سياسة لبنانيةلبنانيات

غزة تشتعل ولهيبها يطاول الحدود الجنوبية اللبنانية والدبلوماسية تتحرك لمنع الانزلاق

للشهر الثاني على التوالي لم تهدأ الجبهات المشتعلة في غزة. فعلى هدير الطائرات الحربية والقصف العنيف غير المسبوق تدور معارك طاحنة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي. ويوماً بعد يوم تشتد ويسقط المزيد من الضحايا المدنية في صفوف الفلسطينيين وقد تجاوز عددها العشرة الاف والخمسمئة بينها اكثر من 4200 طفل وحوالي الثلاثة الاف سيدة. وتدعي اسرائيل ان جيشها اخترق الجبهة ودخل الى شمال غزة، وسط معارك ضارية يتكبد فيها العدو خسائر كبيرة بالعتاد والارواح ويسقط جنوده بعد وقوعهم في كمائن محكمة، وتدمر آلياتهم، وفيما تعمل بعض الدول المساندة للعدو الاسرائيلي على التوصل الى هدنة انسانية، ولكنه يرفض متسلحاً بالتأييد الغربي الاعمى الذي يحميه من السقوط المدوي.
وتتحرك قطر في هذا المجال، فتسعى بدعم اميركي، الى اطلاق سراح عدد من الاسرى المحتجزين لدى حماس يتراوح بين 10 و15 اسيراً مقابل هدنة انسانية تمتد من يوم الى يومين، الا ان نتانياهو يرفض اي وقف لاطلاق النار، وقد بدأ الغرب يدرك خطأ مواقفه، وظهرت بوادر خلاف بين الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو، واطلق وزير الخارجية الاميركية «لاءين» امس في اجتماع مجموعة السبع. «لا» لعودة غزة الى حكم حماس، و«لا» لعودة اسرائيل الى احتلال الضفة. وهناك طروحات عديدة لمستقبل القطاع لا يمكن التكهن بمدى نجاحها، قبل ان تنجلي المعارك وتصمت المدافع.
هذا التصعيد غير المسبوق ينعكس عنفاً على الاشتباكات اليومية الدائرة في الجنوب اللبناني، وقد ازداد الخطر من تفلت الوضع فيجر لبنان الى حرب، يعرف الجميع انه غير قادر على تحملها، في هذه الظروف القاسية التي يمر بها. وتشعر الدول الداعمة للبنان بهذه الخطورة، فيما المسؤولون اللبنانيون يقفون متفرجين، وكأن الخطر بعيد عنهم. وتحرك الاميركيون والفرنسيون في محاولة لمنع انزلاق لبنان الى الحرب. ومن هنا كانت الزيارة التي قام بها كبير مستشاري الرئيس الاميركي الوسيط اموس هوكستين، الذي ابلغ المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم ان الولايات المتحدة جادة في تحذيراتها وترفض دخول لبنان في الحرب. وكذلك تحرك السفير الفرنسي في لبنان، فزار امس رئيس مجلس النواب نبيه بري وابلغه قلق فرنسا بعدما بدأت الاشتباكات تعنف وتتجاوز الحدود المرسومة لها. ويطالب الاميركيون والفرنسيون بنشر الجيش اللبناني بمعاونة اليونيفيل على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، وسحب المسلحين الى شمال الليطاني، وفقاً للقرار 1701. وهذا الطلب علت اصوات متعددة من الداخل تطالب به وتؤيده، الا ان الدولة تظهر عجزاً لافتاً، ولا تتحرك في اتجاه تنفيذ هذا الحل، الذي يجنب البلد الخراب والدمار. وعلى الرغم من ان الطرفين لا يرغبان في الانزلاق نحو الحرب، الا ان التطورات قد تأتي على عكس ما يريده الاطراف، فيجدون انفسهم ان الامور افلتت من يدهم.
هذا الخطر المحدق بالبلد يتطلب سلطة قوية فاعلة على رأسها رئيس للجمهورية قوي، يضع المصلحة الوطنية في اول اولوياته وتتشكل حكومة من النسيج عينه، تتولى اعادة ضبط الامور واطلاق المؤسسات واستعادة سلطة الدولة وهيبتها. الا ان المصلحة الوطنية في واد وهؤلاء الذين يتقاعسون عن القيام بواجباتهم وانتخاب رئيس، في واد اخر. لقد انتخبهم الشعب ليمثلوه ويرعوا مصالحه، فاذا بهم يتنكرون له وللبلد، ويقفون متفرجين على ما يجري وكأن الامر لا يعنيهم. فعلى من يتكل اللبنانيون بعد ذلك؟ فالسلطة القائمة شعارها الوحيد العجز والفشل. وهي تتلهى بالمماحكات والنكايات وتوشك ان ترتكب خطيئة مميتة، بعدم ايجاد حل للشغور الزاحف بعد اسابيع الى قيادة الجيش، المؤسسة الوحيدة الباقية تعمل، ولولاها لسقط البلد وتفكك.
البلد في خطر داهم وما لم يتحرك الذين يمسكون بالسلطة وبسرعة وبقوة فالانهيار الكامل واقع حتماً. والشعب اللبناني هو الضحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق