصف لامس الخطوط الحمر من كلا الطرفين، حتى اقترب من الانزلاق الى الحرب المدمرة. وكان يوم امس الاعنف. فقد استخدم حزب الله صواريخ «البركان»، فقصف ثكنة عسكرية اسرائيلية اوقع فيها خسائر كبرى في الارواح والتجهيزات، ثم اتبع ذلك بمسيرات انتحارية استهدفت تجمعاً لجنود العدو قرب مستوطنة كريات شمونة فسقط عدد من الجنود بين قتيل وجريح. وقد رد الجيش الاسرائيلي بقصف عنيف جداً، استهدف عدداً من القرى الجنوبية ووصل الى الخيام، حيث دمر القصف المعادي منزلاً من ثلاث طبقات، قيل انه قرب منزل النائب علي حسن خليل. كما استهدف القصف منزل النائب قبلان قبلان عضو كتلة التنمية والتحرير في ميس الجبل. وسقطت قذائف عدة بين المنازل في بعض القرى المستهدفة.
هذا القتال التصاعدي اوحى بان دخول لبنان الحرب اصبح وارداً بعد توسيعها. وزاد من هذا الاحتمال، اقدام الحوثيين في اليمن على خطف سفينة اسرائيلية وقادوها الى مرفأ في الحديدة. كما هددوا بالتعرض لاي سفينة اسرائيلية تجتاز باب المندب. واذا استمر قصف غزة مستهدفاً المدنيين فان الحوثيين سيعمدون الى منع الملاحة في البحر الاحمر، فهل يدل هذا على ان القرار اتخذ بتوسيع رقعة الحرب لتشمل المنطقة كلها، وعندها يصبح لبنان في قلب المعركة.
الوضع الخطر على الحدود الجنوبية اللبنانية اقلق البيت الابيض والرئيس الاميركي جو بايدن بالذات، فاوفد كبير مستشاريه لشؤون الطاقة اموس هوكستين الى اسرائيل لحثها على عدم امتداد الحرب الى لبنان بحيث تتحرك الجبهات كلها دفعة واحدة. وهوكستين خبير في الوضع الحدودي فهو الذي عمل على ترسيم الحدود البحرية، التي قال عنها لدى وصوله الى اسرائيل بان الترسيم لا يزال قائماً، وان العمل يجب ان يستتبع بترسيم الحدود البرية. اسرائيل طلبت الضغط على حزب الله لوقف استهدافه الجيش والمستوطنات على الحدود. فهل ينجح الموفد الاميركي في وقف آلة الحرب المدمرة؟
هذه التطورات الخطيرة تترافق مع جلسة مغلقة يعقدها مجلس الامن الدولي اليوم للبحث في تقرير يوانا فرنشسكا ممثلة المنظمة الدولية في لبنان، حول القرار 1701، وهي التي سبق لها وطالبت مراراً باحترام هذا القرار لمنع الانزلاق الى الحرب باختصار ان لبنان على فوهة بركان وهو مهدد في كل لحظة بالانفجار.
كل هذه التطورات الخطيرة لم تحرك ساكناً لدى اي من المسؤولين، وهم في الحقيقة ليسوا اهلاً للمسؤولية، ويبرهنون على ذلك بصمتهم المطبق حيال ما يجري، وكأن الامر لا يعنيهم. حتى انهم فشلوا في معالجة الامور الداخلية الملحة. فالمجلس النيابي يمتنع منذ اكثر من سنة عن انتخاب رئيس للجمهورية. فهل ان الجسم قادر على التحرك بلا رأس؟ لماذا لا يحل هذا المجلس النيابي الذي فشل طوال هذه المدة في القيام بواجبه؟ ان اي انسان لا يعمل يصرف من الخدمة، فلماذا لا يطبق هذا المبدأ على هذا المجلس، وعلى هؤلاء النواب الذين اثبتوا انهم ليسوا على قدر المسؤولية التي حملهم اياها الشعب؟ اما الحكومة فنسأل لماذا هذه المماطلة في التمديد لقائد الجيش وموعد الشغور يقترب بسرعة. هل يريدون تعطيل السلطة كلها، بحيث ان كل مركز يشغر من شاغله، يمتنع المعنيون عن تعيين بديل له، فتنهار الدولة كلها؟ لا رئيس للجمهورية، لا مدير عام اصيل للامن العام. لا حاكم اصيل لمصرف لبنان وقريباً قيادة الجيش وبعدها قيادة الامن الداخلي والحبل على الجرار. انها مؤامرة بحق الشعب اللبناني والبلد كله ولم يظهر حتى الساعة الهدف النهائي منها.