سياسة لبنانيةلبنانيات

انزلاق لبنان الى الحرب على قاب قوسين او ادنى فمن هي الجهة القادرة على تحمل التداعيات؟

هل يستفيق المجلس النيابي المعطل فيمارس الدور الذي كلفه به اللبنانيون؟

غابت الملفات المحلية على اهميتها عن صفحات الجرائد وشاشات التلفزة، وتصدرت اخبار الجبهات من غزة الى الجنوب اللبناني، مروراً باليمن والعراق وسوريا. ويبقى الحيز الاكبر لما يجري في غزة والوحشية غير المسبوقة التي يمارسها العدو الاسرائيلي امام اعين العالم كله، وعجز مجلس الامن الدولي عن القيام بالمهمات التي انشىء من اجلها وهي الدفاع عن حقوق الشعوب. فقد عطل الفيتو اللعين كل القرارات المتعلقة بهذا الشأن، حماية لمصالح خاصة تتعلق بالدول الكبرى.
في غزة يجري سباق بين المحاولات السياسية التي تقوم بها بعض الدول، وفي طليعتها قطر ومصر، لوقف القصف الاسرائيلي الهمجي الذي لا يفرق بين طفل وامرأة ومقاتل، يشجعه على ذلك تأييد الدول الغربية التي اندفعت بشكل غير مسبوق لتأييد المحتل، ولكن سرعان ما اكتشفت خطأها فبدأت تتراجع ولو بخجل. ويجري الحديث الان عن مبادرة تقودها قطر لوقف مؤقت للنار، تمهيداً لاطلاق نحو 80 اسيراً محتجزين لدى حماس والجهاد في غزة. الا ان الحل النهائي لم يتضح بعد، نظراً للشروط الاسرائيلية، فرئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو يحاول اطالة الحرب بقدر ما يستطيع، لانه يدرك ان حياته السياسية انتهت، وان الاسرائيليين ينتظرون اسكات المدافع لدفعه الى المنزل وربما الى السجن. في هذا الوقت يستمر سقوط الضحايا المدنية في غزة، وخصوصاً الاطفال والنساء وقد تجاوز عددها الاحد عشر الفاً.
اما على الجبهة اللبنانية فعلى الرغم من ان الاشتباكات تدور ضمن قواعد محدودة، الا انها بدأت تخرج عن الانضباط بحيث يتوسع القصف المتبادل ويطاول مناطق بعيدة عن الحدود ويصيب السكان والمنازل وكاد امس ينزلق الى الحرب. وهذا الموضوع كان مدار بحث في اللقاء الذي جرى بين الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وقد اكد رئيسي ان ايران لا تتدخل مع المقاومة ولكنه متأكد من ان حزب الله يتصرف بحكمة، بعيداً عن التهور. هذا التصعيد يزيد قلق اللبنانيين الذين يخشون ان تتطور الامور بحيث تخرج عن السيطرة وينزلق لبنان الى الحرب.
اما القمة المشتركة التي انعقدت في الرياض وضمت 57 دولة عربية واسلامية، فقد انقسمت الاراء حولها، البعض رأى ان النتائج كانت مقبولة وهم يراقبون التحركات التي ستلي هذه القمة، اما البعض الاخر فقد انتقدها بعنف، حتى ان النائب السابق وليد جنبلاط طالب بحل الجامعة العربية. ويقول بعض الرافضين لنتائج القمة ان 57 دولة تمثل ثلث الامم المتحدة، وبامكانها لو تحركت بجدية ان تفرض الحل. فهناك شعب يقتل والعالم يدير ظهره وكأنه يفسح المجال امام العدو لاستكمال جريمته.
اين لبنان من كل هذا؟ لقد اصبح واضحاً انه لم يعد يحسب له حساب، في غياب التمثيل الصحيح للسلطة. فلا رئيس للجمهورية يتولى القيادة، ولا حكومة مكتملة الاوصاف وقادرة على اتخاذ القرارات المناسبة، ومجلس نواب متنازل عن كل مهامه. فهو لا ينتخب رئيساً، ولا يشرع لانه هيئة انتخابية. فهل ان دوره اصبح مقتصراً على قبض رواتب لا يستحقها لانه لا يعمل؟ وغياب رئيس للجمهورية يخلق المزيد من المشاكل، ويمدد الشغور ليشمل عدداً من المراكز المهمة، ولعل اهمها على الاطلاق قيادة الجيش، اذ لم يبق سوى اسابيع قليلة ويتقاعد قائد الجيش العماد جوزف عون، ويصبح الجيش بلا قيادة لان رئيس الاركان المفترص فيه قانوناً ان يتسلم القيادة في غياب القائد هو ايضاً مركز شاغر، وعلى هذا الاساس يصبح الجيش بلا قيادة، وهذه جريمة بحق الوطن، وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. ورغم كل ذلك لا يزال المسؤولون غارقين في الحيرة والارتباك وعاجزين عن استنباط حل سريع. فهل هذه هي السلطة التي يعتمد عليها اللبنانيون لانقاذهمم مما يتخبطون به، وما يتهددهم من اخطار داهمة؟ باختصار الانهيار السياسي يتمدد، والمجلس النيابي لا يقوم باي مبادرة لانتخاب رئيس حتى يصار الى اعادة تكوين السلطة. والوضع على الحدود الجنوبية بدأ يفلت من ايدي اللاعبين ويوم امس كنا على قاب قوسين او ادنى من الانزلاق الى الحرب حتى ولو ان المتقاتلين يريدون ذلك، وهذا نبهنا اليه، ونبه اليه الجميع. والسؤال من هي الجهة التي تستطيع ان تتحمل تداعيات حرب مدمرة على هذا الشكل. ان المطلوب ان تسود لغة العقل والمنطق فيسلم لبنان واللبنانيون الذين بدأوا يعانون بشدة من تداعيات ما يجري على الحدود، اقتصادياً ومالياً ومعيشياً. حمى الله هذا البلد الذي دفع الكثير ولم يعد قادراً على المزيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق