السخونة الشديدة والمتواصلة عند الحدود الجنوبية تؤشر الى احتمال دخول لبنان الحرب

هل بدأ لبنان ينزلق نحو الحرب؟ لقد اشتدت الاشباكات في الساعات الاخيرة بين العدو الاسرائيلي وحزب الله على الحدود الجنوبية في مؤشر مقلق الى احتمال توسع رقعة القتال وخروجها عن السيطرة. فحتى الامس كانت الامور مضبوطة ضمن قواعد معينة، الا انها بدأت تتوسع وتخرج عن هذا الاطار. وفيما كان القصف لا يمتد الى ابعد من المنطقة المحددة بالخط الازرق، بدأت القنابل الفوسفورية التي يطلقها العدو تأخذ مداها وتتجاوز الاطر المرسومة لها. وهذا ما رفع نسبة القلق لدى المواطنين وهم يعلمون انهم غير قادرين على تحمل تبعات الحرب، نظراً لاوضاعهم المأساوية فهل تعود الامور الى الحدود المرسومة لها، ام انها تتفلت من كل القيود؟
الحكومة التي لا تملك قرار الحرب والسلم، وباعتراف رئيسها تواصل الاتصالات الدبلوماسية المكثفة، طالبة وقف الاعتداءات الاسرائيلية وابعاد شبح الحرب عن لبنان، بعدما وصل الى ما هو عليه اليوم من انهيار وبؤس وجوع. وعلى هذا الاساس كانت للرئيس ميقاتي اتصالات مكثفة مع الشخصيات الاوروبية والدولية طالباً تدخل دولها لمنع الحرب على لبنان. فالتقى لهذه الغاية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي ابلغه ان تركيا تبذل جهوداً واسعة لوقف الحرب، واللجوء الى الحلول السياسية. وتلقى اتصالات من الخارج، وكان ابرزها من امين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش ووزير خارجية الولايات المتحدة انطوني بلينكن الذي شدد على ضرورة عدم جر لبنان الى الحرب. واعلنت وزارة الخارجية الاميركية في بيان لها، ان الوزير بلينكن تحدث الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي واشار الى القلق المتزايد بشأن التوترات المتصاعدة على طول الحدود الجنوبية للبنان. كما شدد على اهمية احترام مصالح الشعب اللبناني الذي سيتضرر من جر لبنان الى الصراع في غزة، مؤكداً دعم واشنطن للشعب اللبناني وللجيش الذي يلقى الدعم الاميركي المتواصل. كذلك اجتمع ميقاتي مع وزيرة الخارجية الالمانية انالينا بيربوك، وعرض معها الاوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين. واكد ميقاتي ان الحكومة تبذل كل جهدها لعودة الهدوء الى الجنوب، داعياً الى ممارسة الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على لبنان، ووقف اطلاق النار في غزة. بدورها نبهت الوزيرة الالمانية الى ضرورة تلافي الحسابات الخاطئة، وابقاء لبنان في منأى عن الصراع قدر المستطاع. وكان ميقاتي قد عقد جلسة لمجلس الوزراء يوم الخميس الماضي شدد خلالها على ضرورة ابقاء لبنان بعيداً عن الحرب.
وما يقلق اللبنانيين الى جانب السخونة المتصاعدة على الحدود، الدعوات التي وجهها العديد من سفراء الدول العربية والغربية الى رعايا بلدانهم يطلبون منهم مغادرة لبنان فوراً. وشهد لبنان مغادرة السياح والمغتربين على وجه السرعة، خوفاً من تدهور الاوضاع، خصوصاً وان اسرائيل تخلي يومياً سكان المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية وتوسع الدائرة. كما ان شركة طيران الشرق الاوسط اعلنت عن تخفيض عدد رحلاتها واعادة جدولتها ابتداء من فجر امس الاحد 22 تشرين الاول 2023، فاشار رئيس الشركة محمد الحوت الى ان الشركة تلقت اشارة الغاء التأمين بنسبة 80 بالمئة يسري مفعولها ابتداء من امس الاحد. ولكن شركات التأمين سمحت للشركة بتسيير رحلات وفق هذا القرار.
ازاء هذه التطورات بدأت الاحداث المقلقة تترك تداعياتها على الداخل. فقد شهدت المناطق الحدودية نزوحاً كبيراً للاهالي وخصوصاً النساء والاطفال والمسنين كما انعكست على الاقتصاد وعلى حركة الاسواق، باستثناء السوبرماركت حيث تهافت الاهالي للتموين، خوفاً من اشتعال الحرب. كذلك يخشى ان ينعكس بطء الحركة الاقتصادية على الليرة اللبنانية فتنخفض قيمتها مما يزيد الاعباء على المواطنين. فهل يستطيع لبنان ان يصمد امام كل هذه التطورات المقلقة، وسط عدم فعالية للتحرك الرسمي وصمت مطبق للقوى والاحزاب السياسية وغياب للمواقف المؤثرة. اذا دخل لبنان الحرب فستكون الاخيرة ربما لانه سينهار كلياً ولا تعود له القدرة على البقاء، خصوصاً وانه منهار اصلاً.